تونس على درب لبنان وفنزويلا.. صراع سياسي يزعج صندوق النقد
تهدد الفوضى السياسية في تونس، الاتفاق على قرض جديد مع صندوق النقد الدولي، يمنع انهيارا اقتصاديا يماثل لبنان وفنزويلا.
وحسب رويترز، حذر ساسة ومسؤولون تونسيون من انهيار اقتصادي، إذا عجزت الحكومة عن الاتفاق على قرض جديد من صندوق النقد الدولي هذا الصيف غير أن الشلل السياسي قد يفسد هذا المسعى.
وقد اعتاد التونسيون، على محادثات مالية في اللحظات الأخيرة توازن بين مطالب المقرضين الأجانب، والرأي العام غير أن صراعا على السلطة هذه المرة بين الرئيس ورئيس الوزراء والبرلمان أضاف تعقيدات جديدة.
لا نقاش جدي حول الإصلاح
وقال رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد "الوضع السياسي معطل في تونس".
وأضاف في مقابلة مع رويترز: "لا نقاشات جدية" لدى الطبقة السياسية حول إصلاح الاقتصاد.
وقد ازدادت المخاطر وأصبحت ملحة بعد أن خفضت جائحة كوفيد-19 الناتج الاقتصادي بنسبة 8.8% العام الماضي ودفعت الدين العام إلى 91% من الناتج المحلي الإجمالي.
سيناريو فنزويلا
وقال مروان العباسي محافظ البنك المركزي للبرلمان الأسبوع الماضي إنه إذا حاولت الحكومة استخدام البنك في تمويل العجز بدلا من الاتفاق على صفقة جديدة مع صندوق النقد الدولي فإن التضخم سيصل إلى خانة المئات في "سيناريو فنزويلي".
وقال حكيم بن حمودة وزير المالية السابق لرويترز إن الأزمة "تهدد بإفلاس الدولة".
مصير لبنان
ووصف توفيق الراجحي وزير الإصلاح السابق، الذي تفاوض على قرض سابق من صندوق النقد لتونس، المحادثات بأنها "فرصة أخيرة لتحاشي انهيار وشيك".
وحذر الاثنان من احتمال أن تواجه تونس مصير لبنان الذي هوت قيمة عملته وتبددت المدخرات فيه مما أدى إلى اضطرابات شعبية.
وربما يفتح برنامج يتم الاتفاق عليه مع الصندوق الباب أمام مزيد من الدعم المالي للمساعدة في تعزيز قصة النجاح الديمقراطي الوحيدة التي تمخضت عنها انتفاضات الربيع العربي ودعم شريك مهم لأوروبا في الأمن والهجرة.
7.2 مليار دولار
وتوقعت موازنة تونس للعام 2021 أن تبلغ احتياجات الاقتراض 7.2 مليار دولار منها حوالي 5 مليارات قروضا خارجية.
وقدرت الموازنة أن تبلغ مدفوعات سداد الدين 5.8 مليار دولار بما في ذلك مليار دولار تستحق في يوليو/تموز، وأغسطس/ آب.
ومن المتوقع أن تستمر المحادثات مع صندوق النقد خلال الصيف.
وقال رئيس الوزراء هشام المشيشي، لرويترز إنه يريد 4 مليارات دولار رغم أنه لا يوجد تقريبا من يعتقد أن القرض سيزيد على ثلاثة مليارات دولار.
وربما تحتاج تونس لقرض ثنائي للوفاء بمتطلبات سداد الدين في الصيف. ويقول ساسة تونسيون بصفة غير رسمية إن قطر أو ليبيا ربما تزود تونس بالمال.
إصلاحات لها مصداقية
ويقول دبلوماسيون إن سمعة تونس الدولية، قد تتيح لها قدرة على التحرك بدرجة من الحرية خلال المحادثات.
لكنهم يشعرون أيضا بالإحباط لما يرون أنه سوء إنفاق مزمن كما أن صندوق النقد يريد أن تطرح تونس إصلاحات ذات مصداقية.
وقال الشاهد إن الدعم الخارجي، وخاصة من الولايات المتحدة وفرنسا، عزز فرص التوصل إلى اتفاق، لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا تمكنت تونس من الالتزام بالتغيير.
وأضاف "نحن بحاجة إلى الاستفادة بسرعة من هذا السياق وتقديم خطة إصلاح مفصلة على الفور".
استياء الشعبي
غير أن الإصلاحات الرئيسية، من خفض للدعم الحكومي وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة وتقليل فاتورة الأجور للقطاع العام، يعارضها اتحاد العمال كما تقول بعض الأحزاب السياسية إن التونسيين ملوا من تقديم تضحيات لا تبدو لها نهاية.
وقد تجلى الاستياء الشعبي في انتخابات 2019 برفض الساسة القدامى وظهر في يناير/كانون الثاني الماضي في احتجاجات ربما تنذر بما سيكون عليه الرد على أي مشاكل اقتصادية أخرى.
وستجعل هذه الانقسامات الداخلية من الصعب على الحكومة أن تطمئن الصندوق، وغيره من المقرضين الأجانب أن بإمكانها تطبيق أي إصلاحات تتعهد بها.
رفض الإصلاحات
فعندما تسربت عناصر من اقتراحها للصندوق هذا الشهر قال اتحاد العمال إنه لم يكن على علم بالتفاصيل ورفضها مناقضا بذلك بيانات سابقة للحكومة أنها توصلت إلى اتفاق على الإصلاح.
ولابد من موافقة البرلمان الذي يعاني من انقسام شديد على الاتفاق. وتحظى حكومة المشيشي بأغلبية بسيطة في البرلمان الذي لا يشغل فيه أي حزب أكثر من رُبع المقاعد.
كذلك يتعين أن يعتمده الرئيس قيس سعيد الذي يختلف مع المشيشي ورئيس البرلمان.
وقد عطل الرئيس تعديلا وزاريا مقترحا ورفض جهود البرلمان لتعيين قضاة في المحكمة الدستورية.
وأدت نزاعات داخل البرلمان وبينه، وبين الرئيس سعيد إلى تأجيل المساعي الرامية لإصلاح المشكلة المالية.
وفي العام الماضي شهدت تونس تشكيل ثلاث حكومات منفصلة ولذا عجزت عن بدء المحادثات.
وقال الشاهد "لو كنا قد بدأنا في وقت سابق ... كان بإمكاننا إجراء مفاوضات أسهل".
aXA6IDMuMTM1LjIyMC4yMTkg جزيرة ام اند امز