الشعور بالظلم متعدد الدرجات، وأكثر ما فيه من إيلام هو أن يعلم من بيده الأمر أنك مظلوم ولا يحرك ساكناً!
الشعور بالظلم متعدد الدرجات، وأكثر ما فيه من إيلام هو أن يعلم من بيده الأمر أنك مظلوم ولا يحرك ساكناً! الظالم ليس فقط هو الفاعل أو القائم على فعل الظلم، ولكن المشارك فيه بالصمت السلبي!
تعالوا نستعرض أمثلة:
حينما يقف صاحب قلم، أو صاحب رأي، صامتاً أو متجاهلاً لفساد حادث هذا ظلم.. حينما يتجاهل قاضٍ مستندات ووقائع وشهادة شهود في قضية منظورة أمامه، فهو يتخلى عن قداسة مهنته ويتحول إلى ظالم.
حينما يقف الرأي العام صامتاً أمام قانون معيب أو يرفض الاحتجاج على انحراف في المجتمع فهو رأي عام ظالم.
حينما يصل منسوب الفساد إلى أعلى سقف وتزداد الضغوط الاجتماعية إلى حد مخيف، ويصبح مستوى الفقر ضاغطاً إلى حد الكفر، ينفجر الناس وتتطاير شظايا انفجاراتهم بشكل غير قابل للسيطرة عليه
حينما لا تنتصر إدارة حكومية محلية أو عليا لصاحب حق وترفع عنه الضرر اللاحق به تصبح ظالمة.
الفساد فعل من أفعال الظلم، لأنه فعل يقوم على الاستحواذ على مغانم ومكاسب دون وجه حق بطرق غير شريفة يرفضها الشرع ويجرمها القانون وضد الأخلاق.
وما نراه من شيوع الاحتجاجات والاضطرابات الجماهيرية في شوارع السودان والجزائر والعراق ولبنان وسوريا يرجع إلى انتشار الفساد، وشيوع الظلم القائم على الاستبداد.
الفساد والاستبداد متلازمان، لأن الفاسد بحاجة إلى نظام استبداد كي يهيئ له البيئة الصديقة، ويوفر له الحماية والغطاء لأعماله غير المشروعة.
والعجب العجاب أن بعض مسؤولينا يتساءل أحياناً - بعد ذلك - عن أسباب غضب وثورة الناس، متجاهلاً أن ثورتهم هي «رد فعل» طبيعي لفعل الفساد والاستبداد.
حينما يصل منسوب الفساد إلى أعلى سقف وتزداد الضغوط الاجتماعية إلى حد مخيف، ويصبح مستوى الفقر ضاغطاً إلى حد الكفر، ينفجر الناس وتتطاير شظايا انفجاراتهم بشكل غير قابل للسيطرة عليه.
ينصح علماء الاجتماع السياسي، أصحاب القرار حينما تنفجر ثورة الجماهير بثلاث نصائح ذهبية:
1 - لا تسألوا «ماذا حدث؟»، قبل أن تعرفوا تماماً «لماذا حدث؟».
2 - التفسير التآمري حل مريح ويرفع عبء المسؤولية عن كاهل المسئول، فلا تلجأ إليه.
3 - انفجار الغضب يعني بالدرجة الأولى أن هناك انسداداً في قنوات الحوار بين الحاكم والمحكوم، لذلك افتح أبواب السلطة ونوافذها أمام كل الناس حتى تعلم بالضبط نبض الجماهير وهموم الناس الحقيقية.
وعلينا دائماً أن نتذكر الحديث القدسي القائل: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً».
ولنتذكر دائماً أن أحد أسماء الله الحسنى هو «العدل».
ولنتذكر أيضاً أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، وأن الخالق ينظر إليها ويقسم: «وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين».
نقلاً عن "الوطن" المصرية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة