دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل نموذجاً عالمياً رائداً في مجال نشر قيم التسامح والحوار والأخوة الإنسانية.
احتفل العالم أمس بـ"اليوم العالمي للتسامح"، وهي مبادرة دشنتها الأمم المتحدة منذ عام 1995 كمناسبة سنوية تهدف إلى تذكير العالم أجمع بأهمية التسامح والعمل الدائم من أجل نشره وترسيخه باعتباره الأساس لتحقيق استقرار وأمن ونهضة الشعوب والمجتمعات ومواجهة نزعات التعصب والكراهية والتطرف والعنف التي باتت تغزو العالم كله وتشكل أكبر تهديد للأمن والاستقرار فيه.
وفي دولة الإمارات تحظى هذه المناسبة باهتمام خاص وكبير، ليس فقط لأنها دولة تسامح تضع نشر هذه القيمة الإنسانية السامية في ربوع العالم كله ضمن قمة أولوياتها، ولكن أيضاً لإيمان قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، بأن قيم التسامح والسلام والمحبة والأخوة الإنسانية هي التي ترسم أمام البشر أينما كانوا طريق الرخاء والتنمية والاستقرار. وهو أمر تجسد واقعاً من خلال العديد من المبادرات والخطوات والسياسات التي يصعب حصرها لتعزيز التسامح وترسيخه سلوكاً وثقافة داخل الإمارات وخارجها.
فالإمارات هي أول دولة في العالم تعين وزيراً للتسامح وتنشئ وزارة له، وهي أكثر دول العالم نشاطاً في العمل على تعزيز الوعي المجتمعي بهذه القيمة الإنسانية السامية وبأهميتها، وترسيخها كثقافة مجتمعية، وإحاطتها بسياج قوي من الأطر المؤسسية والقانونية والتشريعية، حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من سمات الشخصية الوطنية الإماراتية.
كما عملت الإمارات على نشر قيم التسامح والمحبة والإخاء في ربوع المنطقة والعالم كله، وهو ما تجلى في العديد من المبادرات والخطوات المهمة، مثل جهودها المستمرة لمواجهة نزعات التطرف الأعمى ومحاربة جماعات الإرهاب والتصدي لأفكارها التي تزرع الحقد والكراهية والعنف أينما حلت، وكذلك مبادرتها الرائدة لجمع ممثلي أكبر ديانتين في العالم، وهما شيخ الأزهر الشريف وبابا الفاتيكان على أراضيها ورعايتها لإطلاق "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي وقع عليها هذان الرمزان الدينيان، والتي تشكل إنجازاً حضارياً إنسانياً غير مسبوق في مجال ترسيخ ثقافة التسامح والحوار بين أنصار الديانات السماوية المختلفة. كما أن قيام الدولة مؤخراً بالتوقيع على اتفاقية السلام مع دولة إسرائيل، يشكل ترسيخاً لهذا النهج الذي يدعو للتسامح والحوار والتعايش مع جميع الشعوب والديانات بهدف تحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية لجميع الشعوب.
وإذا كانت مبادرة "اليوم العالمي للتسامح" توافق ذكرى ميلاد أحد الرموز الذين وهبوا حياتهم من أجل نشر ثقافة التسامح وهو الزعيم الهندي المهاتما غاندي، فإننا في دولة الإمارات العربية المتحدة نفتخر أيضاً بأن لدينا رمزا عالميا آخر من رموز التسامح، وهو المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عمل على ترسيخ هذه القيمة الإنسانية العظيمة قبل أن يدرك العالم بعقود أهمية التسامح كوسيلة لمواجهة نزعات التطرف والكراهية والإرهاب الأسود التي تكتوي بها البشرية اليوم.
إن اليوم العالمي للتسامح هو مناسبة مهمة للتذكير بأهمية قيمة التسامح، وأهمية العمل على ترسيخها في نفوس الأجيال والشعوب كأساس لنشر روح التعاون والتفاهم بين البشر وتقبل الآخر، ومواجهة نزعات التطرف بشتى صورها، والتي لم تعد تهدد الدول العربية والإسلامية، وإنما العالم كله على النحو الذي شاهدناه في الجرائم المروعة التي شهدتها أوروبا مؤخراً.
إن الواقع المزري الذي تعيشه البشرية اليوم، لا سبيل للخلاص منه إلا من خلال نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، وتأكيد الأخوة الإنسانية بين البشر جميعاً، فهذا هو المدخل الوحيد لتحقيق السلام في العالم كله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة