علاقة مثيرة للاهتمام بين ذبابة الفاكهة وصحة العين عند البشر
أظهر باحثون من معهد باك، لأول مرة وجود صلة بين النظام الغذائي وإيقاعات الساعة البيولوجية وصحة العين والعمر في ذبابة الفاكهة.
وهو ما يقود إلى استنتاج وجود نفس الشيء لدى البشر بسبب التشابه الجيني مع ذبابة الفاكهة، وبشكل غير متوقع ووجد الباحثون أن العمليات في عين الذبابة تقود في الواقع عملية الشيخوخة، ونشروا نتائجهم اليوم في دورية "نيتشر كومينيكيشن".
وكشفت الدراسات السابقة أن هناك ارتباطًا بين اضطرابات العين وضعف الصحة.
ويقول الدكتور بانكاج كاباهي، كبير المؤلفين والبروفيسور في معهد باك، والذي أظهر مختبره لسنوات أن الصيام وتقييد السعرات الحرارية يساعد على تحسين العديد من وظائف الجسم:"دراستنا تثبت أن الأمر أكثر من مجرد ارتباط، حيث يمكن أن يؤدي الخلل الوظيفي للعين إلى مشاكل في الأنسجة الأخرى، ونحن نظهر الآن أن الصيام لا يحسن البصر فحسب، بل للعين دورًا في التأثير على العمر الافتراضي".
ويقول المؤلف الرئيسي، بريان هودج، الذي أجرى دراسات ما بعد الدكتوراه في مختبر كاباهي: "اكتشاف أن العين نفسها، على الأقل في ذبابة الفاكهة، يمكن أن تنظم العمر بشكل مباشر كانت مفاجأة لنا".
ويوضح هودج أن تفسير هذا الارتباط يكمن في "الساعات" اليومية ، وهي الآلية الجزيئية داخل كل خلية من كل كائن حي، والتي تطورت لتتكيف مع الضغوط اليومية، مثل التغيرات في الضوء ودرجة الحرارة الناجمة عن ارتفاع وتغيب الشمس، وتؤثر هذه التذبذبات على مدار 24 ساعة- إيقاعات الساعة البيولوجية- على سلوكيات الحيوانات المعقدة، مثل التفاعلات بين المفترس والفريسة ودورات النوم والاستيقاظ، وصولاً إلى الضبط الدقيق للتنظيم الزمني للوظائف الجزيئية لنسخ الجينات وترجمة البروتين".
وفي عام 2016، نشر مختبر كاباهي دراسة في دورية "سيل ميتابوليزم" تُظهر أن ذباب الفاكهة الذي يتبع نظامًا غذائيًا مقيدًا كان له تغيرات كبيرة في إيقاعه اليومي بالإضافة إلى إطالة العمر.
وعندما انضم هودج إلى المختبر في وقت لاحق من ذلك العام، أراد البحث بشكل أعمق لمعرفة العمليات التي تعزز وظائف الساعة البيولوجية التي تغيرت بسبب تغيير النظام الغذائي، وما إذا كانت العمليات اليومية ضرورية لإطالة العمر المشاهد مع التقييد الغذائي.
ويقول هودج "تتمتع ذبابة الفاكهة بعمر قصير مما يجعلها نموذجًا جميلًا حقًا يسمح لنا بفحص الكثير من الأشياء في وقت واحد".
وبدأت الدراسة بمسح واسع لمعرفة الجينات التي تتأرجح بطريقة الساعة البيولوجية عندما تمت مقارنة الذباب الذي يتبع نظامًا غذائيًا غير مقيد بتلك التي تتغذى على 10 في المائة فقط من بروتين النظام الغذائي غير المقيد.
وعلى الفور، لاحظ هودج العديد من الجينات التي كانت في نفس الوقت تستجيب للنظام الغذائي وتظهر أيضًا تقلبات في فترات زمنية مختلفة، أو "إيقاعية".
واكتشف بعد ذلك أن الجينات الإيقاعية التي تم تنشيطها أكثر من خلال التقييد الغذائي بدت وكأنها تأتي من العين، وتحديداً من المستقبلات الضوئية، وهي الخلايا العصبية المتخصصة في شبكية العين التي تستجيب للضوء.
وأدى هذا الاكتشاف إلى سلسلة من التجارب المصممة لفهم كيف تتناسب وظيفة العين مع قصة كيف يمكن أن يؤدي التقييد الغذائي إلى إطالة العمر الافتراضي، وعلى سبيل المثال، أجروا تجارب تظهر أن إبقاء الذباب في ظلام دامس يطيل من عمرهم.
ويقول هودج: "بدا ذلك غريبا جدا بالنسبة لنا، فقد كنا نظن أن الذباب يحتاج إلى إشارات الإضاءة لتكون إيقاعية أو يومية".
ثم استخدموا المعلوماتية الحيوية ليسألوا: هل تؤثر الجينات في العين التي تكون أيضًا إيقاعية ومستجيبة للقيود الغذائية على العمر؟ كان الجواب نعم يفعلون.
ويوضح كاباهي، أنه نظرًا لانكشاف العين على العالم الخارجي فإن الدفاعات المناعية نشطة للغاية، مما قد يؤدي إلى حدوث التهاب والذي يمكن أن يتسبب عند وجوده لفترات طويلة في حدوث مجموعة متنوعة من الأمراض المزمنة الشائعة أو تفاقمها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسبب الضوء في حد ذاته تنكس مستقبلات الضوء الذي يمكن أن يسبب الالتهاب.
ويضيف: "التحديق في شاشات الكمبيوتر والهاتف والتعرض للتلوث الضوئي حتى وقت متأخر من الليل هي ظروف مزعجة للغاية بالنسبة للساعات اليومية، إنه يفسد حماية العين ويمكن أن يكون لذلك عواقب تتجاوز الرؤية فقط، ويلحق الضرر ببقية الجسم والدماغ".
وهناك الكثير مما يجب فهمه حول الدور الذي تلعبه العين في الصحة العامة وعمر الكائن الحي، بما في ذلك: كيف تنظم العين العمر الافتراضي، وهل ينطبق نفس التأثير على الكائنات الحية الأخرى؟