قرار باطل.. محاولة إخوانية لإقحام القضاء الليبي بالسياسة
أثار إعلان إعادة تفعيل الدائرة الدستورية الليبية بعد أكثر من 6 أعوام من إغلاقها مخاوف من محاولة إخوانية لإقحام القضاء بالأزمة السياسية.
وانتقد خبراء سياسيون وقانونيون ليبيون قرار المحكمة العليا الليبية لإعادة تفعيل الدائرة الدستورية، في هذا التوقيت، رغم المناداة لإعادة تفعيلها لعدة سنوات دون استجابة، ما يشير إلى احتمالية استخدام سياسية للقرار الذي صدر بعد يومين من تعيين 45 نائبا جديدا في المحكمة.
ويرى الخبراء أن القرار غير قانوني، مؤكدين أن انعقاد الاجتماع في الأساس جاء بالمخالفة للقواعد المنظمة للمحكمة، وبالتالي فإن ما يترتب عليها يعد باطلا.
تسييس القضاء
الدكتور يوسف الفارسي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة الليبية، اعتبر أن قرار تفعيل الدائرة الدستورية، في هذا التوقيت بعد يومين فقط من تعيين 45 عضوا جديدا فيها استباقا لحلفهم اليمين الدستورية هي محاولة مكشوفة من تنظيم الإخوان لضرب القضاء وإقحامه في الملفات السياسية.
وتابع الفارسي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الحافي سبق وترشح لرئاسة المجلس الرئاسي، ويرى في نفسه الصلاحية للقيام بمهام سياسية وهو ما أثار حفيظة الهيئات القضائية المختلفة والتي سبق وأعلنت رفضها لترشحه.
وأضاف أن قرار تفعيل الدائرة الدستورية كان مطلب كثير من الليبيين منذ عدة أعوام، ولكن اختيار هذا التوقيت الآن لإعلان هذه الخطوة قبل حلف الأعضاء الجدد بالمحكمة لليمين القانونية وممارسة مهامهم وإعادة انتخاب رئاسة المحكمة هو ما أثار مخاوف إقحام للقضاء في الأزمة السياسية.
قرار باطل
الحقوقي الليبي محمد اللافي أكد أيضاً أن"الأصل أن تعمل الدائرة الدستورية دائما، غير أن المحكمة العليا علقتها في 2016، ولكن اللافت للنظر لماذا في هذا التوقيت بالذات؟"
وأوضح أن مجلس النواب هو المختص بتعيين أعضاء المحكمة العليا، وفقا للقانون رقم 6 لسنة 1982، بشأن تنظيم عمل المحكمة العليا الذي ينص على أن تعيين رئيس المحكمة العليا ومستشاريها يكون بقرار من مؤتمر الشعب العام (مجلس النواب حاليا).
وأضاف اللافي في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن البرلمان عين مستشارين جددا في المحكمة منذ يومين وبناء عليه فهم أعضاء بالجمعية العمومية للمحكمة وفقا للمادة 51 من قانون المحكمة.
وتنص المادة 51 على أن "تجتمع المحكمة العليا بهيئة جمعية عمومية للنظر في المسائل المتعلقة بنظامها وأمورها الداخلية وتوزيع الأعمال بين أعضائها أو بين دوائرها وغير ذلك من الأمور التي تدخل في اختصاصها بمقتضى هذا القانون أو أي قانون آخر".
وأشار إلى أن "اجتماع الجمعية العمومية للمحكمة لا يكون صحيحا وفقا للقانون إلا بحضور الأغلبية المطلقة للأعضاء وتصدر القرارات بأغلبية الآراء" وهذا لم يحدث خاصة أن 45 مستشارا عينهم البرلمان لم يحضروا الاجتماع ولم يصوتوا به.
تحصين القضاء
ويقول الباحث السياسي الليبي سالم محمد سويري إن مجلس النواب يسعى لجعل السلطة القضائية منفصلة عن باقي السلطات، لضمان إبقاء ليبيا كدولة قانون ومؤسسات.
وتابع في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن السلطة القضائية هي الوحيدة التي نجت من محاولة التقسيم، خلال الـ 10 سنوات الأخيرة، إلا أن البرلمان لاحظ مؤخرا وجود محاولات لاستمالة بعض المستشارين وإدخالهم في المعترك السياسي ولذلك يسعى لسد الطريق على من يغرقلون عمل السلطة القضائية.
وأضاف أن إقرار تعديل قانون المحكمة العُليا بحيث يؤدي مستشاري المحكمة العليا اليمين القانونية أمام مجلس النواب، يحصن المستشارين من أي محاولة استمالة أو ولاء لأي شخصية تتولى السلطة باعتبار أنها تلقي لقسم القانوني أمام سلطة منتخبة وليس فردا.
ونوه إلى أن مجلس النواب سبق وعدل قانون المجلس الأعلى للقضاء بحيث يتولى رئاسته "رئيس هيئة التفتيش القضائي"، وهي الهيئة ذات الدور الرقابي الداخلي القضائي ما يحصن هذه السلطة من أي شبهات.
انقلاب على البرلمان
وحذر رئيس لجنة العدل بمجلس النواب الليبي عبدالهادي الصغير من تلقي البرلمان مراسلة من رئيس المحكمة العليا محمد الحافي في شهر مايو/أيار 2021 يطلب تعيين 39 عضو محكمة جددا لوجود متقاعدين ومرضى وغيرهم.
كما أرسل رئيس المجلس الأعلى للقضاء رسالة للبرلمان بضرورة إضافة 4 أشخاص للقائمة، ما يؤكد أن إجراء جلسة البرلمان الأخيرة صحيحة قانونيا وقضائيا، وفقا لـ"الصغير".
وتابع في بيان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن الحافي يريد البقاء في منصبه رئيسا للمحكمة العليا رغم وصوله إلى سن التقاعد، وكان عليه تطبيق القانون والتقاعد.
كما أعرب عن استغرابه من اتهام رئيس المحكمة العليا لقضاة آخرين بالفساد، مخالفا بذلك القانون ومسيئا للقضاء الليبي، وفي حالة وجود شبهة فساد كان عليه أن يحول صاحبها إلى التفتيش القضائي ليحقق معه ويحاكم.
وفي السياق، أفادت مصادر "العين الإخبارية" بمجلس النواب الليبي أن رئيس المحكمة العليا محمد الحافي طلب تمديد مدة عمله 5 سنوات أخرى رغم بلوغه سن التقاعد لكن رئيس البرلمان وافق على تمديده كمستشار بالمحكمة لا كرئيس للمحكمة العليا .
وتابعت المصادر أن الحافي طلب من البرلمان تعيين 38 مستشارًا بالمحكمة العليا لكن البرلمان رفض لوجود متقاعدين بينهم وآخرين لهم علاقة بتنظيمات سياسية، ما أثار حفيظته وقرر تفعيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بالتنسيق مع أطراف سياسية.
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjE0MyA=
جزيرة ام اند امز