تصفية المحتجين.. "انتحار" بعيون النظام الإيراني
مع استمرار قمع السلطات الإيرانية للمتظاهرين السلميين يرفض الكثيرون من مختلف أطياف المجتمع الروايات الرسمية والمزاعم حول "انتحار" محتجين
مع استمرار قمع السلطات الإيرانية للمتظاهرين السلميين، يرفض الكثيرون من مختلف أطياف المجتمع المحلي الروايات الرسمية للحكومة ومزاعمها حول انتحار متظاهرين محتجزين.
رفضٌ يستند إلى التناقض الصارخ بين تلك المزاعم والحقائق، ويؤشر إلى أن تداعيات الاضطرابات ليست سوى مجرد بداية تنذر بأن الأمور تزداد تعقيدا بالنسبة لنظام الملالي.
- ستراتفور للأبحاث: إيران عاشت "ثورة كاذبة" لأكثر من 40 عاما
- مظاهرات إيران.. هل يلقى الملالي مصير الشاه؟
صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت تقريرا عبر موقعها الإلكتروني، ذكرت فيه أن مسؤولي الحكومة الإيرانية أعلنوا انتحار اثنين من الشبان المحتجزين، ومقتل آخر وصفوه بأنه كان "إرهابيا" في اشتباكات مع قوات الأمن.
ولكن في جرأة غير معتادة، هاجم العديد من الإيرانيين، بينهم عدد من النواب، المزاعم الحكومية.
التقرير أشار إلى أن هؤلاء الشبان الثلاثة، من بين أكثر من 25 إيرانيا على الأقل، قُتلوا جميعا في موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اجتاحت البلاد قبل بضعة أسابيع.
وأوضح أن القصص الشخصية للشبان الثلاثة التي ظهرت منذ ذلك الحين، أثارت موجة غضب واسعة ودعوات لمحاسبة المسؤولين في صفوف العديد من الإيرانيين ممن يرون تناقضات صارخة في الروايات الرسمية للوقائع.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الضغوط ترمي لإجراء المزيد من التحقيقات، ومعاضدة الطلب البرلماني للتحقيق في الوفيات في السجون، ما يعني أن الاحتجاجات لم تكن سوى بداية غضب واحتقان وغليان لن يخمد فتيله أبدا.
التقرير نقل عن فرشد جورانبور، المحلل المقرب من حكومة الرئيس حسن روحاني، قوله إن "هذه الأنباء حول عمليات الانتحار المزعومة تجعل الناس غاضبين. إنهم يطالبون بإجابات".
ورجحت الصحيفة أن هذا الغضب يشير إلى تعقيد جديد قوي يواجه المرشد الإيراني علي خامنئي، والذي استهدفته الاحتجاجات بشكل شخصي، لافتة إلى أن استعداد مكونات المجتمع العام الإيراني لرفض رواية السلطات القضائية العليا علنا، يعد أمرا غير اعتيادي في بلد يحكمه نظام دكتاتوري لا يعترف بالرأي الآخر، وربما يكون هذا السلوك محفوفا بالمخاطر وقد يستدعي الانتقام من هذا الجانب أو من ذاك.
وأمس الأحد، أعلنت السلطات القضائية الإيرانية في بيانها حول آخر المستجدات بشأن الاحتجاجات، مقتل 25 شخصا، واعتقال نحو 4 آلاف، بينما تم الإفراج عن المئات من المحتجين الموقوفين، بينهم 500 في طهران.
وقال المدعي العام الإيراني، غلام حسين محسني إيجي، خلال مؤتمر صحفي عقده في طهران: "لا رصاصة من التي عُثر عليها في جثامين القتلى تطابق الأنواع التي يستخدمها ضباط إنفاذ القانون والجيش الإيراني»، مضيفا أنهم "انتحروا بالسجون".
وبعد أن رفعت السلطات الإيرانية، أمس الأول السبت، الحظر المفروض على تطبيق الرسائل الهاتفية الشهير "تلجرام"، الذي يستخدمه أكثر من 40 مليون إيراني، سرعان ما غزت التطبيق شكوك مستخدميه بشأن الروايات القضائية المتعلقة بوفيات السجون.
وذكرت الصحيفة أن أحد القتلى ويدعى، فاهيد حيدري، بائع متجول في الشوارع، كان يحاول كسب عيشه في مدينة أراك، وسط إيران، وقد اعتقل ليلة رأس السنة خلال الاحتجاجات، وتصر السلطات القضائية على أنه اُحتجز لحيازة المخدرات، وهو ما نفاه محامي أسرته محمد نجفي.
وزعم عباس قاسمي، المدعي العام المحلي في المدينة، في تصريحات لوكالة أنباء "ميزان"، التابعة للهيئة القضائية، أن تسجيل فيديو أظهر أن حيدري طعن نفسه بسكين، دون نشر الفيديو أو توضيح كيف حصل حيدري على سكين في زنزانته.
وفي سجن "إيفين" بطهران، زعمت السلطات القضائية أن الطالب سينا جانباري (23 عاما)، الذي كان محتجزا مع متظاهرين آخرين، شنق نفسه في الحمام يوم 6 يناير/ كانون ثان الجاري.
روايات دفعت مجموعة من البرلمانيين الإيرانيين، الأحد، إلى التحقيق في مقتل الرجلين، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء "إسنا" شبه الرسمية.
ويقول أعضاء البرلمان إن هناك حاجة لإجراء تحقيق لأن "الأقارب وشهود العيان" شككوا في المزاعم الرسمية القائلة بانتحار الرجلين.