في رقصة نادرة مع إعصار هامبرتو.. «إيميلدا» يغيّر مساره قرب الساحل الشرقي الأمريكي

على غير ما كان يتوقع خبراء الأرصاد، اتخذ إعصار إيميلدا منعطفًا مفاجئًا جنّب الجنوب الشرقي للولايات المتحدة خطر الاصطدام المباشر.
هذا التحول ارتبط بتفاعل جوي نادر مع إعصار هامبرتو، إلى جانب منظومة ضغط مرتفع آخذة في التوسع فوق شمال شرق البلاد، ما دفع بإيميلدا إلى الانحراف نحو المحيط الأطلسي بعيدًا عن اليابسة.
إيميلدا الذي تعززت قوته يوم الثلاثاء ليبلغ الفئة الأولى برياح سرعتها 85 ميلًا في الساعة، لن يضرب الساحل مباشرة، لكن المخاطر لم تتبدد كليًا، إذ تستمر الأمواج العاتية والتيارات البحرية العنيفة في تهديد المناطق الساحلية، مع احتمالية حدوث فيضانات موضعية.
التحليل العلمي لهذه الحركة غير المألوفة يعود إلى ما يُعرف بظاهرة "تأثير فوجيوارا"، وهي تفاعل يحدث حين يقترب إعصاران من بعضهما إلى مسافة تسمح لكل منهما بالتأثير على مسار الآخر. وقد وصلت المسافة بين إيميلدا وهامبرتو إلى أقل من 500 ميل، وهي مسافة كافية لتشكيل هذا "الرقص الجوي" الذي دفع بإيميلدا إلى الشمال الشرقي بينما انحرف هامبرتو إلى عرض الأطلسي.
ورغم ابتعاد الإعصارين عن الاصطدام المباشر بالولايات المتحدة، فإن تأثيرهما ظهر جليًا في جزر البهاما وعلى امتداد الساحل الشرقي الأمريكي، حيث سببت الأمواج المرتفعة وتيارات السحب العنيفة مخاطر كبيرة حذّرت منها المراكز الوطنية للأرصاد.
تقديرات الأرصاد أكدت أنه لو كان إيميلدا قد ضرب الجنوب الشرقي الأمريكي مباشرة وتباطأ فوق المنطقة، لكان أغرق الأنهار والسواحل بأمطار غزيرة أشبه بما حدث مع إعصار ماثيو عام 2016. وفيما تم تفادي هذا السيناريو، تواصل مراكز الأرصاد متابعة مناطق فلوريدا وخليج المكسيك الغربي والكاريبي لاحتمالية نشوء اضطرابات جديدة خلال الأسابيع المقبلة، وسط تحذيرات من أن سرعة تكوّن العواصف هناك قد تترك وقتًا ضيقًا للاستعداد.
صور الأقمار الصناعية أظهرت أن الإعصار بدأ ينظم بنيته بشكل أوضح، مع ظهور عين شبه مكتملة وعواصف رعدية قوية، بينما يتمركز على بُعد نحو 400 ميل جنوب غرب برمودا. المركز الوطني للأعاصير أوضح في نشرته الصادرة يوم الأربعاء أن الإعصار سيمر بالقرب من برمودا بعد الظهر أو المساء، قبل أن يبتعد عنها بحلول الخميس. ومن المتوقع أن يشتد إلى الفئة الثانية عند اقترابه من الجزيرة قبل أن يضعف تدريجيًا ويتحول إلى عاصفة خارج استوائية.
تأثير الإعصارين لا يقتصر على برمودا، إذ تشهد جزر البهاما والساحل الشرقي الأمريكي أيضًا أمواجًا ضخمة قادرة على تشكيل ظروف بحرية بالغة الخطورة. السلطات المحلية دعت السكان إلى التزام الإرشادات الرسمية، خصوصًا أن هامبرتو كان قد جلب بالفعل رياحًا قوية وأمطارًا إلى شمال برمودا في وقت مبكر، قبل أن يقترب إيميلدا بقوته المتزايدة.
الحكومة في برمودا أعلنت إغلاق المطار والمدارس والمكاتب الحكومية يوم الأربعاء، مع تحذيرات من رياح إعصارية قد تستمر ست ساعات متواصلة. وزير الأمن الوطني في الجزيرة شدد على أن الأمر ليس مجرد عاصفة عابرة، بل تهديد جدي يستدعي أقصى درجات الاستعداد.
ورغم أن التوقعات تشير إلى تلاشي خطر إيميلدا وهامبرتو تدريجيًا مع بداية الأسبوع المقبل، فإن خبراء الأرصاد يحذّرون من الاطمئنان المبكر. الولايات المتحدة لا تزال في ذروة موسم الأعاصير، الذي يمتد عادة من 10 سبتمبر/أيلول حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول.
تشاد ميريل، كبير خبراء الأرصاد في "أكيو ويذر"، أكد أن الموسم لم ينته بعد، مرجّحًا أن تشهد الأسابيع المتبقية عدة عواصف إضافية، بعضها قد يتحول إلى أعاصير قوية.
إيميلدا يُعدّ الإعصار الرابع في موسم 2025، وهو أقل من التوقعات التي أعلنتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في الربيع. لكن مع استمرار الموسم حتى نوفمبر/تشرين الثاني، فإن عدد العواصف المسماة قد يتجاوز حصيلة العام الماضي التي بلغت 18 عاصفة.
وحتى الآن، لم تضرب أي من أعاصير هذا الموسم الولايات المتحدة مباشرة، لكن العام الحالي دخل سجلات التاريخ بالفعل، مع وصول إعصاري إيرين وهامبرتو إلى الفئة الخامسة، وهي الدرجة الأعلى للأعاصير الاستوائية. وبحسب خبراء الأرصاد، لم يشهد المحيط الأطلسي أعوامًا متتالية تضم أكثر من إعصارين بالفئة الخامسة منذ أكثر من تسعين عامًا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز