الركود والديون والتوترات الجيوسياسية على طاولة مؤسسات بريتون وودز
تنعقد اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وسط ظروف اقتصادية وسياسية ألقت بظلالها على الملفات التقليدية.
من جانبها، قالت كريستالينا غورغييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، في ندوة بالمجلس الأطلسي Atlantic Council الأسبوع الماضي، خلال كلمة ألقتها بمناسبة قرب اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي: "اربطوا أحزمة الأمان". "في مرحلة ما، سوف نهبط." وكان الهبوط الناعم يعتبر مستحيلاً قبل عام في مواجهة التضخم المتزايد وارتفاع أسعار الفائدة. ومع ذلك، يعتقد معظم الخبراء الآن أنه في متناول اليد مع استقرار التضخم مع النمو المستمر في الولايات المتحدة وأوروبا.
لكن محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية المجتمعين في واشنطن بدءا من اليوم ولمدة أربعة أيام سيحتاجون إلى التعامل مع أكثر من مجرد التساؤل حول متى ستهبط بلدانهم بعد فترة من التضخم المرتفع.. بل سيكون عليهم أيضا بحث كيفية تعافي بلدانهم، وذلك بهدف تحقيق هبوط سلس يتجنب الركود، بحسب تقرير نشره المجلس الأطلسي.
وقال المجلس الأطلسي أن الاجتماعات تنعقد في ظل قضايا مثل التضخم الثابت، واقتصاد الصين المتعثر، وارتفاع خطر التخلف عن سداد الديون. وكما أوضحت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في خطابها الذي ألقته في المجلس، فإن هذه مجرد مشاكل فورية، لا تشغل عن التحديات المتوسطة الأجل المتمثلة في انقطاع الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي والتحول إلى الطاقة الخضراء.
وبالنظر الى الهجوم الإيراني على إسرائيل قبل يومين، فإن الوزراء والمحافظين سيكون عليهم أيضاً معالجة حقيقة أن التوترات الجيوسياسية والصراع، كما قالت غورغييفا، "غيرت قواعد اللعبة في العلاقات الاقتصادية العالمية".
فصل السياسة عن الاقتصاد
وقبل ستة أشهر، عشية الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش، أمضى الوزراء أيام اجتماعاتهم لمناقشة التأثيرات المحتملة لحرب غزة على الاقتصاد الإقليمي والعالمي، وكان من الواضح منذ البداية أن الحرب بين إسرائيل وحماس ستكون لها تداعيات اقتصادية. ومن المؤكد أنه بعد شهرين، بدأت هجمات الحوثيين المرتبطة بالحرب في تعطيل طرق الشحن الرئيسية في البحر الأحمر.
والآن، ألقى الهجوم الإيراني بظلاله القاتمة على اجتماعات الربيع. ومرة أخرى، سيحاول العديد من الوزراء بالتأكيد تجنب معالجة التداعيات المحتملة. وحتى لو كانت الجغرافيا السياسية هي آخر ما يريد الوزراء مناقشته، فقد لا يكون لديهم خيار. ورغم أن مؤسسات بريتون وودز أنشئت لمعالجة الخسائر الاقتصادية المدمرة الناجمة عن الصراع، لكن بات من المستحيل الآن الفصل بين الجغرافيا السياسية والاقتصاد.
وقالت غورغييفا، قبل يومين إن العالم يواجه مرحلة مخيبة للآمال ما لم يعالج القادة السياسات التي تنشط النمو. وقالت غورغييفا إنه ما لم يتم اتخاذ مثل هذا الإجراء، يمكن أن نتذكر هذا العقد على أنه "العشرينيات الفاترة".
ملفات تقليدية وأخرى مستحدثة
ووفقا لتقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية، فعندما استضاف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الاجتماعات السنوية في الربيع الماضي، حذرا من العديد من الأزمات العالمية التي تسارعت بسبب جائحة كوفيد-19، بما في ذلك التضخم المرتفع المستمر، وتصاعد مستويات الديون، حيث
ارتفعت مستويات الديون بين البلدان المنخفضة الدخل إلى عنان السماء منذ أن رفعت البنوك المركزية أسعار الفائدة في استجابة لارتفاع التضخم، ومن المتوقع أن تضغط الولايات المتحدة من أجل تحقيق رؤيتها لمعالجة الديون العالمية.
كما سيبحث المجتمعون المخاوف من الركود العالمي. وستظل هذه المخاوف على جدول أعمال اجتماعات ربيع 2024، لكن نبرة الحديث تحولت إلى التفاؤل الحذر بأن الاقتصاد العالمي سيحقق هبوطا سلساً يستقر فيه دون ركود كبير. كما ستشمل المناقشات خفض التضخم، ومعالجة الديون العالمية وتمويل المناخ كما يبحث موضوعات الجغرافيا السياسية المكلفة.
إصلاحات مقترحة
وقال تقرير مجلس العلاقات الخارجية أنه في السنوات الأخيرة تزايدت الانتقادات الموجهة إلى مؤسسات بريتون وودز ــ بما في ذلك أنها لا تفعل إلا أقل القليل لمعالجة تغير المناخ وخفض الديون في البلدان النامية ــ مع تصاعد التحديات العالمية. ومن ناحية أخرى، ظهرت مصادر بديلة للتمويل، بما في ذلك الصين، التي تجاوزت قروضها لمشاريع التنمية في الخارج بين عامي 2010 و2020 إجمالي قروض البنك الدولي منذ إنشائه (رغم أن الصين خفضت قروضها في السنوات الأخيرة).
ومع ذلك، يعتقد الخبراء أنه لن يكون هناك على الأرجح أي تحرك كبير بشأن الإصلاحات الرئيسية في اجتماعات الربيع، بما في ذلك الجهود الرامية إلى زيادة قدرات الإقراض لدى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وستتطلب هذه الإصلاحات موافقة تشريعية في البلدان المساهمة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي - بما في ذلك الولايات المتحدة والصين - وهي عملية يمكن أن تستغرق وقتا طويلا. وقد زعم رئيس البنك الدولي أجاي بانجا أن المفاتيح اللازمة لإطلاق العنان لإمكانات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تقع بالتالي في أيدي المساهمين في المؤسستين أكثر من أيدي المؤسسات نفسها.
ويواصل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أيضاً السيطرة على موارد كبيرة بدعم دولي واسع النطاق. فخلال الجائحة، أقرض صندوق النقد الدولي أكثر من 30 مليار دولار بدون فوائد من خلال الصندوق الاستئماني للحد من الفقر وتحقيق النمو للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار في البلدان منخفضة الدخل. ومن ناحية أخرى، لا تزال قدرة البنك الدولي على تعبئة الأموال من أجل التنمية والطاقة الخضراء تشكل أهمية مركزية لأهداف العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل؛ فقد وجه البنك 39 مليار دولار - أكثر من أي مؤسسة أخرى - لتمويل المناخ في السنة المالية 2023.
وبينما من المتوقع أن يشهد العالم توقعات اقتصادية "أقوى بشكل هامشي" في عام 2024، قالت غورغييفا إنها ستظل ضعيفة تاريخياً وسط انخفاض الإنتاجية وارتفاع مستويات الديون واستنفاد الاحتياطيات المالية. ويقول أجاي بانجا إن هناك حاجة إلى بنك دولي أفضل لمواجهة التحديات العالمية.
aXA6IDMuMTQ2LjM0LjE0OCA= جزيرة ام اند امز