اختفاء مقلق لسلاح رئيسي في مكافحة تغير المناخ.. أين الأعشاب البحرية؟
تختفي غابات الأعشاب البحرية - التي تلعب دورًا كبيرًا في مكافحة تغير المناخ - بمعدلات مثيرة للقلق في أجزاء كثيرة من العالم بسبب الضغوط البشرية المختلفة، بما في ذلك التلوث، والتغيرات البحرية.
وتُعُّد الأعشاب البحرية -التي تتراوح من غابات عشب البحر إلى الشعاب المرجانية- من المنتجين الأساسيين ومهندسي النظام البيئي الذين يلعبون دورًا مركزيًا في الموائل الساحلية، بداية من تخزين الكربون، إلى زيادة التنوع البيولوجي، إلى دعم موائل الأسماك في جميع أنحاء العالم.
وتشرح دراسة جديدة الأساليب المختلفة لدمج عشب البحر والأعشاب البحرية في أساليب الكربون الأزرق التي يمكن أن تساعد في مكافحة آثار تغير المناخ. وتشير تقديرات الدراسة، التي نشرت في مجلة Biological Review، إلى أن حماية وترميم وتحسين إدارة غابات عشب البحر والأعشاب البحرية على مستوى العالم يمكن أن توفر فوائد تخفيف ثاني أكسيد الكربون في حدود 36 مليون طن، أي ما يعادل قدرة احتجاز ثاني أكسيد الكربون التي تبلغ 1.1 إلى 1.6 مليار شجرة.
والأهم من ذلك، تقدم الدراسة أيضًا إطارًا لتصنيف وقياس والتحقق بدقة من عزل الكربون في غابات عشب البحر والأعشاب البحرية.
ومن جانبه، ذكر المؤلف الرئيس للدراسة الدكتور "ألبرت بيسارودونا"، من جامعة أستراليا الغربية والمعهد الدولي للكربون الأزرق، أنه على مستوى العالم، تقوم غابات عشب البحر والأعشاب البحرية باحتجاز قدر كبير من الكربون مثل غابات الأمازون المطيرة، ولكن يتم تخزين جزء فقط من ذلك في الرواسب الساحلية وأعماق البحار.
الدور المحتمل للأعشاب البحرية في التخفيف من تغير المناخ
تتعرض الأعشاب البحرية للتغيرات الفيزيائية والكيميائية في البيئة البحرية ورغم ذلك، فإن تأثيرات تغير المناخ الحالي والمستقبلي الناتج عن النشاط البشري في النظم الإيكولوجية التي تهيمن عليها الأعشاب البحرية لا تزال غير مفهومة جيدًا.
ولكن ليس كل غابات الأعشاب البحرية تلعب دورًا متساويًا في عزل الكربون؛ حيث إن الموقع يحدث فرقًا كبيرًا، فقد تمتص غابات الأعشاب البحرية في المناطق المعتدلة والقطبية كميات أكبر من الكربون مقارنة بتلك الموجودة في المياه الاستوائية الدافئة. وذلك لأن المياه الباردة والغنية بالمغذيات أفضل للأعشاب البحرية في امتصاص الكربون.
جدير بالذكر، أن الأعشاب البحرية (الطحالب الكبيرة) قد اجتذبت الاهتمام على مستوى العالم نظرًا لدورها الحيوي لصحة كوكبنا، ولقدرتها على التخفيف من آثار تغير المناخ. ولكننا لا ندرك مدى التهديد الذي قد تتعرض له.
ما هي التهديدات التي تواجهها الأعشاب البحرية؟
يتعرض أكثر من 644 نوعًا مختلفًا من الأعشاب المرجانية -حتى الآن- إلى تهديدات مختلفة، لا سيما المياه الدافئة، والتي تُعد من العوامل المؤثرة على بقاء الأعشاب المرجانية.
فنجد على سبيل المثال، أن المياه المحيطة ببريطانيا تُعد نقطة ساخنة للأعشاب البحرية، ويصف الباحثون ساحل المملكة المتحدة بأنه 'منطقة معتدلة' حيث تكون الظروف مناسبة تمامًا لازدهار مجموعة واسعة من الأنواع المختلفة. لكن هذه البيئات البحرية تتغير بسبب أزمة المناخ. ومن ثمَّ، كانت الأعشاب البحرية تتحرك ببطء نحو القطب للبقاء في نطاق درجة الحرارة المفضل لديهم.
وفي حين أن غالبية غابات عشب البحر في بريطانيا آمنة نسبيًا في الوقت الحالي، فإن تلك الموجودة في البلدان الجنوبية توفر تحذيرًا من أشياء قادمة. على سبيل المثال، تراجعت غابات عشب البحر البرتغالي بنسبة تصل إلى 70%، حيث أصبحت المحيطات دافئة للغاية بحيث لا تتمكن العديد من الأنواع من البقاء على قيد الحياة.
ومع تراجع الأعشاب البحرية، فإن هذا يقلل من قدرتها على احتجاز الكربون، وتوفير المأوى، وتوفير خدمات النظام البيئي الهامة الأخرى.
وبصرف النظر عن درجة الحرارة، تساهم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أيضًا في جعل البحر أكثر حمضية حيث يذوب ثاني أكسيد الكربون في الماء. في حين أن بعض الأنواع تبدو مرنة للغاية، إلا أن بعض الأعشاب البحرية ستعاني مع انخفاض مستويات المعادن التي تحتاجها للنمو.
حتى الأعشاب البحرية "الطحالب"، وهي واحدة من أكثر الأنواع شيوعًا الموجودة على طول ساحل المملكة المتحدة، قد تتأثر؛ حيث أظهرت الأبحاث الحديثة أن التحمض يجعل هذه الأعشاب البحرية أكثر هشاشة، مما يجعلها أكثر عرضة للتفكك في الطقس العاصف. ومع هذه المجموعة الواسعة من التهديدات التي تواجهها، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى معرفة مدى نجاح أنواع الأعشاب البحرية.
صعوبة دراسة الأعشاب البحرية
المعيار الذهبي في الحفاظ على البيئة هو القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، والتي تُستخدم لفرز الأنواع بناءً على خطر الانقراض، بدءً من المنقرضة إلى الأقل إثارة للقلق. وبالنسبة للأعشاب البحرية، والتي غالبًا ما يتم تجاهلها لصالح الأنواع البحرية الأكثر جاذبية، فإن هذا يجعل تصنيفها تحديًا.
في حين وجدت دراسة أن عشبًا بحريًا واحدًا فقط -مسجلاً- في بريطانيا قد انقرض محليًا وأن 1٪ فقط مهدد بالانقراض، فإن هذا يحجب حقيقة أن 55٪ منها تعاني من نقص البيانات، وقد تكون هذه الأنواع معرضة لخطر الانقراض، ولكن في الوقت الحالي لا توجد أدلة كافية لقول ذلك. جزء من المشكلة في هذا هو التحدي المتمثل في تحديد أنواع مختلفة من الأعشاب البحرية.
وللمساعدة في معالجة هذه المخاوف، هناك الحاجة إلى بذل جهود متضافرة لدراسة الأعشاب البحرية في جميع أنحاء العالم، حيث سيساعد ذلك في بناء البيانات اللازمة لتصنيف المزيد من الأعشاب البحرية في القائمة الحمراء.
ومع معرفة حالة حفظ المزيد من الأعشاب البحرية، يمكن أن تؤثر هذه المعلومات على القرارات المتعلقة بالمناطق البحرية المحمية الجديدة، وإعادة الزرع المباشر المستهدف للمجموعات المهددة. وهذا سيعطي الأعشاب البحرية أفضل فرصة للبقاء على قيد الحياة في القرون المضطربة القادمة.
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xMTUg جزيرة ام اند امز