«العدل الدولية» والاستيطان.. زيادة لعزلة إسرائيل وتحدٍّ لأمريكا وبريطانيا
وسط الغضب الإسرائيلي من قرار محكمة العدل الدولية، بشأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بات من الصعب على بلدان مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، تجاهله.
فالقرار الذي وصفته الرئاسة الفلسطينية بـ«التاريخي»، ونددت به إسرائيل واعتبرته مستندا إلى «أكاذيب»، يتحدى بريطانيا وأمريكا، «اللتين تساهلتا لسنوات بشأن احتلال الأراضي الفلسطينية»، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وقالت صحيفة «الغارديان»، إن القرار الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات، والذي كان شاملاً ومفصلاً، «يمثل دحضاً صارخاً لمزاعم إسرائيل، وسيكون له تأثير عميق لسنوات مقبلة».
وأعلنت محكمة العدل الدولية أن احتلال إسرائيل طويل الأمد للأراضي الفلسطينية «غير قانوني». ودعت إسرائيل إلى الانسحاب السريع من الأراضي المحتلة، مشيرة إلى أن الفلسطينيين يستحقون تعويضات عن الضرر الناجم عن 57 عامًا من الاحتلال الذي يميز ضدهم بشكل منهجي.
ويمثل الحكم في أجزائه العديدة «هزيمة كبيرة لإسرائيل» في المحكمة الدولية، بحسب الصحيفة البريطانية.
وفي حين أشارت العديد من التقارير والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في الجمعية العامة إلى نفس النقطة، فإن حكم محكمة العدل الدولية، بحكم أنه صادر بالإشارة إلى المعاهدات والقوانين الفردية، «يمثل حكماً يصعب تجاهله».
توبيخ لإسرائيل
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الحكم كان بمثابة «توبيخ لحجة إسرائيل بأن محكمة العدل الدولية ليس لها الحق في النظر في هذه القضية على أساس أن قرارات الأمم المتحدة، فضلاً عن الاتفاقيات الثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين، قد أكدت أن الإطار الصحيح لحل الصراع يجب أن يكون سياسياً، وليس قانونياً».
ورفضت المحكمة هذه الحجة فعليا، مؤكدة أن القانون الدولي ينطبق بغض النظر عن عقود من الجهود السياسية الفاشلة للتوصل إلى اتفاق سلام دائم، وخاصة مع استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات.
واستغرق قراءة القرار نصف ساعة، وجمع بين فروع متعددة من القانون الدولي من اتفاقيات جنيف إلى اتفاقية لاهاي لبناء قضية كانت واضحة للفلسطينيين ومنتقدي السياسة الإسرائيلية في المجتمع الدولي لسنوات.
وقال التقرير إن سنوات من الطموحات الإسرائيلية الرسمية والمعلنة ذاتيا للبناء والاستيطان في الأراضي المحتلة كانت بمثابة نية لضم الأراضي بشكل فعال بما يتعارض مع القانون الدولي؛ وأن هذه السياسات صُممت لصالح المستوطنين وإسرائيل، وليس الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الإدارة العسكرية.
ولعل القسم «الأكثر أهمية»، تلك الفقرة التي قالت إن «نقل إسرائيل المستوطنين إلى الضفة الغربية والقدس، فضلاً عن احتفاظ إسرائيل بوجودهم، يتعارض مع المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة».
تحد لأمريكا وبريطانيا
وفي حين أن الفقرات الفردية التي تنطبق على كل خرق للقانون الدولي - وكل تناقض - لم تكن مفاجئة، فإن الحكم في مجمله «يقدم تحديًا عميقًا للحكومات، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة، التي كانت لسنوات متساهلة في التعامل مع سياسات الاحتلال الإسرائيلي، منتقدة بناء المستوطنات ولكن حتى وقت قريب لم تفعل الكثير من العملي حيال ذلك».
لكن إذا تغير هذا النهج في الأشهر الأخيرة، مع سلسلة من العقوبات الأمريكية والبريطانية والأوروبية التي تستهدف المستوطنين، سواء بشكل فردي أو المجموعات التي تدعمهم، فإن الحكم الاستشاري يطرح سؤالا أكثر خطورة: ما إذا كان ينبغي، نظرا لخطورة الانتهاكات للقانون الدولي، تطبيق العقوبات أيضا على الوزراء والمؤسسات الإسرائيلية التي تدعم المشروع الاستيطاني.
ورغم أن الحكم غير ملزم، فإنه سيوفر ذخيرة كافية لمحاميّ الحكومة الذين يدرسون بالفعل بشكل نشط، فرض عقوبات مستقبلية على أولئك المرتبطين بالمستوطنات الإسرائيلية.
سر التوقيت
وكان من الأمور المهمة في الحكم، أن المحكمة لاحظت النقل الأخير والمستمر للصلاحيات من الجيش إلى مسؤولين مدنيين يشرفون على الأراضي المحتلة، وهو ما حذر المنتقدون من أنه قد يزيد من فضح أنشطة إسرائيل أمام المحكمة.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن التوقيت مهم أيضاً؛ ففي ظل العزلة التي تعيشها إسرائيل بسبب سلوكها في حرب غزة، وخضوعها للتحقيق في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، فإن التقييم الصارخ لعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي على المدى الطويل لن يؤدي إلا إلى تعزيز هذه العزلة.
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuNTIg جزيرة ام اند امز