من يستميت بطرح أمر السيادة هم المرتزقة في الجزيرة تحديداً، الذين يعلمون أن إغلاق قناتهم وتسريحهم وطرد العناصر الإرهابية الملوثة بدماء الأبرياء سيجعلهم في قبضة قوى القانون
مما نُقل عن الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه قوله: «المنحطون في حاجة إلى الكذب، إنه أحد شروط بقائهم»، وهي جملة لا يبدو أنها تُترجَم حالياً بأوضح مثال إلا من خلال إعلام حكومة قطر وفيالق المرتزقة الذين يملأون الأفق بتلفيقاتهم ومراوغاتهم، من أجل تلميع صورة الدماء التي تلطخ مخالب وأنياب ضباع تلك الحكومة.
من آخر ما خرجت به عرابة التلفيق و«نافخة كير» ثورات الشر قناة الجزيرة وكأنها تُخاطِب شعوباً مغيبة ذهنياً تماماً وبأسلوب الستينيات والسبعينيات القائم على منهجية غوبلز في الكذب دون توقف حتى يُظَن أنه فعلاً حقيقة، ذاك التقرير عما أسمته بتضامن سائقي سيارات الأجرة بلندن مع قطر ووضعهم شعارات مساندة لها.
وهو الأمر الذي كان نكتة الموسم للمغردين الذين فضحوا اللعبة وأنها لا تعدو أن تكون إعلانات مدفوعة الأجر وتم إيقاف تلك «التكاسي» أمام مبان تملكها الحكومة القطرية وصندوقها السيادي، ولم تتجرأ القناة على مقابلة أي سائق منهم وسؤاله عن حقيقة الأمر حتى لا يفتضح كذبها لأنها تعلم أنه كما أن للكذب أرجلاً، فإن للفضيحة أجنحة تساعد على انكشافه.
في تقرير لقناة الدجل هذه في 6 يونيو 2015 قالت: «أما الإعلام العربي فهو في أغلبه كاذب ومضلل ومزور ورخيص ووظف الجزء الأكبر منه نفسه لخدمة الحاكم المستبد أو المتخلف والظالم والناهب لثروات الناس».
وهي لغة درجت على تكرارها منذ نشأتها بأشكال متعددة لإسقاط كل ما عداها وتقديم نفسها بصفتها الجهاز الإعلامي الوحيد الجدير بالثقة والممثل للمصداقية والمدافع عن هموم وطموحات المواطن العربي، وفي سبيل ذلك لم يتركوا للتلفيق والكذب كهفاً مخفياً إلا وولجوه، فاعتادوا تقويل خصومهم ما لم يقولوا مما يظهرهم كونهم شياطين في أعين المتلقين من بؤساء الشعوب العربية.
من يستميت بطرح أمر السيادة هم المرتزقة في الجزيرة تحديداً، الذين يعلمون أن إغلاق قناتهم وتسريحهم وطرد العناصر الإرهابية الملوثة بدماء الأبرياء سيجعلهم في قبضة قوى القانون
وامتهنوا انتقاء واقتصاص ما يريدون تمريره من معلومات بما يوافق أهواءهم حتى ولو كان باقي الكلام نقيض ما استشهدوا به، ولأن مرتزقة هذه القناة يعلمون ما يدغدغ مشاعر شعوبنا العربية، فقد تم تصوير الآخر دوماً بأنه شيطان متآمر على الأمة يريد تقويض أركان الإسلام، وهم وحدهم من يعمل على خير الأمة وحفظ هويتها وعقيدتها من أن تتناهبها أيدي أهل الشر.
الجزيرة التي أسسها الأخوان الإسرائيليان ديفيد وجان فريدمان باتفاقهما السري مع حمد بن خليفة، لتبدو قناة عربية بحتة ووضعا مديراً لها وضاح خنفر الإسرائيلي الهوى والصديق المقرب لمحمود جبريل رئيس شركة «جي تراك» المتعاقدة مع قناة الجزيرة، التي سبق وقامت بتدريب حمد بن خليفة ليتحدث للغرب بأسلوب مؤتمر دافوس ليس بأسلوب «صياني المفاطيح».
كان هذا الجبريل شريكاً لبرنارد ليفي الفرنسي، الذي يعتبر عرّاب ثورات الربيع العربي واتفق الثلاثة بمباركة أمير قطر لتأجيج المنطقة بطولها وعرضها بالثورات لإسقاط الحكومات العربية وأنتم أعرفُ مني بما حدث لبلدان العرب وراء هذه القناة خلال السنوات الماضية.
هذه القناة التي تمثل كامل الإعلام القطري، فالبقية مجرد «كتاكيت» تحاول الظهور، لم تتوقف عن التلون كما تفعل حكومتها، وكم كان مضحكاً شكر قناة العالم الإيرانية والمناوئة لدول الخليج لقناة الجزيرة لمساعدتها في استعادة حسابها، الذي تم قرصنته على تويتر، حقاً كما قال تعالى: «الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ».
ولن نستغرب ذلك وبين أيدي الجميع مقطعا لحمد بن جاسم في لقائه مع الإعلامي الإخواني أحمد منصور وهو يتحدث عن رفض حكومته أن يتم استغلال قاعدة العديد لضرب إيران قائلاً: «الأميركان يعلمون أننا لن نسمح بأي عدوان على أي دولة جارة وخاصة إيران من قطر».
وخاصة إيران ما هذه العلاقة الحميمة والتعامل الخاص لإيران؟ ولماذا لم يفعل ذلك والطائرات الأميركية تصب النار صباً على المدن العراقية وتحصد أرواح المدنيين، ولأن الشياطين «يؤز بعضهم أزاً»، فقد أتت «الفزعة» سريعاً من روحاني رئيس دولة الإرهاب الكبرى، التي يُعلن رسمياً استعداد بلاده لدعم حكومة قطر عسكرياً لتعزيز أمنها واستقرارها، الدولة الكرتونية ترتعد فزعاً من ردود الإعلام عليها وتستنجد بالفرس والترك وهؤلاء يريدون الكثير من هذه البقرة الحلوب.
إعلام «التكاسي» المأجور يطنطن ويدندن كثيراً على قضية السيادة في محاولة للتشويش وتحوير مناط الأزمة وإقحام موضوع لم يحاول أحد المساس به، ومن يستميت بطرح أمر السيادة هم المرتزقة في الجزيرة تحديداً، الذين يعلمون أن إغلاق قناتهم وتسريحهم وطرد العناصر الإرهابية الملوثة بدماء الأبرياء سيجعلهم في قبضة قوى القانون في الدول الأخرى، وحينها سينكشف جبل الجليد المستتر تحت المياه عن جرائم حكومة قطر وأدوار هؤلاء في نشر الخراب وبث الفوضى.
إعلام التكاسي هذا لا يحمل من أخلاقيات المهنة شيئاً، فهو يصور قطر دوحة للخير ومنبراً للحرية، لكنه يعلم أن دويلته لا تعرف إلا انتهاج سياسة اللعب على المتناقضات وتأجيج الصراعات والقفز لمقعد الوسيط لحل النزاعات التي قامت بافتعال أكثرها حتى ينتبه لها اللاعبون الكبار في المشهد السياسي، التناقضات التي جعلتها ترفع شعارات تحرير فلسطين.
لكنها تستقبل بالأحضان الحاخامات الصهاينة ويقوم حمد بن خليفة ببناء مستوطنة كاملة للمغتصبين الصهاينة على أرض فلسطين، وجعلتها تتباكى على العراق وهي من فتح قواعدها العسكرية وخرجت الصور لجنودها وضباطها وهم يساعدون الطيارين الأميركيين لتلقيم الطائرات الحربية بالصواريخ والقنابل لدكّ بغداد على رؤوس أهلها العُزل.
كما يقول ألبير كامو «المخادع ذئب يبكي تحت أقدام الراعي»، فخداع إعلامهم لن يتوقف كما لن يتوقف تآمر حكومتها، والوضع مع قطر لا يحتاج تفكيراً أكثر، بل كما قال سموالشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي:«إما الانضمام للتحالف وإما مع السلامة».
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة