"أصفر أزرق أخضر".. أسرار الصحافة بكتاب استغرق إنجازه 16 عاما (حوار)
استغرقت الكاتبة المصرية رحاب لؤي 16 عاما كي تنجز كتاب "أصفر أزرق أخضر"، وكان قد صدر قبله بأسابيع قليلة كتاب أوراق الحزن الخمسة.
رحاب حصلت على العديد من الجوائز، المحلية والدولية، منها جائزة التفوق الصحفى من نقابة الصحفيين المصريين، في فرع صحافة المرأة عام 2014، وجائزة مصطفى وعلي أمين، فرع القصة الإنسانية، عام 2018، وجائزة من هيئة التبادل العلمي الألماني، ومعهد جوتة في مجال الكتابة العلمية ضمن فعاليات ورشة "العلم حكاية" عام 2018، كما حصلت على المركز الثالث في مسابقة مكتبة الإسكندرية لكتابة المقال التحليلي النقدي.
"العين الإخبارية" حاورت رحاب لؤي، وإلى نص الحوار:
من هي رحاب لؤي؟
وُلدتُ يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1989 بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة، وتعلقت بمهنة البحث عن المتاعب فى الصف الخامس الابتدائي، والتحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وتخرجت فس قسم الصحافة بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف، وعملت بعدة صحف ومواقع مصرية وعربية، فضلا عن عملي كصانعة محتوى وكاتبة سيناريو، ومؤدية صوت في عدد من أعمال الرسوم المتحركة، أحدثها سلسلة أفلام قصيرة بعنوان "بكرة أحلى".
16 عاما في إنجاز كتاب.. لماذا استغرق كل هذا الوقت؟
بدأت كتابة "أصفر أزرق أخضر" عام 2007، وهو نفس العام الذي بدأت فيه حياتي العملية بمجال الصحافة، حيث فوجئت بمجموعة من المواقف والتفاصيل، التي كشفت لي الكثير عن هذا العالم الذي لطالما حلمت بدخوله منذ كنت طفلة، عالم الصحافة، لم أرغب في أن أفوت تلك التجارب، هكذا بدأت منذ يومي الأول، في تدوين مواقف وأحداث كاشفة، ومؤثرة، واحتفظت بما أكتب لسنوات طويلة، تحت عنوان "مذكرات صحفية شابة".
ما سر خروجه إلى النور في هذا التوقيت؟
جاء عام 2018 فحصلت على جائزة من هيئة التبادل العلمي الألماني، ومعهد جوتة، عقب حصولي على المركز الأول في ورشة الكتابة العلمية، وكانت الجائزة عبارة عن رحلة إلى ألمانيا، ومررنا خلالها على المؤسسات الإعلامية الألمانية، صحافة، وتلفزيون، وراديو، وقد كانت تجربة مثيرة وثرية جدا، كشفت لي الكثير، ووجدتني أدون أيضا ملاحظاتي ومشاهداتي، لأكتشف في النهاية أنه صار لدي رؤية أوضح عن أوضاع الصحافة في مصر، تبدو ذات معنى حين تقارن بالأوضاع ذاتها في ألمانيا، لذا أنهيت كتابي وأطلقت عليه "أصفر أزرق أخضر" في رمزية لرحلتي من مصر إلى ألمانيا ذهابا وإيابا، وكذلك أحوال الصحافة بين البلدين.
الكتاب يبدو كسيرة ذاتية، ويتضمن وصفا ينتمي لأدب الرحلات، ويضم أيضا معلومات حول الصحافة العلمية وكيف يمكن للصحفي حين يتعلم مبادءها أن تختلف حياته المهنية 180 درجة.
ماذا عن الكتاب الثاني أوراق الحزن الخمسة؟
أول كتاب بدأت في كتابته كان أصفر أزرق أخضر، لكن أول كتاب منشور أمسكه في يدي كان أوراق الحزن الخمسة، الصادر عن دار أم الدنيا للنشر والتوزيع، جاءت فكرته حين كتبت تقريرا بموقع إخباري، ضمن عملي الصحفي، عن حالة الحزن الشديد، من هنا جاءت الفكرة للناشرة ولاء أبوستيت، والتي حدثتني لنطور الفكرة إلى كتاب كامل عن مراحل الحزن الخمسة، بحسب نموذج الطبيبة النفسية الشهيرة كوبلر روس.
الموضوع نفسي بحت، يدور حول "الحزن الشديد" ذلك الذي يصيب الناس عقب الأحداث الكبرى في حياتهم، تعمقت أكثر في الموضوع، واستعنت بتجربة سابقة لي في مجال الكتابة العلمية، فقمت بتوظيف تقنيات الكتابة العلمية لإنجاز الكتاب الذي يتضمن تجارب ذاتية ولمسات أدبية توضح كيف ظهر الحزن الشديد في الأدبيات على اختلافها، شعرا كان أم نثرا، أم قصة.
الكتاب عن الحزن الشديد.. هل يحمل نقطة نور؟
كتبت هذا الكتاب وأنا أتمنى مع كل سطر جديد أن يعثر الناس عبر سطوره على نقطة نور تضيء لهم الطريق وتساعدهم على تخطي واحدة من أبشع المشاعر، وأكثرها قسوة وإيلاما "الحزن الشديد".
أوراق الحزن الخمسة دليل عملي على كيفية تخطي الحزن بمراحله الخمسة، المرحلة الأولى وهي الإنكار، حين يقع ما نخشاه أو لا نتوقعه، فنبدأ في إنكاره، أو إنكار أننا تأثرنا من الأصل، المرحلة الثانية تدعى المساومة، حين نبدأ في البحث عمن يمكن أن يتحمل مسؤولية ما حدث، مع محاولة الادعاء أن هناك أشياء قد تخفف من بشاعة ما جرى، ثم تبدأ مرحلة الغضب تلك هي الأعنف على الإطلاق، إنها تشبه العاصفة التي نطيح خلالها بكل شيء، ربما أنفسنا، ليهدأ كل شيء لاحقا، حين نصل إلى مرحلة الكآبة، في تلك المرحلة ننزوي وربما نختفي، لا نعود نرغب من العالم في أكثر من ركن يخفينا عن الأعين، أما المرحلة الأخيرة والنهاية السعيدة في الوقت ذاته هي القبول، أن تقبل ما جرى لك، والقبول لا يعني أننا سوف نصير سعداء بالمصائب، ولكننا سنتقن التعامل معها، مهما بدا الأمر قاسيا، كموت حبيب، أو مرض عضال، أو انفصال قاس، أو حتى خيانة وغدر غير متوقع.
ما هي خططك القادمة في الكتابة؟
الواقع أنني سبق وفزت في ورشة كانت قد نظمتها الدار المصرية اللبنانية للنشر، بقيادة الروائي الكبير طارق إمام، لكتابة "النوفيلا" وكنت قد بدأت في مشروع فعلا، توقف بسبب جائحة كورونا التي ضربت العالم، وأتمنى استئناف العمل على تلك النوفيلا وأن تخرج إلى النور قريبا .
حدثينا عن رؤيتك لمستقبل الكتب الورقية؟
الواقع أنني أراها بلا مستقبل، سوف تكون الغلبة عاجلا أو آجلا للمنصات الرقمية، حدث هذا من قبل في عالم الصحافة، وبدأ يحدث الآن تدريجيا في عالم النشر، ربما تكون هناك طبعات محدودة لمحبي الكتب الورقية، على طريقة شرائط الكاسيت التي لا تزال تباع حتى الآن في المكتبات لمحبي ذلك النوع.