اليوم الدولي للغات الإشارة.. كورونا يفرض برامج مبتكرة لتوعية الصم
اليوم الدولي للغات الإشارة يعد فرصة فريدة لدعم وحماية الهوية اللغوية والتنوع الثقافي لجميع الصم البالغ عددهم 72 مليونا حول العالم.
يحيي العالم اليوم الدولي للغات الإشارة هذا العام وسط تفشي جائحة كورونا، التي تسببت في أزمة إنسانية كبيرة وأثّرت على نحو مليار شخص من ذوي الإعاقة، وفرضت توظيفاً جديداً للغات الإشارة بهدف توعية هذه الفئة بمخاطر "كوفيد- 19".
ويعد هذا الحدث، الذي يحييه العالم يوم 23 سبتمبر/أيلول سنوياً، فرصة فريدة لدعم وحماية الهوية اللغوية والتنوع الثقافي لجميع الصم البالغ عددهم حول العالم 72 مليونا، بحسب إحصاءات الاتحاد العالمي للصم، والذين يعيش 80% منهم في البلدان النامية.
ورغم أن الصم يتحدثون بأكثر من 300 لغة إشارة حول العالم، فإن هناك لغة إشارة دولية يستخدمها الصم في اللقاءات الدولية وأثناء ترحالهم وممارسة نشاطاتهم الاجتماعية، وتعتبر شكلا مبسطا من لغة الإشارة وذات معجم لغوي محدود، ولا تتصف بالتعقيد مثل لغات الإشارة الطبيعية.
والهدف من إحياء هذا اليوم هو إذكاء الوعي بأهمية لغة الإشارة في الإعمال الكامل لحقوق الإنسان لفئة الصم.
وفي عام 2020 أصدر الاتحاد العالمي للصم "تحدي القادة العالميين" بهدف تعزيز استخدام القادة المحليين والعالميين لغات الإشارة بالشراكة مع الجمعيات الوطنية للصم في كل بلد، فضلاً عن المنظمات الأخرى للصم.
طوارئ كورونا
فرضت جائحة "كوفيد-19" طوارئ عالمية وألزمت حكومات الدول المختلفة بتوفير مزيد من الخدمات الأساسية لضمان وصول ذوي الإعاقة إليها، خاصة أنهم تأثروا بشكل كبير بالآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على فيروس كورونا.
وطبقا لإحصائيات الأمم المتحدة، فإن هناك نحو 15% من عدد سكان العالم أو مليار شخص من ذوي الإعاقة في العالم من بين الأكثر تضررًا من "كوفيد- 19"، وهم أقل احتمالية للوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وسبل العيش أو المشاركة والانضمام إلى المجتمع.
وقدرت أن 46% من كبار السن الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فأكثر هم من ذوي الإعاقة. أيضا من المحتمل أن تعاني واحدة من كل 5 نساء من إعاقة في حياتها، بينما أن واحدا من كل 10 أطفال هو طفل معاق.
وقالت المنظمة العالمية، تعليقا على اليوم الدولي للغات الإشارة: "الوضع يزداد سوءاً بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في سياقات إنسانية هشة. وهم أكثر عرضة للعيش في فقر، ويواجهون معدلات أعلى من العنف والإهمال وإساءة المعاملة".
وتابعت: "الوباء يكثف أوجه التفاوت هذه وينتج تهديدات وعوائق جديدة تؤثر بشدة على ذوي الإعاقة، وتتطلب المعالجة السريعة لهذه التحديات"، مشيرة إلى أن هذه فرصة فريدة لتصميم وتنفيذ استجابة وتعافي من جائحة "كوفيد- 19"، وبناء مجتمعات أكثر شمولاً ويمكن الوصول إليها بالتشاور مع الأشخاص ذوي الإعاقة.
برامج مبتكرة
الوباء أجبر الحكومات والمنظمات الحقوقية على توظيف لغة الإشارة لإيصال رسائل توعوية للصم والبكم والوقاية من "كوفيد- 19"، إذ دُشنت برامج مختلفة أبرزها الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتربية (يونسكو) لضمان إتاحة المعلومات حول فيروس كورونا بلغات الإشارة بدلا من النصوص المكتوبة أو المنطوقة.
في مايو/أيار الماضي، أتاحت "يونسكو" برنامجا مبتكرا بالتعاون مع أحد مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان وبتمويل مشترك من حكومة كندا ومكتب السكان واللاجئين والهجرة، لمشاركة الرسائل الصديقة للأطفال والوقاية من "كوفيد- 19" لأول مرة من خلال استخدام لغة الإشارة بالعربية، وإتاحتها للأطفال ذوي الإعاقة السمعية.
البرنامج احتوى على سلسلة من مقاطع الفيديو التوعوية التي تركز على كيفية الوقاية من الفيروس التاجي باستخدام لغة الإشارة العربية، في محاولة لضمان عدم استبعادهم من تلقي رسائل السلامة المهمة عن كورونا التي تنشرها المصادر الموثوق بها مثل "يونيسف".
هذا النموذج ليس الوحيد سواء لنماذج أنتجتها "يونسكو" أو منظمات حقوقية وإنسانية.
"صحتك تهمنا" في الإمارات
في الإمارات أطلقت مؤسسة "زايد العليا لأصحاب الهمم" حملة للتوعية بفيروس كورونا باستخدام لغة الإشارة، تحت شعار "صحتك تهمنا" بهدف التعريف بـ"كوفيد- 19" وطرق الوقاية منه.
وعلى المستوى الحكومي، أطلقت وزارة تنمية المجتمع الإماراتية أول دليل خاص بتوظيف أصحاب الهمم مزود بتقنية الترجمة إلى لغة الإشارة من خلال شخصية كرتونية افتراضية ثلاثية الأبعاد "أفاتار"، بهدف تمكين أصحاب الهمم وتيسير وصول المحتوى المكتوب للصم بلغة الإشارة بسهولة.
ويصل عدد أصحاب الهمم من ذوي الإعاقة السمعية في الإمارات نحو 2706 أشخاص، بينهم 1616 ذكورا و1090 إناثا، ووفرت لهم الدولة مشروع "المعجم الإشاري الإماراتي للصم"، الذي يجمع مفردات الإشارة الخاصة بالصم على مستوى الإمارات وتوحيدها وتعميمها لحفظها وتداولها بين الصمّ بعد توثيقها في قاموس معتمد يصل عدد كلماته إلى 5000 كلمة.
في السعودية، تحدثت جمعية "مترجمي لغة الإشارة" عن توظيف التلفزيون السعودي مترجمي الإشارة في نشرات الأخبار بهدف تعريف الصم والبكم بكل ما يتعلق بجائحة كورونا، خاصة الإجراءات الاحترازية والوقائية.
وذكرت الجمعية السعودية أن المملكة تضم ما يصل إلى 720 ألفا من الصم، ما استوجب وجود مترجمي الإشارة بجوار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة في المؤتمرات الصحفية المتعلقة بكورونا، بهدف عدم عزلهم عن الواقع.
مبادرات فردية
المبادرات الداعمة للصم والبكم خلال الجائحة بعضها كان فردياً، والبداية قادتها الشابة التونسية شيماء العمدوني التي تطوعت لترجمة جميع الندوات الصحفية التي تعقدها وزارة الصحة التونسية إلى لغة الإشارة، ليفهمها فاقدو السمع ممن يرغبون في الاطلاع على مستجدات كورونا.
الشابة التي عملت مترجمة إشارات لسنوات، قالت في أحاديث صحفية سابقة إنها تطوعت مع الجمعية التونسية لمترجمي لغة الإشارات لترجمة جميع المعطيات الخاصة بفيروس كورونا، فكانت تنقل التصريحات الرسمية بحركات وتعابير يفهمها فاقدو حاسة السمع.
في مصر، تدشن مبادرة "اتعلموا إشارة" أول حفل بلغة الإشارة بالتزامن مع إحياء اليوم العالمي، بهدف نشر الوعي بأهمية تعلم هذه اللغة للتواصل مع فئة الصم والبكم بطريقة أيسر، ويعد هذا الحدث الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط، إيمانا بأحقية تلك الفئة في ممارسة حياة طبيعية يستمتعون فيها بكل الأنشطة المجتمعية.
الحفل يشهد بث أغان متنوعة شهيرة تصاحبها ترجمة فورية يقدمها فريق المبادرة، على أن تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهدف إسعاد فئة ضعاف السمع والصم والبكم ونشر الوعي بين المجتمع بحقهم في الحياة.
aXA6IDE4LjExNy43MC42NCA= جزيرة ام اند امز