الاستثمار في مصر.. كنز من الفرص الواعدة والعوائد الفريدة
في عالم اقتصادات الأسواق الناشئة والنامية، لطالما تسطع مصر، قلب أفريقيا النابض، كوجهة استثمارية تنافسية، بل مفضلة في الوقت الراهن، لما تزخر به من فرص واعدة وفريدة.
وتركز جهود الحكومة المصرية بكل مؤسساتها في الأساس على جذب الاستثمار وخلق فرص للشراكات الاستثمارية التي تحقق المصلحة المشتركة لجميع الأطراف، إذ تعد مصر واحدة من الوجهات الواعدة للاستثمار الخاص المحلي أو الأجنبي.
ومع انطلاق برنامج العمل الطموح للحكومة المصرية الجديدة، ستلعب وزارة الاستثمار التي عادت مجدداً بعد دمجها في حقيبة واحدة مع التجارة الخارجية، دوراً استراتيجياً في استقطاب الاستثمارات التي من شأنها تعزيز القدرة التصديرية للدولة، وتوفير إيرادات مستقرة ومستدامة من النقد الأجنبي، وكذلك تحقيق نوع من الإدارة والحوكمة لملف الاستثمار.
1000 فرصة استثمارية تنافسية
في فبراير/شباط من عام 2018 أطلقت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي -آنذاك- خريطة مصر الاستثمارية، التي تم تدشينها خلال زيارة الرئيس السيسي لمركز خدمات المستثمرين، إذ تضم نحو 1000 فرصة استثمارية جاهزة للاستثمار في مختلف المحافظات، وترتبط بعدد كبير من المواقع الحكومية، ويحتوي موقع الخريطة على 13 دراسة قطاعية تشرح مميزات الاستثمار.
وتضم الخريطة فرصا استثمارية متنوعة من كل القطاعات الاقتصادية موزعة على كل محافظات الجمهورية، وكذلك الأراضي المتاحة للاستثمار بالمناطق الحرة والمناطق الاستثمارية القائمة، وتنويهات عن المناطق المخطط إنشاؤها.
وتسعى مصر إلى جذب المزيد من الاستثمارات الداخلية والإقليمية والدولية بهدف تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وتدعيماً لذلك التوجه تم سن قانونين خاصة بالاستثمار من أجل جذب المستثمرين الأجانب، واتخذت عدة قرارات لتخفيض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس وتسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية (يستغرق إصدارها نحو 20 يوم عمل)، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
كما أطلقت الحكومة المصرية في عام 2022 وثيقة سياسة ملكية الدولة للأصـول، التي تستهدف رفـع معـدلات النمـو الاقتصـادي إلـى مسـتويات محققـة لطموحات المصريين، عن طريق رفع معدل الاستثمار إلى ما يتـراوح بين 25% و30%، بمـا يسـهم فــي زيـادة معـدل النمـو الاقتصـادي إلـى مـا بين 7% و9% لتوفيـر فـرص عمـل كفيلة بخفض معدلات البطالة.
الأولى أفريقياً والثالثة عربياً في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر
على صعيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد خلال عام 2023 -وفق بيانات منظمة (الأونكتاد)- فقد حلّت مصر في المرتبة الأولى أفريقياً والثالثة عربياً بقيمة 9.8 مليار دولار وبحصة بلغت 14.5% من الإجمالي الوارد للدول العربية والبالغ 67.7 مليار دولار للعام نفسه.
وجاءت مصر في المرتبة الثالثة عربياً في عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر بـ131 مشروعا بنسبة 6.5% من الإجمالي العربي البالغ 2001 مشروعا خلال عام 2023، استنادا لقاعدة بيانات مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم (FDI Markets).
وفيما يتعلق بأهم المدن العربية المستقبلة للمشاريع الأجنبية، واصلت مدينة العين السخنة المصرية تصدرها القائمة كأضخم مستقبل بقيمة 9.5 مليار دولار بما نسبته 5.3% من الإجمالي العربي، توزعت على 9 مشاريع، معظمها في قطاع الطاقة المتجددة، كما استحوذت العين السخنة على أكبر متوسط لتكلفة المشروع بقيمة تجاوزت المليار دولار، وكذلك أكبر متوسط لعدد الوظائف بـ850 وظيفة للمشروع الواحد.
عهد جديد للمشروعات الحيوية
اليوم، مصر تبدأ عهدا جديدا مع الاستثمار والمشروعات الحيوية التي تفتح بها مجالات استثمارية ضخمة في مناطق حيوية وأخرى صناعية.
وقد أسهم تنوع المشروعات الاستثمارية من الزراعية والصناعية والتطوير العقاري وتكنولوجيا المعلومات والاستزراع السمكي والاستصلاح الزراعي والمشروعات السياحية، بقدر كبير في جذب المزيد من المستثمرين وشجعهم على ضخ استثماراتهم في مصر، إيماناً منهم بقيمة العوائد الضخمة التي سيحصلون عليها، خاصة أن مصر لديها مجموعة من المميزات التي تشجع أي مستثمر، فلها سوق استهلاكية تفوق 100 مليون نسمة والموقع الاستراتيجي القريب من مختلف الدول، مما يخفض تكاليف الشحن وتوافر الأيدي العاملة الرخيصة المدربة، وكلها أمور تمنح الاقتصاد المصري ميزات تنافسية وثقة كبيرة لدى المستثمر الأجنبي.
السياحة والتطوير العقاري.. كعكعة استثمارية دسمة
في فبراير/شباط 2024، ووسط الصعاب والتحديات الجمة التي فرضت نفسها على الاقتصاد المصري، وسط بيئة عالمية متشعبة الأزمات، نجحت الدولة المصرية في إتمام صفقة رأس الحكمة، أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ البلاد، إذ وقعت الحكومة لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة في الساحل الشمالي بشراكة استثمارية مع دولة الإمارات.
وتضمنت الصفقة استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين من تاريخ توقيعها، كما يتيح المشروع تدفقات استثمارية وضخ 150 مليار دولار من الجانب الإماراتي كاستثمارات.
ويستحوذ قطاع السياحة على نصيب كبير في مشروع تطوير رأس الحكمة، بما يشمله من تنمية متكاملة وفنادق ومشروعات ترفيهية، ومنطقة المال والأعمال، وإنشاء مطار دولي جنوب المدينة، وستجذب 8 ملايين سائح، وبالتالي دعم الوصول بمستهدف قطاع السياحة إلى 50 مليون سائح، بإيرادات من الممكن أن تصل إلى 50 مليار دولار سنويا بما يدعم مصادر النقد الأجنبي.
وفي مطلع يوليو/تموز 2024 أعلنت الحكومة المصرية عن تفاصيل مشروع "ساوث ميد" في منطقة الساحل الشمالي الغربي، بشراكة استثمارية جديدة بين الحكومة والقطاع الخاص، ممثلاً في "مجموعة طلعت مصطفى القابضة".
ووفقاً لرئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي يؤكد المشروع الجديد ثقة الدولة بقدرة المستثمرين المحليين على تنفيذ المشروعات الضخمة على أعلى مستوى عالمي، كما أنه يأتي في إطار الحرص على مضاعفة عدد السياح القادمين إلى مصر، وصولاً إلى ضعف العدد الحالي في عام 2030.
ويبلغ حجم الاستثمارات بمشروع "ساوث ميد" نحو تريليون جنيه بما يعادل نحو 21 مليار دولار، ويُقام المشروع على مساحة 23 مليون متر مربع، ويحتوي على مارينا دولية كبيرة لليخوت والسفن السياحية، ومن المتوقع أن يجذب المشروع عوائد دولارية ضخمة للدولة المصرية من خلال تصدير العقار وجذب استثمارات أجنبية لسوق العقار المصري، بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في تدفقات أعداد السياح الوافدين من الشرائح الأكثر إنفاقا من أوروبا والمملكة المتحدة والدول العربية بفضل الموقع الاستراتيجي للمشروع بغرب الإسكندرية، حيث تستغرق رحلة الطيران من أوروبا أو الخليج نحو 3 ساعات في المتوسط وصولاً إلى مطار العلمين الذي يبعُد 15 دقيقة فقط عن المشروع.
ومن المتوقع تحقيق المشروع مبيعات بحجم 1.6 تريليون جنيه أي ما يقرب من نحو 35 مليار دولار، وهي أكبر قيمة مبيعات لمشروع سياحي عقاري متكامل في مصر، وقد حقق المشروع مبيعات حقيقية خلال 12 ساعة فقط من فتح باب الحجز تبلغ نحو 60 مليار جنيه، وهو رقم غير مسبوق في مصر أو المنطقة العربية في أية مشروعات عقارية أو سياحية.
فيما سيضخ المشروع نحو 2.4 تريليون جنيه للناتج القومي الإجمالي (نحو 50.1 مليار دولار)، في إطار مشاركة الدولة في المشروع بحصة في الأرض، إلى جانب عوائد الضرائب السيادية المباشرة، بالإضافة إلى توفير 1.6 مليون فرصة عمل مباشرة من خلال الصناعات المرتبطة بالإنشاء والتشييد والخدمات والصناعات التكميلية الأخرى.
أعلنت مجموعة طلعت مصطفى عن توقيع شراكة مع مجموعة "ريكاس" العالمية، الشركة الرائدة في مجال الضيافة، لافتتاح "كيما بيتش Kyma Beach" في مشروع "ساوث ميد" بالساحل الشمالي الغربي، أحدث مشروعات المجموعة.
كما سيتم افتتاح "كيما بيتش" في منتصف يوليو/تموز 2024، الذي تم تصميمه وفق أعلى معايير الضيافة، على غرار "كيما بيتش" الموجود في قلب جزيرة بالم جميرا في دبي، وسيكون "كيما بيتش.. ساوث ميد" وجهة استثنائية لعشاق المأكولات اليونانية مع إطلالة جديدة ومتميزة على ساحل البحر المتوسط.
وأكدت طلعت مصطفى أن "كيما بيتش" سيستضيف العديد من الفعاليات والأنشطة والعروض المتنوعة لتوفير تجربة فريدة في عالم الترفيه في أجواء ساحلية متميزة، مع تقديم تجارب طعام استثنائية تجمع بين الإبداع والجودة والأناقة.
يُشار إلى أن مجموعة "ريكاس" للضيافة واحدة من كبرى الشركات الرائدة في مجال إدارة المطاعم والمقاهي، مقرها الرئيسي في دبي، وتمتلك مجموعة من أرقى وأفخم المطاعم، تقدم قائمة متنوعة بين المأكولات الفرنسية والبرتغالية واليابانية والشرق أوسطية، ومن بين المطاعم التي تمتلكها مجموعة ريكاس، مطعم لاكانتين دو فوبورج La Cantine du Faubourg الشهير في العاصمة الفرنسية باريس.
هيدروجين مصر الأخضر.. وقود العالم المستدام
وعلى مسار التحول الأخضر وجهود العالم الحثيثة لتوديع حقبة الوقود الأحفوري من أجل بلوغ المستقبل المستدام، أطلقت مصر حوافز استثمارية كبرى لزيادة حجم مشروعات الهيدروجين الأخضر، باعتباره وقود المستقبل.
وتتمتع مصر بعدد من المزايا التي تجعلها وجهة جذابة للاستثمار في إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، بما في ذلك وفرة الأراضي الصالحة، وأشعة الشمس الساطعة، والبنية التحتية المتطورة للطاقة، موضحا أنه من المتوقع أن يؤدي الاستثمار الأوروبي في هذا القطاع إلى خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي في مصر.
وقد بلغ عدد المشاريع المعلنة، والمخطط تنفيذها لإنتاج ونقل واستخدام الهيدروجين في الدول العربية 103 مشاريع، حتى نهاية مارس/آذار 2024، وفقاً لتقرير (أوابك)، وتأتي مصر في صدارة الدول العربية بإجمالي 33 مشروعا غالبيتها لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء.
وتستهدف مصر التحول إلى مركز إقليمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول 2026، بعائد يصل إلى 18 مليار دولار، وأن يصل حجم الإنتاج إلى 3.2 مليون طن سنويا في 2030، ويرتفع إلى 9.2 مليون طن في 2040.
وفي أواخر يونيو/حزيران 2024، خاصة مع ختام مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي الذي استضافته مصر، أعلنت مصر عن خطتها الطموح لتصبح مركزا إقليميا لإنتاج وتصدير الهيدروجين والأمونيا الخضراء، حيث تم تحديد مواقع واعدة لإقامة مشاريع رائدة، وتتمثل إحدى هذه المواقع في ميناء العين السخنة على ساحل البحر الأحمر، الذي تم اختياره لإقامة مصنع رئيسي لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، ومن المتوقع أن يوفر هذا المصنع فرص عمل كبيرة ويسهم في تنمية الاقتصاد المحلي.
كما وقعت مصر -ممثلة في صندوقها السيادي- 4 اتفاقيات في مجال الأمونيا الخضراء مع عدد من المطورين الأوروبيين بتكلفة استثمارية تصل إلى نحو 33 مليار دولار.
مشروعات وفرص واعدة من شأنها ترسيخ مكانة مصر كرائد في مجال الطاقة المتجددة، حيث تهدف البلاد إلى تقليل انبعاثات الكربون لديها وتحقيق حياد الكربون بحلول عام 2060.
aXA6IDE4LjE4OC41OS4xMjQg جزيرة ام اند امز