صورة تكشف الماضي العنيف لمجرة "قنطورس أ"
كما قد يكون لنا في حياتنا على الأرض بعض الجيران، يبدو أن هذا ينطبق على المجرات أيضا، وأحد الجيران الغريبة لمجرة درب التبانة هي المجرة "قنطورس أ".
وهي مجرة تبعد أكثر من 12 مليون سنة ضوئية، وهي أحد أقرب المجرات المجاورة لنا مع وجود ثقب أسود فائق الكتلة نشط في مركزها.
وتكمن أوجه الغرابة في الصورة الجديدة التي التقطتها كاميرا الطاقة المظلمة في تشيلي، حيث تبدو مثيرة للاهتمام للغاية بتفاصيل رائعة وغريبة.
وقام باحثو "نوير لاب"، التابع لمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، بتوضيح تفاصيل الصورة في تقرير نشره موقعهم الإلكتروني.
ويقول التقرير المنشور في أوائل سبتمبر/ أيلول الجاري، إن المجرة تبدو وكأنها ملتوية، بحيث لا تشاهد إلا من الجانب فقط، مما يعني أننا لا نستطيع رؤية مركزها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن "قنطورس أ" كثيفة الغبار، وهو ما يظهر في الخطوط الداكنة التي تلتف حول الخارج، ويظهر الالتواء أيضًا في قرصها وفي مجالاتها المغناطيسية، وهذه الخصائص هي دليل على ماضٍ عنيف، يتلخص في احتمالية اصطدامها مع مجرة أخرى تركت بصماتها على "قنطورس أ".
وكان لهذا اللقاء الهائل تأثيرات أخرى أيضًا، حيث تسبب الاصطدام المجري في انفجار تشكل النجوم، وهو أمر مستمر، ويبدو مرئيا في الصورة الجديدة باللون الأحمر المتوهج لسحب الهيدروجين والتوهج الأزرق للنجوم الصغيرة، وما يبدو مرئيا حول ممرات الغبار السميكة.
كما أن الثقب الأسود الهائل لـ"قنطورس أ"، الذي تبلغ كتلته 55 مليون ضعف كتلة الشمس، يولد أيضًا بعض الميزات المثيرة للاهتمام، ومنها نفاثات عملاقة تنطلق من أقطاب الثقب الأسود وتلتهم المواد بنشاط.
ويقول التقرير إن "هذه النفاثات لا تخرج من الثقب الأسود نفسه، حيث تدور المادة حول الجسم الضخم، وتسقط مادة من الحافة الداخلية لهذا القرص على الثقب الأسود".
ومع ذلك، لا تتجاوز كل المواد أفق الحدث، ويعتقد العلماء أن بعضها يتسارع على طول خطوط المجال المغناطيسي خارج الثقب الأسود باتجاه القطبين، حيث يتم إطلاقه بنسبة كبيرة من سرعة الضوء على شكل نفاثة بلازما.
وتنفجر كل نفاثات البلازما الهائلة لـ"قنطورس أ" في الفضاء بين المجرات، مما يخلق فصوصًا واسعة تنبعث منها موجات الراديو، ويبلغ طول هذه الفصوص حوالي مليون سنة ضوئية، ونظرًا لأن المجرة قريبة جدًا فهي شديدة السطوع في السماء، مما يجعل "قنطورس أ" مختبرًا ممتازًا لدراسة كيفية عمل هذه النفاثات.
ولدى مجرة "قنطورس أ" خدعة أخرى رائعة حقًا في جعبتها، فلديها سرب من المجرات القزمية تدور حولها مثل الكواكب حول الشمس، وتتنبأ النماذج بأن المجرات القزمة يجب أن تدور حول مجرة ضخمة في كل اتجاه، وليس بطريقة منظمة.
ولدى مجرتي أندروميدا ودرب التبانة الخاصة بنا أيضًا مجرات قزمة، وهذا بدوره يشير إلى أنه قد يكون لدينا قواسم مشتركة مع "قنطورس أ" أكثر مما كنا نظن.