محاضر بالخارجية الأمريكية يرسم لـ«العين الإخبارية» سيناريوهات المواجهة في المنطقة
استبعد عضو الحزب الجمهوري الأمريكي بشار جرار، المحاضر غير المتفرغ في برنامج الدبلوماسية العامة لدى الخارجية الأمريكية، أن تقدم بلاده على توجيه ضربة عسكرية في العمق الإيراني.
وقال في حوار مع "العين الإخبارية" إن الرئيس الأمريكي جو بايدن ليس معنيا بحرب مع إيران، ولا يسعى لتحويل حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى مواجهة إقليمية، خاصة أن هناك أقل من تسعة أشهر على الانتخابات الأمريكية.
لكنه توقع استمرار الضربات الأمريكية في المنطقة في ضوء إصرار إيران والمليشيات الموالية لها على استهداف المصالح الأمريكية.
وأشار إلى أن ردع جماعة الحوثي عن شن هجمات في البحر الأحمر، لا يقتصر على الضربات الأمريكية البريطانية، فثمة ضغوط صينية وربما روسية أيضا لعدم التعرض لسلامة الملاحة البحرية؛ لأن في ذلك دعمًا لمقترح الخط البري الذي أعلن عنه بايدن خلال قمة العشرين (سبتمبر/أيلول الماضي) من نيودلهي.
كما اعتبر السياسي الأمريكي أن انسحاب التحالف بقيادة الولايات المتحدة من العراق وسوريا وارد جدًا، لكنه في الوقت نفسه مستحيل ما لم يكن متزامنا، بمعنى جلاء جميع القوات غير السورية وغير النظامية عن سوريا.
وإلى أبرز ما جاء في الحوار:
بعد التصعيد الأخير ضد القوات الأمريكية.. هل ستستمر ضربات واشنطن داخل العراق وسوريا؟
الضربات الأمريكية لن تتوقف ما دامت إيران مصرة على سياساتها، في أربع ساحات عربية.
هل تتجه الولايات المتحدة لشن حرب مع إيران؟
الرئيس الأمريكي جو بايدن ليس معنيا بحرب مع إيران، ولا يسعى إلى تحويل حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى مواجهة إقليمية، وخاصة وأن هناك أقل من تسعة أشهر على الانتخابات الأمريكية.
ما يحرص عليه بايدن حاليًا، إنجاز صفقة تبادلية بين إسرائيل وحماس، ومن ثم ترسيم للحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، ومواصلة الضغط على الحوثي؛ إما للقضاء عليه عسكريا، أو تحويله إلى قوة سياسية للمساومة على غرار حزب الله اللبناني أو العراقي الذي تمت تصفية قائده المسؤول عن اعتداء البرج رقم 22 على المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسوريا.
ما احتمالات لجوء واشنطن لضرب الداخل الإيراني؟
من المستبعد، بل من المستحيل توجيه الولايات المتحدة، ضربة للداخل الإيراني ما لم يكن في الأمر خطرا وجوديا على إسرائيل، كامتلاك طهران قنبلة نووية.
إن الردع المتبادل حاصل بين الأطراف كافة، لكن أمريكا تدرك أن خيارا كهذا (ضرب إيران) قد يقدح شرارة حرب عالمية ثالثة.
كيف تقرأ مطالب بعض الجمهوريين للرئيس الأمريكي بضرب العمق الإيراني؟
تلك أصوات مقسمة إلى ثلاث مجموعات: المحافظون الجدد (نيو كونز) تيار جورج بوش الأب والابن، والمجمّع العسكري من ذوي المصالح التجارية التي تكسب من الحروب والأزمات، فيما المجموعة الثالثة تتمثل في الدولة العميقة، وهو مفهوم جدلي يؤكده (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب ولا يؤيده فقط مؤيديه في الحزب الجمهوري.
ماذا عن ردع الحوثي؟
إن ردع الحوثي عن شن هجمات في البحر الأحمر، لا يقتصر على الضربات الأمريكية البريطانية، فثمة ضغوط صينية وربما روسية أيضا لعدم التعرض لسلامة الملاحة البحرية؛ لأن في ذلك دعمًا لمقترح الخط البري الذي أعلن عنه بايدن خلال قمة العشرين (سبتمبر/أيلول الماضي) من نيودلهي، ويضم الهند الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا. (في مشروع يهدف لتعزيز النمو الاقتصادي والتعاون السياسي).
تلك الضغوط الصينية لها أهميتها، خاصة أن بكين هي من رعت السلام بين إيران والسعودية، وقدمت نفسها ضامنة للاتفاق، ما يعني أنها لن تسمح للحوثي بالمس ليس فقط بالأراضي والأجواء والمياه السعودية، بل أيضا المصالح الاقتصادية الاستراتيجية السعودية القائمة على رؤية 2030 .
هل استمرار الهجمات الأمريكية يفتح الباب أمام حرب إقليمية؟
لا أحد من القوى الدولية ولا الإقليمية معني بحرب إقليمية؛ فالملاحة الدولية مسألة تحظى بإجماع دولي، ولا تملك جماعة الحوثي، ولا أي من التنظيمات الإرهابية أو النظم المارقة القدرة على تغيير معادلة تحميها قوة نارية هائلة أطلسيا، وإن لزم الأمر أمميا.
لكن أكثر المتضررين حتى الآن قناة السويس والمستهلك في العالم كله الذي زادت عليه كلفة التأمين والنقل جراء العبث الحوثي والصلف الإيراني.
أتتوقع انسحاب التحالف الدولي من العراق قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
انسحاب التحالف بقيادة الولايات المتحدة من العراق وسوريا وارد جدًا، لكنه في الوقت نفسه مستحيل ما لم يكن متزامنا، بمعنى جلاء جميع القوات غير السورية وغير النظامية عن سوريا، وكذلك الحال في العراق، بحيث يتم دمج الحشد الشعبي بالجيش النظامي.
غير ذلك لن يفهم منه سوى أحد أمرين: إما هزيمة أمريكية ستعمل القوى المعادية على تضخيمها وتوظيفها، وإما إفساح للمجال لقوى أخرى تقاتل بعضها بعضا بما يشبه سيناريوهات «الفوضى الخلاقة».
حال حدوث الانسحاب، ما تداعيات ذلك على أمن العراق وجهود مكافحة «داعش»؟
رغم أن التنظيمات الإرهابية مثل داعش والنصرة والقاعدة متعطّشة لذلك الانسحاب، فإنها خسرت ما هو أهم من الخسائر العسكرية والاقتصادية الفادحة، فقد خسرت دعايتها وردعها، بمعنى أن إرهابها انكشف على الجميع، ولن يكون له أي حاضنة شعبية، ولن يجرؤ أي نظام أو تنظيم على التحالف معها.
ما تأثير استمرار الحرب في غزة على فرص بايدن في حسم السباق نحو البيت الأبيض؟
بايدن خسر الكثير من القواعد الشعبية الانتخابية التي فضلته على ترامب خاصة الجالية العربية والمسلمة والأمريكيين من أصول أفريقية إضافة إلى اليسار المتطرف في الحزب الديمقراطي.
ما لم تنجح الصفقة (اتفاق الهدنة) ويتم الإفراج عن جميع الرهائن وبينهم أمريكيون من ذوي مزدوجي الجنسية، فإنه (بايدن) سينال مصير الرئيس الأسبق الديمقراطي جيمي كارتر الذي أطاحت به أزمة الرهائن (بين إيران وأمريكا في عام 1980، بعد خسارة كارتر السباق الرئاسي من الجمهوري رونالد ريغان بأغلبية ساحقة)، رغم الإنجاز التاريخي الذي حققه بإبرام السلام بين أكبر دولة عربية وإسرائيل في كامب ديفيد.
كيف تقرأ زيارة أنتوني بلينكن الأخيرة للشرق الأوسط؟
كما كان متوقعا، فشلت مهمة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أو أفشلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما أصر على رفض أي وقف لإطلاق النار أو الإفراج عن المحكومين الذين تعتبرهم إسرائيل خطرين، أو الرضوخ لمحاولة إبقاء حماس عسكريا أو سياسيا مسيطرة على القطاع.
ما أوجه التغيير المتوقعة حال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى السلطة؟
ذهب البعض في تفسير التعثر المتكرر لأي إنجاز في السياسة الخارجية خاصة في الشرق الأوسط إلى تفضيل كثير من اللاعبين الرئيسيين انتظار الحسم.
بعض اللاعبين الدوليين لا يخفي تفضيله عودة ترامب لما عرف عنه في جدية التفاوض، وجدية الالتزام بالتكتم والحسم، والأهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ورفض لعب دور الشرطي في العالم.
هل تخسر أمريكا نفوذها في الشرق الأوسط لصالح الصين وروسيا؟
رغم اقتراب استحقاق التعددية القطبية، فإن العالم ما زال أحادي القطب خاصة فيما يتعلق بأمن واقتصاد الشرق الأوسط.
يريد بايدن أن يبقى القرن الحالي قرنا أمريكيا، لكن ذلك لن يتحقق ما لم يقنع الشركاء الأساسيين، وقد فشل في أوكرانيا وها هو يفشل حتى الآن في غزة.
من الواضح أن الاستنزاف الذي كان يراد له أن يكون روسيًا صار معدا لاستنزاف صيني أيضا، أو العكس استنزاف مكلف لأمريكا تنسحب على أثره من الشرق الأوسط للتفرغ للصين ومن ثم روسيا.
ويستدل من فحوى وتداعيات مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخاصة مع النجم الإعلامي الأمريكي تاكر كارلسون الخميس أن شيئا ما اقترب من النضج لوقف حرب أوكرانيا.
كيف ترى الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وأمريكا؟
إن الاتفاق الإبراهيمي الموقع بين دولة الإمارات وإسرائيل منتصف سبتمبر/أيلول 2020 في واشنطن، نقل الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وأمريكا إلى مصاف التماس، مع اكتساب صفة التحالف الكامل.
تلك العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن تميزت -كذلك- بالتركيز على الاقتصاد، بالاستفادة من الدروس المكتسبة من كارثتي كورونا وأوكرانيا.
aXA6IDEzLjU4LjYxLjE5NyA= جزيرة ام اند امز