"خلود المحبة".. شذرات من حياة الكاتب والناقد المصري سمير غريب
كتاب "خلود المحبة" يكسر التصنيف المعتاد للكتب، فهو يحتوي على مقالات صحفية وقصتين قصيرتين ونصين شعريين مضافا إليها صور ومستندات
بعد عقود من العمل الصحفي والخبرة بإدارة المؤسسات الثقافية في مصر وخارجها يطل الكاتب والناقد سمير غريب بكتاب جديد خط سطوره بمداد المحبة، ليخلد فيه بعضا ممن عبروا في حياته وتركوا في القلب أثرا لم تمحه السنون.
وانطلاقا من العنوان ومع تتابع النصوص يكسر كتاب "خلود المحبة" الصادر في 328 صفحة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب التصنيف المعتاد للكتب، فهو يحتوي على مقالات صحفية وقصتين قصيرتين ونصين شعريين، مضافا إليها الكثير من الصور والمستندات التي توثق لأحداث وشخصيات بارزة.
يقول غريب في مقدمة الكتاب "يمكن اعتبار هذا الكتاب نتفا من سيرة ذاتية ومدخلا وثائقيا بما فيه من معلومات وصور فوتوغرافية وصور لخطابات شخصية تنشر للمرة الأولى".
وأضاف "المهم أن كل نصوص كتابي هنا تعبر عن محبتي لأشخاصها وأماكنها، وهل هناك أجمل وأنقى من المحبة؟ وهل هناك أكثر خلودا من خلود المحبة؟".
بدأ غريب حياته العملية صحفيا في جريدة الأخبار المصرية قبل أن ينتقل للعمل بوزارة الثقافة المصرية، التي تقلد فيها مناصب عديدة منها رئيس صندوق التنمية الثقافية، ورئيس دار الكتب والوثائق القومية، ورئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، ومدير الأكاديمية المصرية للفنون في روما.
وأصدر العديد من المؤلفات النقدية، وخلال مشواره انصب معظمها على الفن التشكيلي منها (السريالية في مصر) في 1986 و(راية الخيال) في 1993 و(نقوش على زمن: صفحات من تاريخ الفن التشكيلي) في 1997 و(في تأريخ الفنون الجميلة) في 1998 و(كتاب الفن) في 2003.
يحمل النص الافتتاحي ذات عنوان الكتاب "خلود المحبة" والذي يهديه المؤلف لزوجته الراحلة سامية التي توفيت في 2004 ويبث فيه شجونه وشعوره بالوحدة بعد غياب شريكة الحياة.
ويقول في أحد المقاطع "أنت لم تشته الرحيل عني يوما ولا أنا اشتهيت، رحلت عني رغما عنك فزاد وجودك معي والتصقت بك، تعرفين أنني تشبثت بمركب الموت بجسدي كله حتى لا يأخذك مني لكنه -بالطبع- كان أقوى".
تحمل النصوص التالية أسماء بعض من الشخصيات المصرية والعربية البارزة في مجالات مختلفة، منهم من رحل مثل الصحفي المصري جلال الدين الحمامصي والشاعر محمد عفيفي مطر ومهندس الديكور المصري صلاح مرعي والكاتب المصري إبراهيم أصلان وآخرون على قيد الحياة مثل الفنان التشكيلي آدم حنين ووزير الثقافة الأسبق شاكر عبدالحميد، ويسرد المؤلف بأسلوب شيق ومختصر ومفعم بالمحبة علاقته بكل من هؤلاء أو مواقف جمعته بهم.
ورويدا رويدا ينتقل غريب من محبة البشر إلى عشق الأماكن والمدن، فيتحدث في نصوصه السردية عن شرم الشيخ وباريس ولبنان، وكذلك دار الكتب والوثائق القومية القديمة في باب الخلق ومطعم جروبي بوسط البلد.
ومع الوصول للجزء الأخير من الكتاب تكتمل الصورة بإلقاء الضوء على البدايات، إذ يحكي غريب عن نشأته وطفولته في محافظة أسيوط بجنوب مصر وهي المرحلة التي يمزج فيها الخاص بالعام ويسترجع الأحداث السياسية والاجتماعية التي واكبت ثورة 1952، وشكلت حينها شخصيته هو وأبناء جيله.
ومن بين ما يذكر في هذا الجزء "من أهم الأحداث التي كنت أنتظرها في شرفة منزلي مع أسرتي وبعض جيراني كان مرور موكب المحمل صباح كل عيد فطر، يبدأ بفرقة موسيقى عسكرية، أعتقد أنها كانت تتبع البوليس، ثم الطرق الصوفية بأعلامها، يتقدم كل فرقة شيخ على صهوة حصان أو بغل، ثم يحمل جمل مميز مقاما عليه قطعة من كسوة الكعبة، حيث كانت منفلوط محطة رئيسية للحجاج القادمين من شمال أفريقيا، ثم عدة جمال يحمل كل منها مقاما لأحد مشايخ منفلوط الصالحين، وبعدها يأتي الشعب راكبا جمالا كثيرة مهللين مكبرين ومغنين".
ويختتم غريب الكتاب بالقصتين القصيرتين، الأولى تنشر للمرة الأولى أما الأخرى فسبق نشرها بمجلة المستقبل التي كانت تصدر من باريس في ثمانينيات القرن العشرين.
aXA6IDE4LjExOS4xOTIuMiA= جزيرة ام اند امز