الجيش الإيراني.. حكايات "العذاب والإهانة" بين المجندين
سلسلة من حوادث إطلاق النار من قبل مجندين بالجيش الإيراني تسلط الضوء على الصراعات التي يواجهها هؤلاء الشباب لأداء الخدمة العسكرية
جاءت سلسلة من حوادث إطلاق النار المميتة، التي ارتكبها مجندون بالجيش الإيراني ضد زملائهم بالثكنات العسكرية، لتسلط الضوء على المعاناة التي يواجهها هؤلاء الشباب خلال أداء الخدمة العسكرية الإلزامية. وبالرغم من ذلك، تظل التقارير حول المشكلات والاضطرابات داخل قوات الأمن الإيرانية نادرة، ولا يدلي المسؤولون أو تتطرق وسائل الإعلام الحكومية إليها إلا بتفاصيل ضئيلة.
- نشطاء يكشفون عن خفايا الدور القطري الإيراني باليمن
- تقرير أممي: إيران تتصدر 29 دولة تعاقب ناشطي حقوق الإنسان
وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، تقريراً بعنوان "ما مشكلة الجيش الإيراني؟" حول الخدمة العسكرية الإلزامية والمعاملة السيئة والمهينة، التي يتعرض لها المجندون الشباب في طهران، استناداً إلى مقابلة مع مجند إيراني.
قال أحمد البالغ من العمر 25 عاماً- والذي رفض ذكر اسم عائلته- خوفاً من معاقبته على إفشاء معلومات: "أتعاطف مع من يلجأ لإطلاق النار من المجندين. لا بد أن أحدهم كان يعذبهم بشدة، لهذا قاموا بذلك". وأضاف: "أكره الخدمة وأكره الظروف المحيطة بي. لا أشعر بأية وطنية في قلبي".
وذكر أحمد في حواره مع الصحيفة عدداً من الحوادث التي وقعت في كتائب تابعة للجيش الإيراني.
وقال إنه في الصيف الماضي، قام أحد المجندين داخل معسكر تابع الجيش الإيراني، بجذب رقيبه من سريره وأخذه إلى الخارج تحت تهديد السلاح. وأجبره المجند على التقلب في الأوساخ لمدة ساعة، وتقليد التمارين التي كان يجبره على القيام بها لمدة شهرين منذ بداية تجنيده. واختفى هذا المجند بعد ذلك، ويقول زملاؤه الجنود إنهم سمعوا عن سجنه 3 سنوات.
وذكر أحمد قصة أخرى لمجند آخر يبلغ من العمر 23 عاماً تحصن في غرفته بسلاح معبأ في إحدى الكتائب بجنوب إيران، بعد رفض القيادات طلب إجازته. وقام بإطلاق النار على أحد رجال الشرطة الذي أصيب، قبل أن يطلق النار على نفسه.
وفي كتيبة أخرى بشمال إيران، قام مجند بإطلاق النار على زملائه بالخدمة العسكرية فقتل 3 وأصاب 6، بعد رفض نقله إلى قاعدة أخرى، وفقاً للمجند الإيراني.
آخر هذه الحوادث كان في أغسطس الماضي، حيث قام أحد المجندين في أفقر محافظات إيران بإطلاق النار على 3 جنود وأصاب 8 على الأقل، قبل إطلاق النار عليه.
ووصف أحمد التدريب العسكري في إيران بأنه "أزمة تستمر 21 شهراً من الإهانة البدنية والضغط النفسي والفساد"، حيث تتفاقم مشكلات الصحة النفسية والاقتصادية الاجتماعية. لافتاً إلى أن كثيراً من الرتب العليا يعاملون المجندين الفقراء بقسوة، في حين أنهم يجنبون الأثرياء هذه المهام الصعبة.
وبالرغم من أن الجيش الإيراني أقل سلطة وتمويلاً من قوات الحرس الثوري الإيراني التي تسيطر قياداتها على الصناعات المهمة وتقود المغامرات العسكرية في الأراضي الأجنبية، إلا أن الجيش الإيراني التقليدي قوة دفاعية أساسية، لكن الأزمة الاقتصادية المطولة وتزايد الاستياء من السلطات الكاسحة لرجال الدين، أدى إلى إخماد الشعور الوطني لدى الإيرانيين.
بحسب "لوس أنجلوس تايمز"، ولد جميع المجندين الحاليين بعد ثورة 1979. ويقول الخبراء إن حوادث إطلاق النار المنتشرة مؤخراً بين المجندين الشباب تعكس مدى كرههم المتزايد للطبقة الحاكمة التي تسيطر على ما يشاهدونه ويرتدونه ويأكلونه ويقرأونه. هذا بالإضافة إلى قلقهم من وضع الاقتصاد الذي فشل في تحقيق أي نمو برغم وعود اتفاق 2015 النووي، الذي خفف العقوبات الدولية على طهران.
والخدمة العسكرية إلزامية في إيران على كل شاب يبلغ 18 عاماً، بالرغم من أن بعض العائلات الثرية تدفع غرامات من أجل إبقاء أبنائهم بعيداً عن الخدمة، لذلك عملياً توجد أعداد أكبر بكثير من الإيرانيين الفقراء داخل القوات.
وتبدأ الخدمة العسكرية الإيرانية بشهرين من التدريب البدني، يستيقظ فيه جميع المجندين 6 أيام أسبوعياً قبل الفجر، ويشمل التمارين الرياضية ووسائل الدفاع الذاتي والاستجابة للهجمات الكيميائية. وبعد ذلك يتم تعيينهم في خدمة فعلية لمدة تصل إلى 19 شهراً. ويتم عادة إرسال الجنود غير المتعلمين لحراسة الأماكن النائية، فيما يمكن لهؤلاء الذين يتمتعون بعلاقات جيدة مع القيادات أداء خدمتهم في وظائف مكتبية.
وفي أعقاب حوادث إطلاق النار، أعلن الجيش الإيراني أنه سيزيد من الفحص النفسي للمجندين. فيما يدعو بعض السياسيين إلى إلغاء نظام التجنيد.