أحزاب لبنانية تتمسك بتدويل كارثة المرفأ بعد تنحية "صوان"
طالب عدد من الأحزاب المعارضة لـ"حزب الله" والعهد، الرئاسة اللبنانية، اليوم الجمعة، بإسناد ملف انفجار مرفأ بيروت إلى محكمة دولية.
يأتي ذلك في إطار المواقف المستنكرة لقرار محكمة التمييز اللبنانية، أمس، تنحية فادي صوان أحد القضاة الرئيسيين في قضية "مرفأ بيروت" بعد أن لوح بتوجيه اتهامات لوزيريين سابقين في القضية.
محكمة دولية
وطالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رئاستي الجمهورية والحكومة، بإرسال طلب فوري إلى الأمين العام للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية لكشف ملابسات جريمة المرفأ، مشيرا الى ان التكتل النيابي لحزب القوات سيقوم بتوقيع عريضة وتوجيهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة للغرض نفسه.
وقال في بيان "بكل أسف حصل ما كنا قد توقعناه، وكفّت يد القاضي صوان بقضية المرفأ بعد أن وٌضعت العراقيل تباعا على طريقه".
وأضاف جعجع: "لا يقنعنا أحد بأن أي تحقيق محلي ممكن أن يوصلنا إلى أي نتيجة جدية في جريمة المرفأ".
الموقف نفسه عبر عنه "الحزب التقدمي الاشتراكي"، حيث قالت مفوضية العدل والتشريع في الحزب في بيان إن "هذا العهد "حزب العهد" وحلفاءه يجهدون في محاولة إسقاط كل ما بقي من مؤسسات الدولة؛ فبعد أن شلوا التشكيلات القضائية وكبلوا القضاء، ها هم يعلنون حكما بإعدام فرصة الحقيقة في الجريمة الكارثة التي أصابت كل اللبنانيين دون استثناء".
وأضافت المفوضية أن "مفوضية العدل والتشريع في الحزب التقدمي الاشتراكي، إذ تذكر بموقف الحزب ورئيسه وليد جنبلاط وكتلة اللقاء الديموقراطي منذ اللحظة الأولى لانفجار المرفأ، وتمسكهم بضرورة السير بالتحقيق بأسرع وتيرة حتى كشف الحقيقة واستدعاء كل المسؤولين بدءا من رأس الهرم، فإنها تعتبر أن القرار الصادر عن محكمة التمييز الجزائية قرار أسود في تاريخ القضاء اللبناني".
وطالبت المفوضية "وكلاء المتضررين بالتفكير الجدي بنقل الدعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية لعدم إمكان التوصل إلى أي نتيجة تخدم العدالة والحقيقة في ظل وجود طغمة الفساد الحاكمة".
بدوره، ألمح "حزب الكتائب" على لسان نائب رئيسه جورج جريج إلى مسؤولية "حزب الله" في قرار تنحية صوان.
واعتبر جريج أن تنحية المدّعي العام في قضية مرفأ بيروت "جريمة إنسانية وليست سياسية، مما يؤكد على عدم استقلالية القضاء عن المنظومة الحاكمة".
وقال في حديث اذاعي "إن توقيت صدور حكم نقل القاضي فادي صوان وتعيين قاضٍ آخر جاء لأسباب عديدة، أبرزها إعلان الأمين العام لحزب الله أن التحقيقات انتهت ودعوته الجيش اللبناني إلى نشر نتيجة هذه التحقيقات والقضاء إلى اعلان النتيجة"،
وأكد أن هذه الجريمة ليست سياسية وإنما جريمة ضد الانسانية وكل من يساهم في الافلات من العقاب سواء من خلال الاختباء وراء الحصانتين المهنية والنيابية، أو من خلال تسخير القضاء في خدمة السياسة، هو شريك في الجريمة".
كذلك شكّك رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل، سامي الجميل، بامكانية الوصول إلى نتيجة في التحقيقات في لبنان، مطالبا بتحقيق دولي.
وقال الجميل في حديث اذاعي "المسار الذي سلكته القضية، من التهرب من المثول أمام التحقيق إلى تنحية القاضي صوان، يجعلنا نتأكد اكثر وأكثر من وجود شبهات تحوم حول التحقيق الذي تحيط به شوائب عدة".
وأضاف: "انطلاقا من هنا، لم يعد لدينا أي ثقة بالمسارات القضائية اللبنانية في التحقيق، ونحن نتطلع إلى خيارين أساسيين لمعالجة الموضوع"، موضحا "الأول، هو مسار دولي وقد سبق لحزب الكتائب أن تقدم في سبتمبر 2020 بمراجعة لدى الأمم المتحدة بموضوع الانفجار وطالبنا باتخاذ قرار أممي بانشاء مركز اقليمي في بيروت عائد لمحكمة العدل الدولية لتنظر مباشرة في انفجار المرفأ".
وتابع "والمسار الثاني، هو استعادة استقلالية القضاء اللبناني عبر التخلص من هذه المنظومة والاتيان بسلطة جديدة في لبنان تمنح الغطاء القانوني للقضاء وتمنحه استقلاليته وتحمي القضاة للقيام بعملهم من دون تأخير أو عرقلة".
وأكد الجميل أن "الحزب يعمل على تحقيق المسارين، على أمل أن يستعيد لبنان موقعه كدولة قانون وأن يستعيد اللبنانيون حقهم بالمحاسبة والعيش بكرامة وأمان في بلدهم".
بديل صوان
في سياق متصل، عقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعا في وقت سابق اليوم، برئاسة رئيسه القاضي سهيل عبود، للبحث في قرار محكمة التمييز الجزائية بتنحية صوان عن ملف انفجار مرفأ بيروت، اختيار محقق عدلي جديد في القضية.
وذكرت "الوكالة الوطنية للاعلام" "حكومية" أن مجلس القضاء الأعلى قرر ابقاء جلساته مفتوحة إلى حين صدور القرار باختيار المحقق العدلي الجديد وتسليمه الملف.
فيما استمرت تحركات أهالي ضحايا "مرفأ بيروت" لتسريع وتيرة التحقيقات، إذ نظم الأهالي وقفة احتجاجية أمام قصر العدل في بيروت، اليوم، والتقى وفد منهم القاضي سهيل عبود.
وقال المتحدث باسم الأهالي، ابراهيم حطيط بعد الاجتماع: "القضاء سيعمل تحت الضغط لأننا باقون في الشارع"، مضيفا "طالبنا بتعيين قاضٍ جديد بسرعة ضمن مواصفات محدّدة هي الشجاعة والنزاهة وعدم التسييس، وتتم دراسة الموضوع وقد وعدنا خيرًا".
وصباح أمس الخميس، أصدرت المحكمة التمييزية قرارا قضى بقبول طلب النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، اللذين سبق أن ادعى عليهما صوان في قضية مرفأ بيروت، ونقل ملف القضية من يد الأخير، وإحالتها إلى قاض آخر .
وجاء في قرار تنحية القاضي، فادي صوان، أن السبب يعود لاتهامه بعدم الحيادية، حيث تضرر منزله في الانفجار ما قد يؤثر على قراره في التحقيقات.
وبعد أكثر من ستة أشهر على انفجار "مرفأ بيروت" الكارثي، لم تتوصل التحقيقات إلى أي نتيجة رغم مشاركة فريق محققين فرنسيين وآخرين من مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي.
وتبيّن بعد وقوع الانفجار أن مسؤولين سابقين وحاليين من الجمارك وإدارة المرفأ والحكومة كانوا على علم بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ، ما أدى إلى ادعاء صوان الشهر الماضي، على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين، بتهمة "الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص.
لكن عاد صوان وأعلن الشهر الماضي تعليق التحقيقات بعدما طلب زعيتر وخليل نقل الدعوى إلى قاض آخر، بعدما اتهم النائبان، القاضي بخرق الدستور لأنهما يتمتعان بحصانة دستورية ويفترض أن تمرّ ملاحقتهم قضائيا، بمجلس النواب أولا، وهو ما لم يحدث.
وتجري السلطات اللبنانية تحقيقات في انفجار مرفأ بيروت الذي تسبب في مقتل وإصابة أكثر من 2000 شخص، وأدى لتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعد أسوأ أزمة يواجهها لبنان منذ الحرب الأهلية.
ورغم توقيف 25 شخصا، بينهم مسؤولون عن المرفأ وآمنه وصيانته، لم تحرز التحقيقات تقدما حتى الآن، إذ دخلت السياسة على خط التحقيق وساهمت في عرقلته خصوصاً بعدما ادعى قاضي التحقيق على مسؤولين سياسيين.
aXA6IDMuMTUuMjI4LjE3MSA= جزيرة ام اند امز