ملايين النازحين وآلاف المشردين.. الفاعل تغير المناخ (مقابلة)
تسببت الكوارث المتزايدة بفعل تغير المناخ في زيادة معدلات الهجرة المناخية، وتصاعد المخاطر التي يتعرض لها النازحون والمهاجرون، وفقا لما أكده محمد علي أبونجيلة، الناطق باسم المنظمة الدولية للهجرة في منطقة "مينا" لـ"العين الإخبارية".
وتشير التوقعات الرسمية لمنظمة الهجرة الدولية إلى ارتفاعات كبيرة في نسب الهجرة خلال السنوات المقبلة.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقط، تسببت التغيرات المناخية في عام 2022 في تشريد 305 آلاف شخص، وفقاً للمنظمة.
"العين الإخبارية" أجرت مقابلة مع محمد علي أبونجيلة، الناطق باسم المنظمة الدولية للهجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا Muhammad Ali Abu Ngila, spokesperson for the International Organization for Migration in the Middle East and North Africa، ليكشف أرقاما صادمة عن تأثير تغير المناخ على زيادة معدلات الهجرة والنزوح المناخي، والتوقعات المستقبلية لسيناريوهات الهجرة، وأبرز الحلول الممكنة.
وإلى نص الحوار:
1- كيف تسبب تغير المناخ في زيادة معدلات الهجرة المناخية خلال السنوات الماضية؟
في العقدين الماضيين، مثلت الأحداث المناخية المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ، مثل العواصف والفيضانات وحرائق الغابات، أكبر ثلاثة أسباب للنزوح في جميع أنحاء العالم.
التغيرات المناخية يمكن أن تعرض صحة الإنسان للخطر وتهدد حياته بشكل مباشر، أو تدمر البنية التحتية الحيوية وسبل العيش، ما يجبر السكان على النزوح والتحرك إلى مناطق أكثر أمانًا.
ووفقًا لمركز مراقبة النزوح الداخلي، تسببت العواصف والفيضانات، وحرائق الغابات والجفاف ودرجات الحرارة القصوى، في حالات نزوح جديدة لنحو 21.9 مليون شخص سنويًا على مدار العقد الماضي، ثم ارتفع الرقم ليصل إلى 31.8 مليون شخص في عام 2022، وهو ما يمثل أكثر من ضعف نسبة النزوح التي تسببت فيها النزاعات، ويتسبب تغير المناخ في زيادة شدة وتكرار هذه المخاطر.
2- كيف تؤثر الهجرة المناخية على زيادة الفقر والحرمان من التعليم وتدهور سبل العيش؟
على الرغم من أن الأحداث المفاجئة مثل الفيضانات والعواصف من المرجح أن تؤدي إلى نزوح جماعي، فمن المتوقع أن يهاجر عدد أكبر من الناس بشكل عام، لا سيما داخليًا في بلدانهم بسبب التدهور التدريجي للظروف البيئية، وسيستمر ذلك إذا لم يتم اتخاذ إجراءات مناخية وتنموية قوية.
ومن أمثلة التدهور البيئي التي يساهم فيها تغير المناخ، بعض الظواهر مثل التصحر، وانخفاض خصوبة التربة، وتآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر، ممّا يؤثر على أنماط المعيشة وأنظمة الإنتاج الحالية، ويؤدي إلى أنواع مختلفة من الهجرة.
لا تؤثر الهجرة بسبب المناخ في حد ذاتها على زيادة الفقر أو الحرمان من الخدمات، ومع ذلك، إذا حدثت تحركات السكان المرتبطة بتغير المناخ، مثل الهجرة من الريف إلى الحضر دون وجود سياسات وأنظمة إدارة مناسبة، فقد يؤدي ذلك إلى الضغط على الخدمات العامة المتاحة في المناطق الحضرية، وهذا يسلط الضوء على أهمية دمج اعتبارات التنقل البشري في السياسات، بما يتضمن التخطيط الحضري وتخطيط التنمية الريفية.
3- قال تقرير صادر عن البنك الدولي إن الهجرة المناخية الداخلية قد تصل إلى 216 مليون شخص بحلول عام 2050.. ما هي عواقب ذلك؟
بحلول عام 2030، سيعيش ما يقدر بنحو 50% من سكان العالم في المناطق الساحلية المعرضة للفيضانات والعواصف وأمواج تسونامي، ومن المتوقع أن تزداد وتيرة وشدّة هذه الكوارث في العديد من المناطق، مما يزيد من مخاطر النزوح في المستقبل.
وبالنظر إلى سيناريو الانبعاثات المستقبلية والمسارات الديموغرافية، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تشريد عشرات إلى مئات الملايين من الأشخاص بحلول عام 2100، وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وفي حالة ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين، فإن 37% من سكان العالم سيعانون من حرارة شديدة، وسيتعرض أكثر من 350 مليون شخص لدرجات حرارة شديدة في بعض المناطق، ما يجعلها غير صالحة للسكن بحلول عام 2050، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
4- وهل ستكون المناطق الحضرية أكثر تضررا بالنزوح المناخي؟
السبب الرئيسي لزيادة التعرض للحرارة هو مزيج من الاحتباس الحراري والنمو السكاني، لذا ترى الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن غالبية السكان المعرضين لموجات الحر يعيشون في المراكز الحضرية.
أيضاً، تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الآثار المباشرة لتغير المناخ، جنبًا إلى جنب مع الآثار الثانوية مثل انخفاض الإنتاجية الزراعية، قد تتسبب في الهجرة الداخلية لـ216 مليون شخص بحلول عام 2050، وسيذهب معظم هذا العدد إلى المناطق الحضرية، لذا وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، من المتوقع أن يعيش 2.5 مليار شخص إضافي في المناطق الحضرية بحلول عام 2050، ويتركز ما يصل إلى 90٪ من هذه الزيادة في مناطق آسيا وأفريقيا.
وبالرغم من أن التوقعات المتعلقة بزمان ومكان تعرض الأشخاص للأخطار المتعلقة بالمناخ دقيقة بشكل متزايد، لكن تقديرات عدد المهاجرين التي ستولدها هذه الأحداث لا تحظى بدرجة عالية من الدقة والتأكيد، وهذا لا يرجع فقط إلى التغيرات المحتملة في مستويات الانبعاثات في المستقبل، ولكن أيضًا إلى عدم التأكد من كيفية تأثير سيناريوهات تغير المناخ المختلفة على تنقل البشر، مع الأخذ في الاعتبار أن معظم حالات الهجرة والنزوح ذات الصلة بتغير المناخ تحدث حاليًا داخل البلدان.
وتدعو المنظمة الدولية للهجرة إلى تعزيز التضامن مع البلدان والأشخاص الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، من خلال تسهيل مشاركتهم في عمليات انتقال عادلة وتوسيع نطاق التمويل المستدام الذي يساعدهم على التكيف مع الخسائر والأضرار، ويدعم قدرتهم على التعامل مع تأثيرات تغير المناخ على تنقل البشر.
5 - هل تساعد أنظمة الإنذار على الحد من الهجرة بسبب المناخ؟
أنظمة الإنذار المبكر تساعد على الحد من مخاطر الكوارث، وتعزز قدرة المجتمع على اتخاذ الإجراءات المقاومة لتغير المناخ، ومعالجة دوافع التنقل القسري وتحقيق التنمية المستدامة، ويمكن أن يشمل ذلك إجراء تقييمات للمخاطر، والتي تتضمن توقع مخاطر الكوارث الحالية وآثار تغير المناخ في المستقبل ، ووضع خريطة للتنقل البشري للاستعداد المسبق في حالات الطوارئ والكوارث.
يمكن أيضاً تسهيل مشاركة المهاجرين والمشردين والمجتمعات المحلية، ولا سيما الأكثر ضعفاً، في الإجراءات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، وتحديد الثغرات في القدرات المحلية على الاستجابة للكوارث وإصلاحها، مع تسهيل إعادة دمج المهاجرين العائدين من خلال سياسات "إعادة الإدماج الخضراء" التي تساعد على التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.
من المهم أيضاً تطوير البنية التحتية المقاومة للمناخ في مواجهة الأخطار الطبيعية، وتطوير سبل العيش المستدامة المقاومة للمناخ للسكان المعرضين للخطر لدعم التكيف، مع تقديم التعليم والتدريب على المهارات المهنية.
6- ما هي القضايا التي ترى ضرورة مناقشتها في COP28؟
قبل انعقاد الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف، تدعو المنظمة الدولية للهجرة أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ إلى تعزيز التكيف مع تغير المناخ، بما في ذلك الإجراءات التي تساعد الأفراد والمجتمعات والحكومات على اتخاذ قرارات آمنة ومستنيرة بشأن التنقل البشري.
وندعو إلى زيادة تعزيز قدرة الناس على الصمود من خلال تدابير الوقاية والتأهب والحد من المخاطر التي تعزز التنمية المستدامة، وتمكّن الناس من البقاء في أماكنهم الأصلية بكرامة وأمان.
7- ما هو تقييمك لوضع الهجرة المناخية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
تتزايد آثار تغير المناخ والتدهور البيئي على التنقل البشري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باستمرار.
تعتبر هذه المنطقة أكثر مناطق العالم التي تعانين من الإجهاد المائي، ويتفاقم هذا بسبب تغير المناخ، ممّا يؤثر بشكل خطير على قطاع الزراعة باعتباره المهنة الرئيسية في جميع أنحاء المنطقة، مما يؤدي بدوره إلى انعدام الأمن الغذائي وتضاؤل فرص كسب العيش بين سكان المنطقة.
ويتوقع تقرير الجزء الثاني من البنك الدولي أنه بحلول عام 2050، لو لم يتم اتخاذ إجراءات مناخية وتنموية ملموسة، سيصبح 19.3 مليون شخص "مهاجرين داخليين للمناخ" في شمال أفريقيا، وهو ما يمثل نحو 9% من الكثافة السكانية في المنطقة في ذلك التوقيت.
وتعوق الكوارث الناجمة عن المناخ والتدهور البيئي التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، لا سيما بالنسبة للأشخاص الأكثر عرضة لتغير المناخ، لذا تهتم المنظمة الدولية للهجرة بوضع التنقل البشري في قلب استراتيجيتها للتكيف مع تغير المناخ وبناء مرونة المجتمعات والأفراد المتضررين.
8- ما هي الحلول المقترحة من وجهة نظرك؟
تسعى المنظمة الدولية للهجرة لتنفيذ نهج للتعامل مع الهجرة في سياق تغير المناخ والتدهور البيئي لصالح المهاجرين والمجتمعات، ونركز على ثلاثة أهداف هي تمكين الهجرة الآمنة والمنتظمة للمتضررين من آثار تغير المناخ، والثاني هو تقديم المساعدة للأشخاص النازحين وحمايتهم، والثالث هو تطوير حلول لمساعدة الناس على البقاء في أماكنهم الأصلية من خلال بناء المرونة ومعالجة الدوافع المناخية والبيئية التي تجبر الناس على الانتقال.
9- ما هي أهم نتائج تقرير "التغير المناخي وتنقل الإنسان" الذي أطلقته المنظمة الدولية للهجرة؟
ناقش التقرير مسألة إنتاج البيانات الكمية التي يمكن أن تساعدنا في وضع توقعات أكثر دقة حول تأثير تغير المناخ على تنقل الإنسان، وللتمكن من عرض الاتجاهات المستقبلية المتوقعة لحركات النزوح.
وسلط الضوء على الحاجة إلى تعزيز تطوير النماذج واستخدام أساليب حديثة للوصول إلى نتائج موثوقة بشأن التوقعات، كما أوصى بتوسيع وتحسين بيانات التنقل من خلال دمج البيانات التي تم جمعها من الهيئات الوطنية والحكومية الدولية، وإتاحة البيانات المصنفة وتوسيع مجموعات بيانات الهجرة الداخلية وتنظيمها.
aXA6IDMuMTQ1LjExNS4xMzkg جزيرة ام اند امز