«مصر ستتأثر».. اشتباكات الهند وباكستان قد ترفع أسعار هذه السلع

على وقع تفاقم المناوشات العسكرية بين القوتين النوويتين الهند وباكستان الليلة الماضية، ما يهدد بإشعال أزمة اقتصادية جديدة، انشغل المصريون بمراقبة التداعيات المحتملة على معيشتهم وتجارتهم واستثماراتهم.
وجاء ذلك وسط تحذيرات خبراء الاقتصاد من آثار غير مباشرة قد تضرب الأسواق، وتهز سلاسل التوريد العالمية.
وحذر الخبراء من أن تترجم الاشتباكات في حال استمرارها إلى ارتفاع في تكلفة واردات سلع أساسية لمصر من الهند، بما في ذلك اللحوم والملابس والحديد والأسمدة، فضلا عن الإلكترونيات والسيارات.
تأثير غير ملموس حتى الآن
أكد الخبير الاقتصادي بلال شعيب أن التوترات العسكرية المتصاعدة بين الهند وباكستان قد تحمل انعكاسات اقتصادية عالمية في حال تطورها إلى مواجهة مفتوحة، إلا أن التأثير المباشر على مصر حتى الآن يظل محدودًا وغير ملموس.
وأوضح شعيب لـ"العين الإخبارية"، أن الاشتباكات الحدودية السابقة بين البلدين كانت أقرب إلى مناوشات معتادة دون تصعيد فعلي، ولكن الوضع الحالي يبدو مختلفًا مع وجود مؤشرات على اندلاع حرب عسكرية شاملة، مشيرًا إلى صعوبة التكهن بنتائجها في الوقت الراهن.
وأضاف أن الهند تعد خامس أكبر اقتصاد في العالم، وتربطها بمصر علاقات تجارية تصل إلى قرابة 2.5 مليار دولار سنويًا، بينما العلاقات مع باكستان تظل محدودة وأقل تأثيرًا اقتصاديًا.
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للهند 3.7 تريليون دولار في 2023، لتصبح خامس أكبر اقتصاد عالميًا، بعدما تقدمت أربعة مراكز في الترتيب الدولي خلال العقد الذي تولى فيه ناريندرا مودي رئاسة الوزراء، لتأتي بعد أمريكا والصين وألمانيا واليابان.
بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي لباكستان نحو 338.37 مليار دولار في 2023، وفقًا لبيانات البنك الدولي، لتمثل 0.32% من اقتصاد العالم.
تأثير محتمل على الاقتصاد العالمي
وأشار شعيب إلى أن أي اضطراب اقتصادي في الهند قد تكون له تداعيات غير مباشرة على مصر من خلال التأثير على سلاسل الإمداد أو الأسواق العالمية، لكن حتى اللحظة لا توجد مؤشرات على تأثر مباشر أو توقف في تدفق السلع الاستراتيجية.
وتابع أنه حتى في حال حدوث تصعيد، فإن التأثير سيكون عالميًا وليس مقتصرًا على مصر، خاصة أن الهند والصين تمثلان نحو 40% من القدرات الإنتاجية العالمية، وقد تدخل الصين على خط الدعم السياسي والاقتصادي، ما يوسع دائرة التوتر.
ولفت إلى أن مصر، بعد أزمة أوكرانيا، عملت على تنويع مصادر التوريد وعدم الاعتماد على دولة واحدة، وهو ما يخفف من آثار أي أزمات جيوسياسية مماثلة، مضيفًا: “أعتقد أن تأثير هذه الأزمة على مصر سيكون بسيطًا - إن وجد -، بفضل السياسة الاقتصادية التي أصبحت أكثر احترازًا وتنوعًا في الشراكات الدولية".
وفي منتصف 2023، وقع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إعلانًا مشتركًا للارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة، تشمل التعاون في مجالات حيوية مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات الدوائية، والتعليم العالي، والطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، إلى جانب قطاع السياحة.
انعكاسات متفاوتة على الدول
وقال الخبير الاقتصادي، محمد الشوادفي، إن العالم يشهد تسارعًا في وتيرة الأزمات الدولية، مؤكدًا أن اندلاع حرب بين الهند وباكستان ستكون له انعكاسات متفاوتة على اقتصادات الدول، ومن بينها مصر، التي قد تتأثر بدرجة متوسطة نظرًا لعدم وجود روابط جغرافية مباشرة مع أطراف النزاع.
وأوضح الشوادفي لـ"العين الإخبارية"، أن العلاقات التجارية بين مصر والهند تلعب دورًا رئيسيًا في هذا التأثر، لا سيما فيما يتعلق باستيراد الحبوب وبعض المكونات الصناعية، فقد يؤدي أي اضطراب في سلاسل التوريد الناتجة عن الحرب إلى ارتفاع الأسعار أو تأخير الإمدادات.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والهند نحو 4.2 مليار دولار خلال عام 2024، بحسب وزير الاستثمار المصري، حسن الخطيب، مشيرًا إلى وجود 55 شركة هندية تنشط في السوق المصرية باستثمارات تتجاوز 3.75 مليار دولار، كما تطمح البلدان إلى مضاعفة الرقم إلى 12 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
اضطراب سلاسل التوريد
وأشار الشوادفي إلى أن الهند تعد من الاقتصادات النامية الكبرى المتوقع لها نمو كبير خلال السنوات المقبلة، وبالتالي فإن اضطرابها سينعكس بشكل واضح على حركة التجارة العالمية.
وأضاف أن الدول التي تعتمد على حجم تبادل تجاري كبير مع الهند وباكستان، مثل الصين، ستكون الأكثر تضررًا، في حين أن العلاقات المحدودة لمصر مع باكستان تجعل التأثير منها أقل.
ووصل حجم التبادل التجاري بين مصر وباكستان إلى 400 مليون دولار في 2023، وفقًا لبيانات الحكومة المصرية.
وأكد الشوادفي أن بعض المكونات المستوردة مثل الرقائق الإلكترونية التي تنتجها الهند قد تشهد تأثرًا، مما ينعكس على أسعار العديد من المنتجات التي تعتمد على هذه المكونات في صناعتها.
وشدد على أن التأثير العام على الاقتصاد المصري لن يكون كبيرًا في المدى المتوسط، لكنه يبقى مرهونًا بشدة الحرب ومدتها، خاصة وأنها لا تزال في مراحلها الأولى، مؤكدًا أهمية متابعة تطورات الموقف وتقييم السيناريوهات المحتملة لتفادي أي صدمات مفاجئة.
وتتركز أبرز واردات مصر من الهند في اللحوم، والحديد والصلب، والآلات، والمنتجات العضوية، بينما تشمل صادراتها الرئيسية إلى نيودلهي الأسمدة، والقطن، والملح، والكبريت، والأحجار.
وخلال اجتماعه في مارس/آذار الماضي، مع وزير التجارة الهندي بيوش جويال، شدد وزير الاستثمار المصري على حرص القاهرة على جذب المزيد من الاستثمارات الهندية في مجالات استراتيجية، من بينها الطاقة المتجددة، والكيماويات، وصناعة السيارات ومكوناتها، والأدوية، والمنسوجات، وقطاع التكنولوجيا، مشيرًا إلى وجود "طفرة مرتقبة" في حجم الاستثمارات الهندية داخل مصر.
aXA6IDMuMTYuODkuMTUwIA== جزيرة ام اند امز