اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر.. كورونا يمهد الطريق لاصطياد الضحايا
تحيي المنظمات الدولية اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر؛ لتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية والتوعية بخطورتها وتأثيرها على المجتمعات.
الاتجار بالبشر جريمة عالمية يرتكبها البعض، سواء أفراد أو مجموعات منظمة "مافيا"، بهدف بيع البشر واستغلالهم لتحقيق الربح.
ويأتي موضوع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي يوافق 30 يوليو/تموز من كل عام، بعنوان "أصوات الضحايا تقود الطريق"، للتركيز على أهمية الاستماع إلى الناجين والتعلم منهم.
ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة فإن "الناجون هم جهات فاعلة رئيسية في مكافحة الاتجار بالبشر، بل إنهم يلعبون دوراً حاسماً في وضع تدابير فعالة لمنع هذه الجريمة، وتحديد الضحايا وإنقاذهم ودعمهم في طريقهم إلى إعادة التأهيل".
على مر العقود، عانى الضحايا من الجهل أو سوء الفهم في محاولاتهم للحصول على المساعدة، ومروا بتجارب مؤلمة بعد الإنقاذ أثناء مقابلات تحديد الهوية والإجراءات القانونية، بل وتعرض البعض للإيذاء والعقاب على الجرائم التي أجبروا على ارتكابها، بينما تعرض آخرون للوصم أو تلقوا دعماً غير كافٍ.
لذا، ترى المنظمة الأممية أن "التعلم من تجارب الضحايا وتحويل اقتراحاتهم إلى إجراءات ملموسة سيؤدي إلى اتباع نهج أكثر فعالية وتركيزاً على الضحايا في مكافحة الاتجار بالبشر".
تأثير وباء كورونا على الاتجار بالبشر
كشف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) الأثر المدمر لـ"كوفيد-19" على ضحايا الاتجار بالبشر والناجين منه، مع تسليط الضوء على زيادة استهداف الأطفال واستغلالهم.
وقيّم المكتب الأممي، عبر دراسة جديدة كشف عن نتائجها 8 يوليو/تموز 2021، كيفية استجابة المنظمات التي تعمل في الخطوط الأمامية للتحديات التي يفرضها الوباء واستمرارها في تقديم الخدمات الأساسية للضحايا على الرغم من القيود.
ووفقاً للدراسة، استغل المتاجرون بالبشر الأزمة العالمية، مستفيدين من خسارة الناس للدخل وزيادة الوقت الذي يقضيه كل من البالغين والأطفال على الإنترنت.
بل وضاعف الوباء من صعوبة اكتشاف الاتجار بالبشر، وترك الضحايا يكافحون للحصول على المساعدة والوصول إلى العدالة، وفقاً للمكتب الأممي.
وقالت غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إن تدابير الحد من انتشار الفيروس التاجي زادت من خطر الاتجار بالأشخاص في حالات الضعف، وعرّضت الضحايا لمزيد من الاستغلال ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية للناجين من هذه الجريمة.
ووجدت الدراسة أن المتاجرين بالبشر يستهدفون الأطفال الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات عبر الإنترنت بشكل متزايد؛ لتجنيد ضحايا جدد والاستفادة من الطلب المضاعف على مواد الاستغلال الجنسي للأطفال.
من جانبه، علّق إلياس تشاتزيس، رئيس قسم مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في المكتب الأممي: "يتم الاتجار بالأطفال من أجل الاستغلال الجنسي والزواج القسري والتسول القسري والإجرام القسري".
وبسبب عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على خدمات مكافحة الاتجار، كانت فرصة الضحايا أقل للهروب من المتاجرين بهم.
وبفعل الجائحة الفيروسية، أجبر العديد من ضحايا الاتجار الذين تم إنقاذهم على البقاء لشهور في ملاجئ في البلدان التي تعرضوا فيها للاستغلال بدلاً من العودة إلى ديارهم، أيضاً تم تقليص الخدمات الأساسية التي تقدم الدعم والحماية التي يعتمد عليها الضحايا أو حتى توقفت.
وعلى الرغم من توقف العديد من أجزاء العالم، إلا أن جائحة "COVID" لم يبطئ الاتجار بالبشر.
وقال تشاتزيس: "تزدهر الجريمة في أوقات الأزمات، وتكيف المتاجرين بالبشر بسرعة مع الوضع الجديد ونقلوا أعمالهم غير القانونية من الحانات والنوادي بعد إغلاقها إلى ممتلكات خاصة أو عبر الإنترنت".
واختتم: "علمنا الوباء أننا بحاجة إلى تطوير استراتيجيات حول كيفية مواصلة أنشطة مكافحة الاتجار بالبشر على المستويين الوطني والدولي حتى أثناء الأزمات، ونأمل أن تسهم نتائج دراستنا وتوصياتها في ذلك".
حقائق عن الاتجار بالبشر
الاتجار بالأشخاص هو "تجنيد الأشخاص أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو إساءة استغلال السلطة أو إعطاء أو تلقي مدفوعات أو مزايا للحصول على موافقة شخص له سيطرة على آخر لغرض الاستغلال".
ووفقاً لبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، فإنه "يجب أن يشمل كحد أدنى أي من أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمات أو العبودية أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء".
ويستخدم المُتجِرون العنف ووكالات التوظيف الاحتيالية والوعود الكاذبة بالتعليم وفرص العمل لخداع ضحاياهم وإكراههم وخداعهم.
وتستغل الشبكات المنظمة أو الأفراد الذين يقفون وراء هذه الجريمة المربحة الأشخاص المستضعفين أو اليائسين أو الذين يسعون ببساطة إلى حياة أفضل.
ووفقاً للتقرير العالمي لعام 2020 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بشأن الاتجار بالأشخاص، فإنه نحو 148 دولة اكتشفت في عام 2018 وحده أكثر من 50000 ضحية اتجار بالبشر وأبلغت عن هذه الوقائع.
التقرير الأممي الذي تم تجميعه باستخدام أرقام رسمية من أكثر من 148 دولة كشف أنه لا تزال الضحايا من الإناث تشكل الأهداف الأساسية، وتشكل النساء 46٪ والفتيات 19٪ من جميع ضحايا الاتجار بالبشر.
وبالنسبة للضحايا الذكور، يُظهر التقرير أن 20% من الأشخاص المكتشفين كانوا من الرجال، مقارنة بـ10% في عام 2003.
ويتم الاتجار بالفتيات بشكل رئيسي من أجل الاستغلال الجنسي، بينما يتم استخدام الأولاد في العمل القسري، وفقاً للتقرير.
وعلى الصعيد العالمي، واحد من كل 3 ضحايا يتم اكتشافهم هو طفل وتضاعفت نسبة الصغار بين ضحايا الاتجار المكتشفين 3 مرات وزادت نسبة الأولاد 5 مرات خلال آخر 15 عاماً.
اتساع نطاق الاتجار بالبشر
مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أوضح أن الاتجار بالبشر يحدث في كل منطقة بالعالم، إذ يمكن أن تكون الدول بلد المنشأ أو العبور أو المقصد للضحايا أو حتى مزيجاً من الجميع.
وتُظهر بيانات التقرير العالمي عن الاتجار بالأشخاص لعام 2020 أن أوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية وبعض البلدان في شرق آسيا والمحيط الهادئ تعد وجهات لضحايا الاتجار من مجموعة واسعة من الأصول.
وذكر التقرير: "خلال الفترة 2017-2018، اكتشفت دول غرب وجنوب أوروبا ضحايا 125 جنسية مختلفة، فضلاً عن اكتشاف ضحايا من شرق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء في عدد كبير من البلدان، على رأسها في وسط وجنوب شرق أوروبا".
الاتجار بالبشر يتخذ أشكال عديدة، بينها الاستغلال في صناعة الجنس والترفيه والضيافة، وكخدم منازل أو في حالات الزواج القسري.
يُظهر التقرير العالمي لعام 2020 بشأن الاتجار بالأشخاص أن 50% من الضحايا المكتشفة في عام 2018 تعرضوا للاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي، و38% تم استغلالهم في العمل الجبري.
أيضاً ذكر أن 6% تعرضوا لنشاط إجرامي قسري، في حين أُجبر 1% على ذلك، وسجل التسول والزواج القسري وإزالة الأعضاء وأغراض أخرى أعداد أقل.
aXA6IDMuMTM1LjIwMi4zOCA= جزيرة ام اند امز