في يومها العالمي.. مبادرات الإمارات تعزز "الأخوة الإنسانية"
الاحتفال العالمي هذا العام يحمل دلالات وأهمية خاصة للإمارات
يحتفل العالم، الجمعة، باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، تخليدا لخطوة دولة الإمارات التاريخية باحتضان توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية.
ويعد هذا هو ثاني احتفال بهذا اليوم، منذ إقراره أمميا في أجندة الأيام العالمية، بعد أن تم الاحتفال به للمرة الأولى العام الماضي.
ويأتي الاحتفال بتلك المناسبة بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2020 قراراً بالإجماع بإعلان يوم 4 فبراير/شباط أنه "اليوم الدولي للأخوة الإنسانية"، بعد مبادرة قدمتها دولة الإمارات بالتعاون مع السعودية والبحرين ومصر.
ويأتي القرار تقديرا للخطوة التاريخية التي أقدمت عليها أبوظبي في الرابع من فبراير/شباط 2019، وبجهودها في احتضان توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية، التي وقّعها فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
أهمية خاصة
ويحمل احتفال العالم باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، لدولة الإمارات، هذا العام أهمية خاصة لأكثر من سبب.
من أبرز هذه الأسباب أنه يأتي بالتزامن مع استضافة دولة الإمارات فعاليات "إكسبو 2020 دبي"، الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم.
ومنذ انطلاقته مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سخرت دولة الإمارات الحدث الدولي الهام لنشر التسامح بين مختلف دول العالم، وتعزيز الأخوة الإنسانية، إضافة إلى دعم العلاقات الثنائية التي تربط دولة الإمارات بتلك الدول، عبر فعاليات عديدة منها الاحتفال بالأيام الوطنية للدول.
وتمثل الأيام الوطنية والفخرية في إكسبو 2020 دبي مناسبات للاحتفال بكل من المشاركين الدوليين الذين يزيد عددهم على 200 مشارك، بينهم 192 بلدا، وتسليط الضوء على ثقافاتهم وإنجازاتهم وعرض أجنحتهم وبرامجهم. وتتميز كل منها بمراسم رفع العلم على منصة الأمم في ساحة الوصل، تليها عروض ثقافية وفنية وإلقاء كلمات.
ومن خلال تلك الفعاليات، تتحقق العديد من الفوائد التي تسهم في نشر التسامح وتعزيز الأخوة الإنسانية، وبناء جسور التواصل مع العالم من خلال تعريف المشاركين من مختلف أنحاء العالم على ثقافات ومناسبات تلك الدول، لترسخ دولة الإمارات مكانتها جسرا للتواصل بين شعوب العالم.
أيضا تتيح دولة الإمارات من خلال تلك الفعاليات لأكثر من 200 جنسية يقيمون ويعملون بها، فرصة المشاركة في المناسبات الوطنية لبلدانهم على أرضها في خطوات تبرز الرقي والتسامح.
كما تنظم دولة الإمارات خلال المعرض الدولي فعاليات ومهرجانات تبرز من خلالها أهم التجارب المتميزة في تعزيز قيم وثقافة التسامح وقبول الآخر واحترام الاختلاف، وتعزيز التعاون ومواجهة التعصب سواء كان لدين أو جنس أو لون أو ثقافة، من أجل مجتمع عالمي أكثر سعادة، يعيش في سلام وأمن.
وبالتزامن مع اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، تتواصل فعاليات مهرجان الأخوة الإنسانية في إكسبو 2020 دبي الذي انطلق في الثاني من فبراير/شباط الجاري وتستمر أنشطته المحلية والعربية والدولية على مدى 5 أيام بمشاركة دولية بارزة.
وأكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش الإماراتي أن المهرجان الذي تنظمه وزارة التسامح والتعايش بالتعاون مع اللجنة العليا للأخوة الإنسانية يركز هذا العام على تعزيز الجهود الدولية من أجل الإنسانية في كل مكان.
وقال إن الوزارة تستهدف أن يحمل المهرجان رسائل واضحة إلى المجتمعين الدولي والمحلي والتركيز على أن دولة الإمارات التي بذلت جهودا كبيرة منذ تأسيسها وحتى اليوم لتعزيز قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية محليا وعالميا تواصل جهودها لإعلاء القيم الإنسانية في كل مكان بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء حول العالم واصفا المهرجان بأنه سيكون فرصة جيدة لتفعيل دور التحالف الدولي للتسامح على أرض الواقع.
ويدعو "إكسبو 2020 دبي" أحد أكبر الأحداث الدولية التي تُقام في العالم منذ بداية جائحة كورونا، الزوار من جميع أنحاء العالم لصنع عالم جديد وذلك لغاية 31 مارس/آذار 2022، في 6 أشهر من الاحتفال بالنبوغ البشري والابتكار والتقدم والثقافة.
مبادئ الخمسين
السبب الثاني أن هذا الاحتفال يأتي بعد 4 شهور من اعتماد دولة الإمارات وثيقة "مبادئ الخمسين" التي تتضمن التزاما إماراتيا واضحا بترسيخ الأخوّة الإنسانية.
وترسم الوثيقة التي وجه بها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، واعتمدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال دورتها الجديدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والداخلية.
وأكد المبدأ الثامن من تلك المبادئ العشرة في موضعين على التزام دولة الإمارات بترسيخ الأخوة الإنسانية، أحدها أكد أن "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على ترسيخ الأخوّة الإنسانية"، ما يعني أن ترسيخ الأخوة الإنسانية يأتي ضمن الأسس والقواعد العامة لمنظومة القيم في مبادئ الإمارات.
وفي موضع آخر، يعلن الالتزام بتطبيق هذا النهج في السياسة الخارجية، قائلا إن دولة الإمارات "ستبقى داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية".
وينص المبدأ الثامن على أن "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية. وستبقى الدولة داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية".
وهو أمر يؤكد أن نشر التسامح وترسيخ الأخوة الإنسانية هو قول وفعل، ونهج وسياسة.
مجلس الأمن الدولي
هذا النهج والسياسة، سيتيحان لدولة الإمارات فرصة أكبر لتطبيقهما، خلال عضويتها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يعتبر أعلى هيئة دولية معنية بصون الأمن والسلم الدوليين.ويأتي احتفال العالم باليوم الدولي للأخوة الإنسانية هذا العام، بعد شهر من بدء عضوية دولة الإمارات العربية المتحدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، للفترة 2022- 2023، الأمر الذي يعد محطة مهمة وتاريخية في مسار الدبلوماسية الإماراتية.
وتعمل الدولة خلال فترة عضويتها بالاشتراك مع أعضاء المجلس على ضمان أن يتولى المجلس مسؤوليته في إحلال السلام ومنع نشوب الصراعات وحلها لا سيما في المنطقة العربية، تكريسا وتعزيزا للأخوة الإنسانية.
وحددت دولة الإمارات أهدافها خلال فترة عضويتها في مجلس الأمن والتي تعد من ضمن مبادئها التوجيهية في أداء مهمتها بنجاح ومن بينها تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراعات مثل الفقر وغياب التنمية والحوكمة الرشيدة، للمساعدة في إنشاء عالم أكثر عدلاً وشمولاً وأمناً.
ثقة عالمية
أيضا يأتي الاحتفال بيوم الأخوة الإنسانية في وقت تتعاظم فيه مكانة دولة الإمارات الإقليمية والدولية، وتتزايد ثقة العالم وتقديره لجهودها على مختلف الأصعدة، فيما تتواصل مبادراته التي تعزز الأخوة الإنسانية على مختلف الأصعدة.
ثقة جسدها العالم، بانتخابه دولة الإمارات عضوا في مجلس حقوق الإنسان الأممي للفترة 2022-2024، في خطوة تعبر عن عمق الاحترام الدولي الذي تحظى به ودورها البارز في دعم حقوق الإنسان.
قبل أن تفوز باستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
تفويض دولي للإمارات لتنفيذ مهمة جديدة لإنقاذ الكوكب من التغير المناخي، الذي يعد أخطر ما يهدد البشرية.
تفويض يستند إلى ما تمتلكه الإمارات من خبرة عملية كبيرة في مبادرات الحد من تداعيات تغير المناخ ومشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، حيث بدأت خطة الإمارات نحو "كوكب نظيف" منذ 3 عقود وتستمر في تنفيذ خطتها الطموحة لإنقاذ العالم من تداعيات التغير المناخي.
وسيشهد مؤتمر "كوب 28" أول تقييم عالمي لمدى تقدم الدول في تنفيذ مساهماتها المحددة بموجب اتفاق باريس، كما أنه سيتيح للإمارات إطلاق نهجٍ استباقي شامل يراعي احتياجات وظروف مختلف الدول، المتقدمة والنامية، مع توحيد جهود المجتمع الدولي.
مواجهة كورونا
أيضا يحتفل العالم بيوم الأخوة الإنسانية في وقت تواصل فيه دولة الإمارات جهودها لدعم التحركات العالمية لمواجهة جائحة كورونا بعرفان وشكر عربي وأممي للدولة ولقيادتها.
ويسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور، جهود ومبادرات دولة الإمارات والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية لدعم وإغاثة المحتاجين حول العالم في ظل جائحة كورونا.
ولعل أحدث تلك الجهود، افتتاح مركز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الإماراتي-اللبناني الاستشفائي لعلاج مرضى كورونا في لبنان، 12 يناير/كانون الثاني الماضي.
مركز طبي جديد ضمن سلسلة مستشفيات أنشأتها دولة الإمارات حول العالم لعلاج مرضى كورونا، تحمل اسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تقديرا لمبادرات قائد استثنائي اتفق على حبه الجميع.
ويعد دعم الجهود الرامية للقضاء على الأمراض الوبائية التي تهدد البشرية منهج أصيل في السياسة الإماراتية الخارجية.
وبرز العمل الإنساني للإمارات خلال أزمة "كوفيد-19" في العديد من المبادرات منذ بداية الأزمة على الصعيدين الوطني والدولي، عبر تسيير رحلات عاجلة لإجلاء رعايا الدول الصديقة من المناطق المصابة واستضافتهم والتكفل بعلاجهم وعودتهم لدولهم.
وقدمت الدولة منذ بداية تفشي الجائحة وحتى منتصف 2021، ما يزيد على 2300 طن من المستلزمات والإمدادات الطبية إلى نحو 136 دولة عبر 196 رحلة جوية.
بيت العائلة الإبراهيمية
أيضا يحمل احتفال العالم بيوم الأخوة الإنسانية هذا العام أهمية خاصة مع قرب افتتاح "بيت العائلة الإبراهيمية" في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي خلال العام الجاري.
ويضم "بيت العائلة الإبراهيمية" كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، بما يبرز القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، ويحفظ في ذات الوقت لكل دين خصوصيته، مقدمًا بذلك صرحًا عالميًا يجسد تواصل الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية، ويعكس قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
ويجسد "بيت العائلة الإبراهيمية"، ترجمة على أرض الواقع لوثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي 4 فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
ويحمل "بيت العائلة الإبراهيمية"، عدة رسائل تدعو للتعايش لا الإقصاء، وتبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، وتعزز قيم التسامح لنبذ التعصب، وتدعو للمحبة في مواجهة الكراهية.
كما تؤكد دولة الإمارات من خلال فكرة ذلك البيت أهمية التركيز على ما يجمعنا من قيم مشتركة تدعو لها مختلف الأديان لنكون حجر الأساس في بناء مظلة التسامح وواحة الإخوة التي نعيش فيها جميعا في تكامل وتعاون، الذي نحن في أمس الحاجة له في هذا التوقيت تحديدا، خصوصا بعد انتشار أوبئة مثل فيروس كورونا المستجد التي تحتاج إلى تعاون عالمي لمواجهته.
وتفتخر دولة الإمارات منذ تأسيسها بتعزيزها لقيم التعايش والتسامح بين جميع المقيمين على أرضها من الجنسيات والأديان والخلفيات العرقية المتعددة.
ولا ينسى العالم اللفتة الإنسانية الكبيرة، عندما وجّه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية عام 2017 بإطلاق اسم "مريم أم عيسى" عليهما السلام على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة "المشرف" وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات والتي حثَّنا عليها ديننا الحنيف والقواسم المشتركة بين الأديان السماوية.
هذا النهج في تعزيز والأخوة والتسامج، جعل دولة الإمارات وجهة لملايين البشر حول العالم ومن كافة الأديان والشرائع، لقضاء الإجازات والعطل المرتبطة بأعيادهم ومناسباتهم الدينية بفضل مناخ الإحترام والمساواة والتعايش الإنساني الذي يعتبر سمة بارزة للدولة وشعبها والمقيمين على أرضها.
ومن المتوقع أن تتضاعف تلك الأعداد، نحو وجهة دار التسامح، مع اكتمال بيت العائلة الإبراهيمية خلال العام الجاري، الذي سيجمع بيوت العبادة المسيحية واليهودية والإسلامية تحت سقف واحد، ليضاف لما تزخر به دولة الإمارات من مآذن المساجد وأبراج الكنائس ودور عبادة، متجاورة ومتحدة دون اضطهاد على أساس الدين أو العقيدة.
وكانت دولة الإمارات سباقة عالميا في الإعلان عن تشكيل وزارة للتسامح في فبراير/شباط 2016 لتضطلع بمهمة ترسيخ التسامح كقيمة أساسية في المجتمع والعالم، كما كانت أول دولة في العالم تخصص عاما للتسامح في 2019.