بحثا عن ضحايا.. سماسرة الاتجار بالبشر يجوبون الموصل العراقية
يندفع مواطن موصلي لبيع كليته بمبلغ لا يتجاوز الـ7 آلاف دولار تحت ذريعة الفقر والبطالة، ولكن يشترط عليه أن يقدم ذويه تعهدا
وفي جريمة أخرى، تكشف عنها السجلات القضائية في محافظة نينوى، رجل يبيع عضوا من جسده لينفق المال على شرب الخمور وتعاطي المخدرات، وبعد أن عاد إلى الإفلاس مجدداً، وضع زوجته أمام خيارين، التخلي عن كليتها أو الطلاق وتشويه سمعتها، فاختارت الانفصال والاحتفاظ بكامل أعضائها.
فيما يبحث موصلي آخر عبر فرصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لبيع كليته مقابل شراء سيارة بثمنها، وبعد رحلة بحث عثر على ضالته وانتهى الأمر بمبلغ 10 آلاف دولار.
حكايات كثيرة رفع مجلس القضاء الأعلى العراقي، غطاء السرية عنها، محذرا من خلالها من ارتفاع جرائم الاتجار بالبشر وخطر تحولها من ممارسات فردية إلى عمليات منظمة تدار من قبل شبكات من "السماسرة".
ويقول قاضي تحقيق الموصل، مجيد حميد اللهيبي، نقلاً عن بيان لمجلس القضاء، إن "جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية تعد من الجرائم الحديثة على مدينة الموصل، حيث شهدت معدلاتها تزايداً بشكل ملحوظ بسبب انتشار ظاهرة البطالة وتفشي الفقر، الأمر الذي أدى إلى تحول تلك الجريمة من الطابع الفردي إلى الجماعي المنظم، إذ اشترك مرتكبوها بعصابات تمتهن المتاجرة بالأعضاء البشرية لتحقيق مكاسب مادية".
وأضاف اللهيبي، أن "جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية تعد من الجرائم الحديثة على مدينة الموصل حيث شهدت معدلاتها تزايداً بشكل ملحوظ بسبب انتشار ظاهرة البطالة وتفشي الفقر، الأمر الذي أدى إلى تحول تلك الجريمة من الطابع الفردي إلى الجماعي المنظم، إذ اشترك مرتكبوها بعصابات تمتهن المتاجرة بالأعضاء البشرية لتحقيق مكاسب مادية".
وتعاني الموصل مركز محافظة نينوى، من دمار وخراب طال أغلب مرافقها الخدمية والمؤسساتية عقب سيطرة داعش عليها في يونيو/حزيران 2014، وما تبعها من عمليات تحرير عسكرية حتى استردادها من قبضة التنظيم قبل نحو 4 سنوات.
ورغم مرور وقت ليس بالقصير على استعادة الموصل، إلا أن المدنية لا تزال في الكثير من أجزائها مناطق أشباح تعلوها ركام الأبنية المحطمة جراء الأحداث الماضية فضلاً عن وجود جثث لموتى لا يزالون عالقين تحت الأنقاض منذ عام 2017.
وأشار القاضي إلى أن "المتاجرين بالأعضاء البشرية يقدمون العروض المادية المغرية للضحية أو الوعد بإيجاد عمل مستمر مربح، كما أن وجود المستشفيات المتطورة في إقليم كردستان العراق، والتي يتم فيها فصل الأعضاء البشرية كانت عاملا مساعداً لامتهان الكثير من الأشخاص مهنة السمسرة في تجارة الأعضاء البشرية، إضافة إلى وجود المقاهي والكافيهات، التي بدورها سهلت بيع النساء أو الأطفال للعمل بتلك الأماكن".
واتسعت ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق ما بعد عام 2003، وتأخذ أشكالا متعددة، من بينها استغلال النساء والأطفال في عمليات التسول والدعارة والاستغلال الجنسي وصولاً إلى بيع الأعضاء البشرية.
وتتخذ عصابات الاتجار بالبشر طرقاً وأساليبا عديدة في جلب الضحايا والتغرير بهم لغرض استدراجهم، وخصوصا عبر منصات التواصل الاجتماعي التي تسجل بين الحين والآخر عمليات ذات طابع إجرامي.
وشرّع العراق قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم (28) لسنة 2012 بهدف مكافحة جرائم الاتجار بالبشر والحد من انتشارها ومعالجة آثارها ومعاقبة مرتكبي هذا الفعل الخطير، الذي يهين الكرامة الإنسانية وسعياً لوضع الآليات التي تكفل مساعدة ضحايا تلك الجرائم.
وتعرف المادة الـ28 من القانون عمليات الاتجار بالبشر بأنه "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر، بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجار الطبية".
ويعزو خبراء ومختصون، أسباب ارتفاع ظاهرة الاتجار بالبشر إلى عوامل عديدة من بينها ارتفاع معدلات الفقر والبطالة فضلاً عن ضعف الأجهزة الأمنية في ظل الارتباط في المشهد السياسي العراقي بشكل عام.