حوار الطرشان بين صندوق النقد وإخوان تونس.. نصائح ما قبل السقوط
سلسلة طويلة من النصائح والإرشادات وجهتها المؤسسات المالية الدولية المانحة لتونس من أجل تأهيل الاقتصاد والعمل على حماية الفقراء والعمال.
النصائح التي وجهها صندوق النقد والبنك الدولي لم تأخذها الحكومة التونسية بعين الاعتبار، فخرج التونسيون إلى الشوارع لتحقيق مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية المشروعة، خاصة بعد تضررهم جراء تفشي فيروس كورونا المستجد على مستوى البلاد.
بعد سنوات من النهضة الاقتصادية، بدأت تونس تلتمس طريق التراجع مع دخول الإخوان تدريجيا سدة الحكم سواء في الحكومة أو البرلمان، لتعيد البلاد عقودا إلى الوراء، بفعل فشل إدارة الملف الاقتصادي.
واليوم، تعيش تونس في ظل حكم الإخوان على المعونات والمنح الخارجية ليست المالية فقط، بل تجاوز ذلك إلى تقديم مساعدات عاجلة للبلاد لمواجهة فيروس كورونا، والذي عجزت عن إدارة ملفه منذ مارس/آذار الماضي.
وهو ما دفع الشعب التونسي للمطالبة بالتغيير وإنهاء عهد الإخوان منذ أمس الأحد، حيث تسارعت الأحداث في تونس لتتكسر مكائد الإخوان على صخور إرادة الشعب، فيسدل سيد قرطاج -"الرئيس التونسي قيس سعيد"ـ الستار على منظومة الإخوان التي أغرقت تونس خلال 10 سنوات.
أول نصائح الصندوق
في 24 يناير/كانون الثاني 2021، دعا صندوق النقد الحكومة في تونس للعمل من أجل حماية الفقراء، من خلال وضع خطة إصلاح اقتصادي وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتأمين الموارد للموازنة العامة للبلاد.
- مليون عائلة تونسية تنتظر تنفيذ قرار البنك الدولي
- تونس على درب لبنان وفنزويلا.. صراع سياسي يزعج صندوق النقد
يأتي ذلك بعد أن نفذ خبراء من صندوق النقد الدولي مهمة دورية بشكل افتراضي في تونس بين ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين.
وقدّر أنه "من الضروري إعطاء أولوية مطلقة للإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية"، مع دعوته إلى "اعتماد خطة إصلاح واسعة النطاق وذات مصداقية" لتحقيق "نمو دائم واحتوائي وشامل على المدى المتوسط".
ويدعو الصندوق السلطات التونسية منذ زمن إلى توجيه مساعدات مباشرة للعائلات الفقيرة عوض نظام دعم أسعار بعض المواد، مثل الخبز والمحروقات، الذي يستفيد منه الجميع حاليا.
كما تدعو الهيئة المالية إلى تقليص عدد الموظفين الحكوميين وخفض الدعم الموجه للشركات العامة التي تواجه صعوبات مالية.
وتعاني عدة شركات عامة، بينها الخطوط الجوية التونسية وشركة فوسفات قفصة، سوء الإدارة وضعف الاستثمار فيها وارتفاع ديونها.
صندوق النقد و"الأجور"
قبل مرور شهر على الرسالة الأولى للصندوق، عمدت الهيئة المالية الدولية لتوجيه ثاني رسائلها للحكومة التونسية من أجل تأمين الموارد للموازنة العامة للبلاد
وطالب صندوق النقد في نهايو فبراير/شباط الماضي، الحكومة التونسية خفض كتلة الأجور ودعم الطاقة من بين حزمة من الإصلاحات الأخرى للحد من العجز المالي المتفاقم.
وقال المجلس التنفيذي، إنه يتعين أن يكون خفض العجز المالي هو هدف سياسة المالية العمومية وما يتعلق بها من إصلاحات مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين.
وارتفعت كتلة الأجور نتيجة التوظيف الإضافي في قطاع الصحة لمجابهة جائحة كورونا إلى نسبة 17.6% من الناتج المحلي الإجمالي وهي من بين النسب الأعلى في العالم.
وحث صندوق النقد على ضرورة تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات العمومية بغية تخفيض التزاماتها الاحتمالية كما حث السلطات على اعتماد خطة للحد من مخاطر هذه المؤسسات على المالية العمومية والنظام المالي، وتعزيز الحوكمة المؤسسية، وتحسين إعداد التقارير المالية والشفافية.
تشجيع القطاع الخاص
وأكد المديرون في المجلس التنفيذي للصندوق أن تشجيع نشاط القطاع الخاص يمثل مطلبا حيويا من أجل زيادة النمو الممكن وجعله أكثر توليدا لفرص العمل وأكثر احتواء لشرائح المجتمع، وأشاروا إلى ضرورة تركيز جهود الإصلاح على إلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.
كما شدد المديرون على أهمية تعزيز الحوكمة، ودعوا إلى فعالية تنفيذ نظم مكافحة الفساد ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وشددوا كذلك على ضرورة توخي الفعالية والشفافية في المصروفات المرتبطة بالجائحة.
التضخم
وقال صندوق النقد الدولي في بيان إن السياسة النقدية يجب أن تركز على التضخم من خلال توجيه أسعار الفائدة قصيرة الأجل، مع الحفاظ على مرونة أسعار الصرف.
واعتبارا من الربع الثاني من هذه السنة، تتجه الحكومة إلى تغيير نظام الدعم تدريجيا وعلى مدى سنتين وتوجيهه للفئة الاجتماعية المستهدفة من خلال مساعدات مالية مباشرة.
لكن زيادة أسعار المواد الأساسية مسألة حساسة جدا في ظل الاحتقان الاجتماعي ويُخشى أن تؤدي إلى احتجاجات على غرار ما حصل في عام 2018 حين حركت إجراءات التقشف التي تم تبنيها في تلك السنة حالة من التعبئة القوية ودعوات من المجتمع المدني لإعادة جدولة الديون بدلاً من الاقتراض مرة أخرى.
أزمة اقتصادية
بعد سنوات من الصعوبات الاقتصادية والسياسية والإدارية، فاقمت تداعيات جائحة كورونا الأزمة في البلد، بعد أن تجاوزت ديونه الخارجية سقف 100 مليار دينار (35.7 مليار دولار) أي ما يفوق 100% من إجمالي الناتج الداخلي.
وتونس مطالبة بسداد ديون قيمتها 4.5 مليار يورو (5.4 مليار دولار) خلال العام 2021. كما أنها بحاجة الى 19 مليار دينار (حوالي 6.78 مليار دولار) للإيفاء ببنود ميزانيتها للعام 2021، في ظل أزمة اجتماعية واقتصادية مع تراجع كل المؤشرات.
فقد سجل الاقتصاد التونسي خلال 2020 تراجعا تاريخيا للناتج الداخلي الخام ناهز 8.9%.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد التونسي سيسجل نموا بنسبة 3.8% خلال 2021، لكن استمرار الجائحة قد يلقي بثقله على نهوض الاقتصاد ويؤخره.
وحصلت تونس عام 2013 على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.7 مليار دولار على سنتين، وفي 2016 على 2.8 مليارات دولار على أربع سنوات.
وترزح تونس تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة تفاقمت بفعل تداعيات وباء فيروس كورونا، كما تشهد البلاد احتجاجات اجتماعية متواترة رافقت الانتقال السياسي منذ 2011 ضد تفشي البطالة والفقر.
وقدر المعهد الوطني للإحصاء في تونس نسبة الفقر بنحو 15.2%، في دراسة له بالتعاون مع البنك الدولي نشرت عام 2020، ولكن النسبة تخفي تفاوتا حادا، إذ يمكن أن ترتفع النسبة في المناطق البعيدة عن المناطق الساحلية التي تضم الجانب الأكبر من المؤسسات الصناعية والسياحية، إلى أكثر من 40%.
وعرفت تونس انكماشا قياسيا غير مسبوق للاقتصاد في 2020 بلغ نسبة 8.2% بعد سنوات من تعثر النمو أرفق الانتقال السياسي منذ 2011 ونسبة بطالة بلغت 17.4 % في الربع الأخير من 2020،
نظرة سلبية
ونهاية عام 2020، عدلت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، نظرتها لتونس إلى سلبية من مستقرة سابقا، نتيجة تراكم فساد الإخوان، وصدمة جائحة فيروس كورونا.
وفي إشارة جديدة لفساد التيار الإخواني الذي حكم البلاد منذ 2011، أبقت الوكالة الدولية على تصنيف تونس الائتماني طويل الأجل عند "B"، وهو يعني درجة مخاطرة عالية.
وقالت وكالة فيتش إن التوقعات السلبية للاقتصاد التونسي تعكس تفاقم مخاطر السيولة المالية والتدهور الحاد في المالية العامة وبيئة الاقتصاد الكلي، الناجمة عن صدمة جائحة فيروس كورونا.
أزمة السياحة
أظهرت أرقام رسمية، أن إيرادات قطاع السياحة الحيوي في تونس هوت 65% بينما هبط عدد السائحين 78%.
ولم يفلح القطاع سوى في جلب نحو ملياري دينار (746 مليون دولار)، أي أنه فشل حتى في تحقيق مليار دولار.
وهبط عدد السائحين 78% خلال 2020 في ضربة قوية لاقتصاد البلاد بسبب تأثيرات جائحة فيروس كورونا.
وأظهرت بيانات للبنك المركزي أن عائدات السياحة تراجعت إلى ملياري دينار مقابل 5.68 مليار دينار في عام 2019.
aXA6IDMuMTMzLjEwOS4yNTEg جزيرة ام اند امز