بين العاطفي والروحاني والحدس.. هل أنت ذكي؟
لا يقتصر مفهوم الذكاء على فهم الأشياء واستيعابها بدقة فقط٬ بل يركز الذكاء أيضا على التواصل العاطفي وأن يكون الإنسان صادقا مع نفسه.
لا يقتصر مفهوم الذكاء على فهم الأشياء واستيعابها بدقة، أو المقدرة على حل المسائل الحسابية المعقدة، أو حتى التمتع بمستوى معرفي عالٍ، ذلك أن الذكاء يرتكز أيضا على عوامل أخرى، منها التواصل على المستوى العاطفي، وأن يكون الإنسان صادقا مع نفسه، وأن يأخذ بالحسبان اللحظة التي يعيشها، بحسب ما يؤكده المتخصصون في علم النفس.
لا يمكن استعادة الماضي، وبالمثل من غير الممكن التنبؤ بالمستقبل، لذلك فلابد من التشبث باللحظة الراهنة، حيث إن ذلك سيحدد مدى سعادتك وحلاوة الذكريات التي ستصحبك.
هناك نوع من السعادة يفرض وجوده، وليس له أسباب واضحة؛ فهو لا يعتمد على عوامل خارجية أو بعيدة، ولكنه ينبعث من أماكن غائرة في نفس الإنسان.
تعرّف القواميس الذكاء على أنه "القدرة على الفهم والاستيعاب وحل المشاكل"، وإذا نظرنا إلى معنى اللغة الاشتقاقي في اللغة اللاتينية، لوجدنا أنها تتكون من لفظي (Intus)، وهي بمعنى "بين"، و (legere)، أي "الاختيار"، بما يفسر الذكاء في المقام الأول على أنه أيضا القدرة على تحقيق الاختيار الأمثل لحل المشكلات من أفضل زواياها.
ووفقا لما تشير إليه المؤهلة النفسية والمعالجة المتخصصة رييس أويرو، الباحثة بمؤسسة جمعية الوعي الإسبانية، فإن هناك طرقا أخرى للاختيار تقع في فضاء ما بين ما اعترف عليه من فلسفة "الوجه الواحد للأشياء"، وهذه الطرق تتعلق بمكنون نفوسنا.
إنها ملكة تساعدنا على بسط ضمائرنا، كما أنها تقربنا من السعادة بمفهومها كحالة من السلام الشخصي الذي يعمل على تواصلنا مع الأشخاص الآخرين والعالم بأسره.
فضلا عن الذكاء المتعارف عليه والخاص بالعقل، فهناك أنواع أخرى من الذكاء؛ منها الذكاء العاطفي، وذكاء الحدس، والذكاء الروحاني، وأيضا ذكاء مبعثه عاطفة الحب، تلك هي السبل التي تطرحها أويرو لاكتشاف مناحٍ أخرى للذكاء الذاتي، وتنمية سبل أخرى تجعلنا نطور هذا الذكاء.
أحد تلك السبل هو "مفهوم الآن"، بمعنى أن الإنسان إذا ظل ينظر إلى الماضي بأحداثه، محاولا أن يستخلص منه أفكارا يتخيل أنها ستساعده على تغيير حياته، فليعرف أنه يبحث عن السعادة في مكان لا توجد به من الأصل.
فالماضي لا يمكن استعادته، كما أن المستقبل دائما غير مؤكد. لذلك يجب التشبث باللحظة الحاضرة؛ حيث إنها ستحدد السعادة في المستقبل، وكذلك نوعية الذكريات التي ستلتصق بك من خلالها.
وسبيل ثانٍ هو ظلال اللاوعي علينا أن نعلم أن خلف قناع "الأنا" ترقد مشاعر كامنة مثل الغضب والغيرة والحقد، وجميعها تشكل ما نسميه بـ"خلفية" الحالة النفسية والعاطفية؛ فحين يتعرض الإنسان لمشاعر مبالغة، فذلك يعني أن خياله يقبع في خلفية المشهد، كما تتاح له الفرصة لمراجعة تفاصيل حياته.
في هذه اللحظة يراجع الإنسان ويفحص تلك التشعبات التي يفرزها خياله في عقله، وتجعله يتقبل "أشياء قبيحة" كان يرفضها ولا يقبل استحضارها، أو النظر إليها لأنه غير راضٍ عنها، فإن الإنسان حين يتعرف على هذه المناطق ويقبلها يصبح قادرا على صياغة اختيارات عقلانية وطرقا أخرى للتعامل مع نفسه ومع الآخرين.
وفيما يتعلق بالسعادة الداخلية فهذا ضرب آخر من السعادة. فهناك سعادة بلا سبب، تفسر بأنها قادرة على التصدي لأي شعور بالإحباط أو المشاعر السلبية الأخرى.
وتنبع هذه السعادة من القناعة بأن حياة الفرد عبارة عن سلسلة من الأحداث المتصلة التي تلتحم بأسباب وجوده في الحياة، هل تعرف ما هي؟ وهل سألت نفسك هذا السؤال؟
لا شك في أنها تكمن في مساعدة الآخرين، ومد يد المساعدة لمن يحتاج إليها في حياته، ومن يتوصل لهذه السعادة يكف عن تعقب سبل المتعة، والشهرة والثروة بأنواعها.
بهذا الشكل فإن طريق معرفة الذات يبدأ باكتشاف النفس أولا حتى تعرف الآخرين، إلا أن العديد من الناس ينسون كيف يشعرون بينما يكونون بمفردهم، قد تشعر بالوجل من الاختلاء بنفسك أو التطرق إلى مناطق نائية في جنباتها لم تطرقها من قبل، لتبحث عن شيء يصرفك عن تفاصيل يومك النمطي.
ولا شك في أن الإنسان لن يكون سعيدا بغير أن يكتشف احتياجاته وقدراته وحدوده أيضا. كما أنه يجب عليه التفكير في ملامح شخصيته القادرة على مساعدته في المضي قدما أو التراجع.
ويعتمد الحوار مع الذات والاستقرار العاطفي على أن يتعرف الشخص على مستويات أبعاده النفسية. تخيل نفسك كصديق تجلس إليه لتحتسي فنجانا من القهوة، وحدد ميعادا ومكانا لهذا اللقاء. ولا يجب أن يشغلك عن هذا اللقاء أي شيء أو أي شخص، وفي هذه الفترة حاول أن تفكر في الأمور التي تمس حياتك وترتبها حسب أولوياتها مثل: (العائلة، والشريك، والأصدقاء، والأحلام، والصحة، وغيرها).
حاول أن تخصص الوقت المناسب لكل عنصر من هذه العناصر السابقة، وحاول أن تدرك هل حياتك تتفق مع احتياجاتك وأحلامك؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فحاول أن تبحث عن أفكار وحلول. حتى أنك تستطيع أن تسجل ذلك كتابة إن أردت، هذا الاجتماع لا يضاهيه في فائدته أي اجتماع آخر مهما كانت أهميته.