اليوم العالمي للمرأة.. دور بارز للعمانيات في صناعة المستقبل
تشارك عٌمان، العالم الاحتفال بيوم المرأة الدولي، في وقت تسارع فيه الخطى لتطبيق رؤية 2040، الهادفة لتمكين المرأة في مختلف المجالات.
وتأتي احتفالية يوم المرأة العالمي الذي توافق 8 مارس/آذار من كل عام، في الوقت الذي بدأت فيه السلطنة منذ مطلع العام الجاري تنفيذ خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021– 2025)، والتي تعد الخطة التنفيذية الأولى للرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان، والتي كان للمرأة العمانية دور بارز في صياغة محاورها وأهدافها.
كما تأتي احتفالية هذا العام بعد شهرين من إصدار السلطان هيثم بن طارق، 11 يناير الماضي، مرسوما سلطانيا بإصدار النظام الأساسي للدولة، الذي يعد بمثابة دستور للبلاد، والذي أكد كفالة الدولة لتحقيق المساواة بين المرأة والرجل.
ويعد الاحتفال بيوم المرأة العالمي فرصة مهمة للتوقف أمام الإنجازات التي حققتها المرأة العمانية، ودورها المحوري في مسيرة النهضة العمانية المتجددة بقيادة السلطان هيثم بن طارق.
دعم متواصل
وثمة دعم لا محدود من القيادة العُمانية للمرأة، ظهر جليا في خطابات السلطان هيثم عقب توليه الحكم، وفي مواد النظام الأساسي للدولة الصادر قبل شهرين، وفي الرؤية العمانية 2040.
وفي خطاب السلطان هيثم بن طارق في 23 فبراير/شباط 2020، بعد نحو شهر من توليه مقاليد الحكم، أكد على الاهتمام بالمرأة العُمانية ودورها الحيوي في بناء الوطن أسوة بأخيها الرجل على مختلف الأصعدة.
وقال في خطابه "إن شراكة المواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، مؤكدين على رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية التي لا نحيد عنها ولا نتساهل بشأنها".
الدعم اللامتناهٍ للمرأة العمانية، ظهر بشكل جلي في حضورها البارز في التشكيلة الوزارية الأخيرة، حيث تولت المرأة 3 حقائب وزارية في التشكيل الذي أجراه السلطان هيثم في 18 أغسطس/آب الماضي.
كما ظهر أيضا في النظام الأساسي للدولة الصادر 11 يناير الماضي، حيث نصت المادة (١٥) من النظام الأساسي في أكثر من بند ما ينص على كفالة الدولة لتحقيق المساواة.
وجاء في أحد البنود أن "العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع، تكفلها الدولة".
كما نصت أيضا على أن "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتعمل الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، وتكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وتلتزم برعاية الطفل، والأشخاص ذوي الإعاقة، والشباب، والنشء، وذلك على النحو الذي يبينه القانون".
ولا تفرق القوانين العمانية في الحقوق والواجبات بين المواطنين العمانيين على أساس الجنس، بل إن القوانين العمانية أنصفت المرأة فيما يتعلق بمراعاة طبيعتها، حيث نصت بعض القوانين على تمييز المرأة تمييزا إيجابيا لما يحفظ خصوصيتها ويراعي طبيعتها.
كما انضمت السلطنة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 2005، وعملت على متابعة الإجراءات التي دخلت على الاتفاقية لتأصيل جميع الجوانب التي تحفظ للمرأة مكانتها الاجتماعية .
رؤية 2040.. أدوار بارزة
المرأة العمانية كان لها إسهامها البارز أيضا في رسم ملامح المستقبل، حيث شاركت المرأة العمانية في الإعداد والمشاركة في جلسات العمل التي ناقشت الاستراتيجية الوطنية لرؤية عمان 2040، التي تجسّد التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان، وشارك في إعداد الرؤية أكثر من 41 ألف مشارك ، كانت نسبة مشاركة المرأة منها ما بين 30- 35%.
وبدأت في السلطنة منذ مطلع العام الجاري تنفيذ خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021– 2025)، والتي تعد الخطة التنفيذية الأولى للرؤية المستقبلية "عُمان 2040".
وتبنت خطة التنمية الخمسية العاشرة سياسات تساهم في تمكين المرأة في مختلف المجالات ورفع مشاركتها في سوق العمل.
وتركز رؤيةٌ 2040 على دعم النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتحقيق الاستدامة المالية مصحوبة ببرامج الحماية الاجتماعية، مع ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، وإرساء نظام تعليمي وصحي بجودة عالية، ضمانا لتواصل البناء والعمران لمصلحة الأجيال المتعاقبة.
وقد ركَز مِحور المرأة ضمن رؤية عُمان 2040 على توفير البيئة الملائمة لمشاركتها في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية، بما يعزز وضعها ويمكنها من المشاركة الفاعلة في جهود التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها السلطنة، تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق.
كما ساهمت المرأة في صياغة بنود استراتيجية العمل الاجتماعي ( 2016-2025) التي تشرف عليها وزارة التنمية الاجتماعية، وإقرار محاورها وتوجهاتها بما ينهض بالعمل الاجتماعي بشكل عام، حيث تهدف استراتيجية العمل الاجتماعي إلى تقديم مستوى من الحماية الاجتماعية للأسرة العمانية بما يتناسب وتحقيق رؤية وأهداف رؤية عمان 2040.
مواجهة كورونا
أيضا يسجل للمرأة العمانية دورها البارز خلال مجابهة البلاد جائحة كوررونا، فلم تكتفِ المرأة العمانية بأن تكون متلقية للرعاية الصحية فقط بل وقفت الممرضاتُ والطبيبات العمانياتُ جنبا إلى جنب مع الأطباء العمانيين للعلاج ومحاربة جائحة كورونا، حيث تقدم الرعاية الصحية والعلاج للمرضى من خلال تواجدها في الحقل الصحي، وأثبتت قدراتها بجدارة في هذا المجال.
وتقديرا منه للدور التي تقوم به المرأة، فقد قام السلطان هيثم بن طارق في أكتوبر الماضي بتكريم عدد من الشخصيات النسائية بمنحهن وسام الإشادة السلطانية.
وقامت "السيدة الجليلة"، عهد بنت عبدالله البوسعيدية، حرم السلطان العماني، بتسليمهن الأوسمة، خلال رعايتها الاحتفال في قصر البركة بمناسبة يوم المرأة العمانية، الذي يوافق ١٧ أكتوبر من كل عام، كما كرمت حرم السلطان خلال الاحتفال 50 شخصية نسائية عُمانية كان لهن دور مشهود في تجسيد شخصية المرأة المثابرة.
وضمت القائمة الكثير من الشخصيات النسائية اللاتي لعبن دورا مهما في التصدي لجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، من بينهم الدكتورة عائشة بنت سليمان بن راشد الشحية استشاري أول طب أسرة بمستشفى دبا ، التي ترأست الفريق الطبي للسيطرة والحد من انتشار فيروس كورونا، والدكتورة زينب بنت ناصر بن محمد البلوشية استشارية أولى جراحة أطفال ورئيسة قسم الجراحة بمستشفى جامعة السلطان قابوس أول امرأة تتولى منصب رئيس الجمعية العمانية للجراحة، التي كان لها دور بارز في جائحة "كوفيد-19" من خلال إعداد خطة متكاملة لاستقبال المرضى وتقديم العلاج الجراحي الطبي المناسب.
وكان من بين المكرمات الدكتورة عقيلة بنت محمد بن حسن بن تقي نائبة كبير الصيادلة بقسم الصيدلية في مستشفى جامعة السلطان قابوس لدورها في إطلاق مبادرات وضع ومراجعة وتدقيق آليات العمل خلال جائحة كوفيد19 وتنفيذ مبادرات مجتمعية لترويج الاستخدام الأمثل والآمن للأدوية والمستحضرات الصيدلانية بالاشتراك مع فريق قسم الصيادلة.
كما تضمنت القائمة مجموعة من الشخصيات النسائية اللاتي حققن إنجازات سجلها تاريخ المرأة العمانية، مثل مريم بنت محمد بن خميس الهوتية، أول عمانية تخصصت في تخطيط الدماغ والأعصاب، والدكتورة شيخة بنت سلطان بن سالم الجابرية رئيسة قسم النساء والولادة بمستشفى صحار، أفضل طبيبة متدربة في مجال الأورام السرطانية النسائية لعام 2006 والرائدة في مجال إجراء العمليات الجراحية النسائية المتقدمة بالمناظير ( 300 جراحة سنويا).
جمعيات المرأة
ودعما لجهود تمكين المرأة، أولت الحكومة اهتماما كبيرا لجمعيات المرأة العمانية التي تهتم بقضايا المرأة، وتقوم جمعيات المرأة العمانية بدور تنموي بارز في المجتمع، كما تعتبر مؤسسات اجتماعية وثقافية تلتقي فيها المرأة لتمارس هواياتها، وتصقل مهاراتها، وتناقش قضاياها.
وتعدّ جمعيات المرأة العمانية في ولايات السلطنة من المؤسسات الداعمة للجهود التي تبذل في مجال تمكين المرأة، وتعمل على رفع قدراتها ومهاراتها في مختلف الجوانب، وبلغ عددها 65 جمعية وفرعا تضم 9509 عضوات، ويوجد بتلك الجمعيات مراكز التأهيل النسوي ومراكز تنمية المرأة الريفية التي تتبع للجمعيات إشرافيا.
أرقام معبرة
وتؤمن الحكومة العمانية بأن بناء المجتمع، وتحقيق التطور والنماء لا يتأتى إلا بإشراك جميع مكونات المجتمع، لذلك حرصت على تمكين المرأة واستثمار طاقتها في عمليات البناء، وهو ما تترجمه على أرض الواقع لغة الأرقام.
وبلغت نسبة العمانيات العاملات في القطاعين الحكومي والخاص 2ر33% من إجمالي العاملين وذلك حتى نهاية يوليو 2020، وبلغت نسبتهن في القطاع الخاص 4ر26% من إجمالي عدد العمانيين العاملين في القطاع، وبلغ عددهن في نهاية عام 2019 أكثر من 66 ألفًا و400 عاملة.
ويتركز النشاط الاقتصادي للعمانيات في قطاع تجارة الجملة والتجزئة، يليه قطاع التشييد ثم قطاع الأنشطة المالية وأنشطة التأمين فقطاع الصناعات التحويلية، ويوضح المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن نسبة العمانيات العاملات في القطاع الحكومي تبلغ 9ر41% من إجمالي المشتغلين، وأن هناك 83 ألفًا و587 عمانية مسجلات في صناديق تقاعد القطاع العام، وأن 23% نسبة الإناث رائدات الأعمال من إجمالي رواد الأعمال في السلطنة عام 2019.
وفي مجال السياسة، كفلت التشريعات الوطنية للمرأة العمانية الحق في ممارسة الحقوق السياسية، حيث صدر قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى بالمرسوم السلطاني رقم (58/ 2013)، مبيناً شروط الانتخاب في عضوية المجلس.
وشهدت صناديق الاقتراع إقبالا نسائيا كبيرا طوال فترات الانتخابات الماضية، جسدته انتخابات مجلس الشورى والمجالس البلدية، حيث سجلت الفترة الثانية لانتخابات مجلس الشورى (1994- 1997) انطلاقة المرأة العمانية بمنحها حقي الانتخاب والترشح، حيث كانت محافظة مسقط نقطة ارتكاز لها كتجربة أولى جرى تعميمها بعد ذلك في جميع محافظات السلطنة، وفازت خلال تلك الفترة امرأتين بعضوية المجلس.
كما شهدت الفترة التاسعة لانتخابات مجلس الشورى (2019ـ 2023) والتي جرت في أكتوبر 2019 ارتفاعا في عدد المرشحات مقارنة بالفترة الماضية حيث بلغ عددهن 40 مرشحة من بين 637 مرشحا تنافسوا على 86 مقعدا في المجلس، وبلغ عدد من كان لهن الحق في التصويت 337 ألف و534 امرأة مثلن 3ر47% من إجمالي عدد الناخبين البالغ 713 ألف و335 ناخبا، وفازت في هذه الفترة امرأتين بعضوية المجلس.
وخلال مسيرتها على صعيد الفضاء الدبلوماسي والقنصلي في داخل السلطنة وخارجها، استطاعت المرأة العمانية أن تثبت جدارتها وكفاءتها في المنظمات الدولية، ومثلت المرأة العمانية السلطنة كسفيرة في عدد من الدول ومازالت، حيث بلغت نسبة السفيرات العمانيات من اجمالي السفراء خارج السلطنة (7%) في عام 2019.