السيارات الكهربائية الصينية تُثير الذعر في أوروبا وأمريكا.. ما القصة؟
تساءل تقرير نشرته صحيفة الإيكونوميست عما إذا كانت الصين على وشك التسبب في صدمة اقتصادية جديدة للغرب بسبب سياراتها؟
وأوضح التقرير أن الصين تسببت من قبل في تراجع التصنيع في الغرب، حيث فقد حوالي مليون عامل تصنيع أمريكي وظائفهم بسبب المنافسة الصينية في الفترة 1997-2011، مع اندماج البلاد في النظام التجاري العالمي. وقد بدأت آنذاك في شحن البضائع الرخيصة إلى الخارج.
- الصين تستعد رسميا لاستقبال السيارات ذاتية القيادة في شوارعها المفتوحة
- أغلى 5 سيارات في تكلفة الصيانة.. فواتير باهظة في 10 سنوات
ووفقاً للتقرير، فمنذ ذلك الحين، تم إلقاء اللوم على "صدمة الصين" في كل شيء، بدءًا من ارتفاع الوفيات بين الأمريكيين من الطبقة العاملة إلى انتخاب دونالد ترامب، وتتمتع حاليا شركات صناعة السيارات في الصين بارتفاع مذهل في المبيعات، مما يثير المخاوف من حدوث صدمة مدمرة أخرى. لكن بحسب التقرير، ففي الواقع، ينبغي الاحتفال بالنجاحات التي حققتها السيارات الصينية، وليس الخوف منها. وكانت الصين قبل خمس سنوات فقط تصدر من السيارات بما يعادل ربع ما تصدره اليابان، التي كانت آنذاك أكبر مصدر في العالم، وحالياً أعلنت الصين أنها صدرت أكثر من 5 ملايين سيارة في العام الماضي، وهو ما يتجاوز الإجمالي الياباني.
وبلغت مبيعات شركة "بي واي دي" أكبر شركة لصناعة السيارات في الصين مليون سيارة كهربائية في الربع الرابع، متفوقة على شركة تسلا.
وتعد السيارات الكهربائية الصينية أنيقة للغاية ومفعمة بالحيوية، والأهم من ذلك أنها رخيصة الثمن لدرجة أن القيد على تصديرها حاليا هو ندرة السفن التي تقوم بشحنها. ومن المتوقع زيادة الطلب أكثر.
وبحلول عام 2030، تستطيع الصين مضاعفة حصتها في السوق العالمية إلى الثلث، مما ينهي هيمنة الشركات الوطنية الغربية الكبرى، وخاصة في أوروبا. وهذه المرة سوف يكون من الأسهل على الساسة أن يلقوا اللوم عن أي خسارة في الوظائف في الغرب على الصين.
ومنذ إطلاق أجندة "صنع في الصين" في عام 2014، قامت الصين بمنح الهبات والدعم لشركات صناعة السيارات الخاصة بها، ومن الصعب تقديم أرقام دقيقة بشأن قيمة القروض ذات الأسعار المنخفضة، وإعانات الشراء، والعقود الحكومية التي تتمتع بها الشركات الصينية.
الإنفاق العام على الصناعة
ولكن وفقًا لأحد التقديرات، كان إجمالي الإنفاق العام على الصناعة في حدود ثلث مبيعات السيارات الكهربائية في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتدفع هذه الإعانات صناع السياسات في الدول الغربية والمتقدمة للاستسلام لإغراء حماية شركات صناعة السيارات بالصين من هجمة المنافسة التي تدعمها الدولة. وفتحت المفوضية الأوروبية في أكتوبر/تشرين الأول تحقيقاً بشأن السيارات الصينية، ويُقال إن الرئيس جو بايدن يفكر في زيادة التعريفات الجمركية عليها، على الرغم من أن شركات صناعة السيارات الأمريكية، المحمية بضريبة بنسبة 27.5% ومنح من قانون خفض التضخم، تواجه حالياً منافسة صينية ضئيلة.
ومع ذلك، فإن منع السيارات الكهربائية الصينية من الدخول سيكون خطأً لأن سوق السيارات سوف تنقلب رأساً على عقب، بغض النظر عن التجارة مع الصين، لأن 16-18% من السيارات الجديدة المبيعة حول العالم كهربائية. وفي عام 2035 سوف يحظر الاتحاد الأوروبي بيع السيارات الجديدة ذات محركات الاحتراق الداخلي.
ويمكن التفكير في المكاسب الناتجة عن السماح بتدفق التجارة، حيث تعد السيارات من بين أكبر مشتريات الناس، وتمثل حوالي 7٪ من الاستهلاك الأمريكي. وتعني السيارات الأرخص ثمناً توفر المزيد من الأموال التي يمكن إنفاقها على أشياء أخرى، في وقت تتعرض فيه الأجور الحقيقية لضغوط شديدة بسبب التضخم.
والسيارات الصينية ليست رخيصة فحسب؛ بل أيضا ذات جودة أفضل خاصة فيما يتعلق بالمميزات التقنية في السيارات الكهربائية التي أصبحت ممكنة بفضل الاتصال بالإنترنت.
ويمكن النظر في الفوائد التي تعود على البيئة حيث يدرك الساسة في مختلف أنحاء العالم مدى صعوبة مطالبة المستهلكين بالتحول إلى البيئة الخضراء، مع تزايد ردود الفعل العكسية ضد سياسات خفض الانبعاثات المكلفة.
المقارنة السعرية
وتعتبر السيارات الكهربائية أيضًا أكثر تكلفة حاليًا من السيارات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود، وبالتالي يعد تبني السيارات الصينية بأسعار أقل يمكن أن يسهل الانتقال إلى صافي الانبعاثات الصفرية.
وأرخص سيارة كهربائية يتم بيعها في الصين تبلغ تكلفتها حوالي 12000 دولار، مقارنة بـ 39000 دولار لأرخص سيارة تيسلا في أمريكا.
ويتعين على صناع السياسات أن يكبحوا التوجه إلى السياسات الحمائية، وألا يشعروا بالقلق إلا في حالة انهيار شركات صناعة السيارات الغربية تماماً، وهو أمر غير مرجح. ومع ذلك، لا ينبغي الخوف من حصول شركات صناعة السيارات الصينية على حصة سوقية ضخمة تعمل على تنشيط المنافسة الأوسع. إذا كانت الصين راغبة في إنفاق أموال دافعي الضرائب على دعم المستهلكين العالميين والتعجيل بتحول الطاقة، فإن الاستجابة الأفضل تتلخص في الترحيب بها.