على مصر إبطاء وتيرة برنامج الإصلاح الاقتصادي.. تحذير "غريب" من الصندوق
يبدو أن الحكومة المصرية مضطرة لإبطاء وتيرة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.. ما السبب؟
قالت رئيسة صندوق النقد الدولي إن مصر قد تحتاج إلى تنفيذ الإصلاحات بوتيرة أبطأ مما كان مقررا في البداية لتجنب الإضرار باستقرار الاقتصاد الكلي، في الوقت الذي يستعد فيه الصندوق لمراجعة حزمة الإنقاذ المالي الجديدة لمصر بقيمة 3 مليارات دولار.
وقالت كريستالينا غورغيفا رئيسة الصندوق في تصريحات للصحفيين، الخميس، إنه في حين اتفقت مصر والصندوق على برنامج جيد يتضمن عناصر رئيسية، منها تحرير أكبر لسعر الصرف وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، فإن السرعة المقررة للتنفيذ "تحددت في ظل ظروف مختلفة".
وأضافت غورغيفا، دون تقديم المزيد من التفاصيل، إنه اتضح بعد ذلك أن الخطة الأصلية يمكن أن تهدد استقرار الاقتصاد الكلي "رأينا في مصر فهما أعمق لمدى تعقيد ليس فقط البيئة المحلية، وإنما أيضا البيئة الإقليمية والعالمية".
وأشارت وكالة بلومبرغ للأنباء إلى أن الحرب الروسية في أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط من العام الماضي أضرت بالاقتصاد المصري، وأثارت أزمة في أسعار الغذاء والوقود، وخفضت إيرادات قطاع السياحة الحيوي للاقتصاد المصري.
من ناحيته، أكد توبياس أدريان، رئيس إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، أنَّ تعديل سعر صرف الجنيه عامل أساسي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مصر؛ «إذ يتيح للبنك المركزي تطبيق السياسات النقدية المواتية للظروف المحلية»، مضيفا «نظرا لارتفاع وتيرة التضخم في مصر فمن الضروري تطبيق مزيج من السياسات النقدية والمالية لاستعادة الاستقرار لاقتصاد البلاد».
وأضاف أدريان، في مقابلة مع تلفزيون الشرق-بلومبرغ على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، في واشنطن، أنَّ البنك المركزي المصري «عليه أن يصل إلى مستهدف التضخم بشكلٍ أو بآخر.. ما زال هناك المزيد من الخطوات المطلوبة لتحقيق ذلك»، مشيرا إلى أنَّ مصر «تلقّت أكثر من صدمة» خارجية وداخلية، وفي مقدمتها الزيادة بأسعار السلع عالميا، لا سيما المواد الغذائية؛ «في حين أنَّ عودة زخم السياحة إلى البلاد لم تكن بالقدر المعهود».
الشريحة الثانية من القرض
قال مسؤول بصندوق النقد الدولي، الخميس، إن مصر والصندوق لم يتفقا بعد على موعد للمراجعة الأولية بموجب حزمة مالية بـ3 مليارات دولار.
وكان صندوق النقد الدولي قد وافق في ديسمبر/كانون الأول 2022 على قرض تسهيل صندوق ممدد بثلاثة مليارات دولار لمصر، التي تئن تحت وطأة ضغوط مالية حادة منذ الحرب في أوكرانيا التي كشفت تداعياتها مشاكل طويلة الأمد.
ويخضع صرف الحزمة في إطار برنامج 46 شهرا لثماني مراجعات، كان تاريخ أولها 15 مارس/آذار 2023، حسب ما ورد في تقرير خبراء الصندوق الذي نُشر في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور "نحن في حوار منتظم مع السلطات من أجل التحضير للمراجعة الأولية، وبدأت الاستعدادات لها وعندما نكون والسلطات مستعدين سنعلن موعدها".
وقال إن من بين الأولويات أن تتبنى مصر سعر صرف مرنا، وخفض التضخم باستخدام أدوات السياسة النقدية خاصة أسعار الفائدة وفتح مساحة أكبر للقطاع الخاص من خلال تكافؤ الفرص مع الشركات الحكومية.
وقال أزعور "قامت مصر بإصلاحات مهمة خلال السنوات القليلة الماضية، وكان الصندوق داعما للغاية... ما زلنا ندعم قائمة أولويات مصر الإصلاحية".
وكان الجنيه قد فقد نحو 50% من قيمته خلال العام الماضي بعد أن أجبرت التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا البنك المركزي المصري على إجراء سلسلة من التخفيضات في قيمة العملة المحلية. وتتزايد التوقعات بأن المركزي سيضطر إلى خفض قيمة الجنيه بشكل أكبر في الأسابيع المقبلة وسط استمرار شح النقد الأجنبي في البلاد.
ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 1000 نقطة أساس منذ مارس/آذار 2022، ومن المرجح أن يضطر إلى رفعها لمستويات أعلى في الأشهر المقبلة مع استمرار الضغوط على الجنيه.
وتراجعت قيمة الجنيه في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لأجل 12 شهرا إلى 41.6 جنيه مقابل الدولار، ارتفاعا من 41 جنيها الأسبوع الماضي، وفقا لبلومبرغ، فيما يجري تداول الدولار في السوق الموازية عند مستوى 35.40 جنيه، حسب ما نقلت مواقع محلية عن تجار لم تسمهم، وظل سعر الصرف الرسمي مستقرا عند 30.96 منذ أكثر من شهر، على الرغم من وعد البنك المركزي في أكتوبر/تشرين الأول بالسماح للعرض والطلب بتحديد سعره.
كما انخفضت السندات المصرية المقومة بالدولار، بما في ذلك السندات القياسية المستحقة في عام 2025، بأكثر من 2.2 سنت في تعاملات أمس، وفقا لما نقلته رويترز عن بيانات تريد ويب.
وما زالت البنوك ورجال الأعمال يشكون من نقص شديد في العملات الأجنبية، وانخفض سعر الجنيه في السوق السوداء إلى نحو 36 جنيها مقابل الدولار.
وفي اتفاق ديسمبر/كانون الأول مع صندوق النقد الدولي، وعدت مصر أيضا ببيع أصول مملوكة للدولة بمليارات الدولارات في السنوات الأربع المقبلة.
ولم تقم الحكومة بأي عمليات بيع كبيرة منذ التوقيع، على الرغم من رفع البنك المركزي أسعار الفائدة للإيداع لليلة واحدة 500 نقطة أساس.
وبحسب تقرير لـ"أسوشيتد برس" فقد أعرب عدد من قادة الأعمال عن شكوكهم بشأن خطط الحكومة لتقليص دورها في اقتصاد البلاد.
ديون مصر للصندوق
تعد مصر ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي، بإجمالي قيمة ديون قائمة 13.2 مليار دولار أمريكي، وسط حاجة القاهرة للسيولة النقدية المرافقة لبرنامج إصلاح اقتصادي حديث بدأته العام الماضي.
كانت الحكومة المصرية أعلنت التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي للحصول على قرض جديد لمعالجة الفجوة التمويلية التي قدرها الصندوق بنحو 17 مليار دولار وحل أزمة النقد الأجنبي.
واستلمت مصر أول دفعة من صندوق النقد الدولي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بينما تظهر وثائق الصندوق أن الدفعات سيتم تسليمها إلى القاهرة في مارس/آذار وسبتمبر/أيلول من كل عام وتحديداً من 2023 إلى 2026.
وخلال العام الماضي، تخارج من مصر قرابة 23 مليار دولار، بحسب تصريحات لوزير المالية المصري الدكتور محمد معيط، على شكل مدفوعات الواردات، وتخارج مستثمرين من أدوات الدين المصرية.
aXA6IDEzLjU4LjM4LjE4NCA= جزيرة ام اند امز