مثقفون عرب: تتويج الشارقة "عاصمة عالمية للكتاب" يعكس توهج الإمارات
"العين الإخبارية" تستطلع آراء مثقفين عرب بشأن ما يمثله اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب 2019 من إنجاز مهم للثقافة العربية بشكل عام.
أشاد عدد من المثقفين العرب باختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب 2019، اللقب الأرفع ثقافياً على مستوى العالم، مؤكدين أن ذلك ليس مفاجئاً خاصة أنها تمتلك مشروعها الثقافي الخاص، الذي يسهم منذ 40 عاماً في النهوض المعرفي الفكري التنويري المتنوع؛ لتنجح الإمارة بجدارة في قيادة الحراك الثقافي في المنطقة العربية.
"العين الإخبارية" استطلعت آراء مثقفين عرب بشأن ما يمثله الاختيار من إنجاز مهم للثقافة العربية بشكل عام، والإمارات بشكل خاص، كونها أول مدينة خليجية تنال اللقب، والثالثة في الوطن العربي بعد بيروت والإسكندرية، والـ19 على مستوى العالم.
استحقاق كبير
"استحقاق كبير يليق بهذه الإمارة، التي سعت بدعم ورعاية من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلى تجسيد الثقافة عنوانا كبيراً واستراتيجية تستحق تأمل المثقفين والمفكرين العرب"، بهذه الكلمات بدأ الكاتب التونسي الحبيب السالمي، حديثه عن تتويج الشارقة بـ"لقبها الثمين".
وقال السالمي إنه أمر تجسد واقعاً بجملة من المشاريع التي تستحق التنويه في المنطقة العربية، بما تمثله من رؤية ثاقبة انطلقت قبل نحو 4 عقود، "وها هي تحصد ثمار نجاحها المتواصل بما حققته من تنمية مستدامة أساسها الثقافة وبناء الإنسان، بالتوازي مع تنمية عقله وتطوير وعيه ورفده بكل المعارف الإنسانية".
وأضاف أن حصول الشارقة على هذا اللقب انعكاس لحالة التوهج الثقافي التي تشهدها الإمارات بأكملها، وهذا يبعث على التأثير الفكري الكبير للمبدعين العرب في مختلف المجالات الأدبية والفكرية والإبداعية.
وتابع: "الحقيقة أن الشارقة أصبحت جسراً للتواصل في حوار الثقافات بلا انقطاع ولقاءات الحضارات وملتقى للمبدعين، إضافة إلى كونها نافذة هامة تطل منها شعوبنا العربية على ثقافة الآخر".
إمارة الأحلام
اعتبرت الكاتبة المغربية الدكتورة لطيفة لبصير، أستاذ تعليم عالٍ بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، أن الشارقة نقطة فارقة على خريطة الثقافة والنشر في العالم العربي، قائلة: "غدت إمارة الأحلام بحكمة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ومجهوداته قلعة الكلمة الحرة ومنارة حرفها العربي في إمارة رايتها القلم ودستورها الكتاب".
وثمنت البصير حصول الشارقة على اللقب، مضيفة: "أشعر بالاعتزاز بهذا اللقب المستحق عن جدارة، فالشارقة بالفعل تقود المنطقة العربية بأكملها بمشروع ثقافي ضخم مستنير، يركز على الاهتمام بالكتاب، ويسير بخطى واثقة على النهج المرسوم له، وهو إنجاز يضاف للإنجازات المتتالية للشارقة في مجال الاهتمام بالكتاب ويعمقها، لذا فإن الشارقة تحصد الآن النجاح والتفوق والتألق بعد مشوار من العناء أسفر عن تصدر المشهد الثقافي العربي والدولي".
إنجاز جديد لـ"شارقة الثقافة"
بدأ الروائي العراقي زهير كريم حديثه متسائلا: "من يستحقها سوى شارقة الثقافة؟"، مضيفا: "لا شك أنها الإمارة التي أولى حاكمها الاهتمام بالثقافة وإرساء المعرفة كرؤية استشرافية للحوار والرقي والتقدم، وهذا أهم وأجمل ما عزز إنجازات إمارة الشارقة لتنال العديد من الألقاب، وأظن أنه لن يكون آخرها اختيارها عاصمة عالمية للكتاب 2019".
وأضاف: "اللقب صفحة جديدة في كتاب التاريخ الذي يسطر إنجازات الشارقة، التي لطالما كانت سبّاقة في جميع الأحداث والمبادرات الثقافية التي تقام على الصعيد المحلي والعربي والعالمي".
وتابع: "بلا شك أننا سنكون أمام بوابة تفتح على كنوز وثراء فكري ومعرفي وثقافي يشمل جميع فئات المجتمع، ويشترك في صياغته نخبة من المثقفين والمبدعين من كتاب ومؤلفين وناشرين وفنانين، يحضرون جميعهم بكل ما يحملون من إبداعات إلى أرض الشارقة؛ ليطلقوا رسالة إنسانية نبيلة تدل على قيمة الكتاب ودوره الفاعل، باعتباره وسيلة أساسية لتحقيق التقارب الحضاري والمعرفي بين جميع الثقافات حول العالم".
مركز لصناعة الثقافة
رأت الدكتورة رزان إبراهيم، أستاذة الأدب والنقد الحديث بجامعة البترا الأردنية، أن الشارقة نجحت في لفت انتباه العالم إلى أهمية وضرورة أطروحاتها، "فأصبحت واحدة من أهم مراكز صناعة الثقافة، وأهلت لدور أكبر خصوصاً في مجال الكتاب".
وأضافت: "الفضل في ذلك يرجع بالطبع إلى الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكمها المستنير الذي اختار أن يهبها من وقته وجهده واهتمامه ما لا يصدر إلا عن قائد مثقف كبير، يعرف حق المعرفة معنى الثقافة والحاجة إليها في مرحلة قد تكون الأخطر والأدق من مراحل تاريخ منطقتنا العربية بأكملها".
وأكدت أن "هذا اللقب سوف يدفع مجهودات الشارقة من أجل الثقافة والكتاب إلى مستويات متقدمة، ويزيد من مكانتها ويضيف لها عطاءً وتقدماً، فهي تلك الإمارة التي تفوقت على مدن عريقة كانت معروفة قديماً بالاهتمام بالكتاب والثقافة، لكنها ركدت وتخلّت عن مهمتها، فأشرقت الشارقة على طريق الاهتمام بالثقافة".
تتويج لـ40 عاما من العمل
بينما قالت الكاتبة البحرينية فوزية رشيد: "لا يمكن فصل تتويج الإمارة الباسمة باللقب عن ذلك المشروع الثقافي الذي خطه حاكم الشارقة، وبدأ العمل به منذ أكثر من 40 عاما، وها هي ملامحه تكتمل لنرى بأعيننا الشارقة بهويتها الثقافية الحضارية والتربوية والإعلامية والتعليمية إشعاعاً للارتقاء والنهوض".
وأضافت رشيد: "الحقيقة أن هذا المشروع اعتمد في مضامينه على مجموعة من القيم العظيمة التي تميز تراث العروبة والإسلام، وهو في ذلك يؤدي دورين: الأول يتمثل في تصدير هذه القيم إلى العالم في صيغتها الأصيلة، التي طالما تعرضت إلى التشويه على أيدي قوى ظلامية متطرفة تروج لقراءات منحرفة للدين والتراث بغرض تمرير مشاريعها".
وتابعت: "والثاني يتمثل في تعزيز الثقافة الإنسانية وإثرائها بمنجزات في الأدب والفكر والفن وسائر أنواع الإبداع، تنتمي إلى منطقة غنية لها من قوة الحضور ما لا يصح تجاهله وإهماله".
حالة نادرة وأسطورية
ورأى الكاتب الجزائري الدكتور مصطفى الفاسي، أن "القضية تتعدى حصول الشارقة على اللقب، لأن الأهم والأجمل المؤهلات التي من أجلها حصدت إمارة الأحلام هذا اللقب".
وأضاف الفاسي: "المشروع الثقافي الكامل الذي تقوده الشارقة من خلال حاكمها المستنير هو الذي يدفعنا لتأمل تلك الحالة المتفردة التي فرضتها الشارقة على كافة دول المنطقة العربية والخليج، وهي حالة نادرة وراقية وأسطورية وعلي الجميع الاستفادة بل والتعلم منها".
ولفت إلى أن تتويج الشارقة بلقب "العاصمة العالمية للكتاب" لا يضع على عاتق المثقفين الإماراتيين حملاً كبيراً فحسب، بل على كل مثقفي العالم العربي، مضيفا: "آن الأوان لكي نكون على قدر الحدث والإنجاز المستحق".