الاعتداء على السفارات.. نهج إيراني ينتهك الأعراف الدبلوماسية
يقف التاريخ شاهدا على كثير من حالات الاعتداء الإيراني على مقار البعثات الدبلوماسية للدول سواء داخل إيران أو خارجها.
يبدو أن الاعتداء على السفارات والبعثات الدبلوماسية، هو نهج إيراني بامتيار، فرغم ما قد تثيره حالات الاعتداء على مقار البعثات الدبلوماسية من احتمالات تصعيد سياسية أو عسكرية، فإن نظام طهران ومليشياته حول العالم لا تتوقف عن هذا الأسلوب من الترويع والتهديد.
- مليشيا الحشد الشعبي الإيراني تقتحم السفارة البحرينية في بغداد
- مليشيات "الحشد".. دمى إيران وسلاحها لإرهاب القوات الأمريكية بالعراق
ويشهد التاريخ على كثير من حالات الاعتداء الإيراني على المقار الدبلوماسية للدول سواء داخل إيران أو خارجها، ورغم أن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة وسارية منذ عام 1961، تلزم الدول بحماية دبلوماسيي الدول الأخرى لديها وحماية المقار الدبلوماسية، فإن نظام طهران لا يعبأ بتداعيات الاعتداء على السفارات والقنصليات.
وجاء حادث الاعتداء على سفارة البحرين في بغداد، ليعيد للأذهان السجل الأسود للنظام الإيراني والتاريخ الطويل من الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية؛ حيث أقدم العشرات من مليشيا الحشد الشعبي الإيراني، مساء الخميس، على اقتحام مقر السفارة البحرينية في بغداد، وسط غياب تام للسلطات الأمنية في المنطقة.
وقال ضابط في الشرطة العراقية إن "العشرات من عناصر مليشيا الحشد الشعبي الإيرانية احتشدوا، مساء الخميس، بشكل مفاجئ أمام مقر السفارة البحرينية في منطقة المنصور ببغداد، وبعد ذلك اقتحموا السفارة واعتلى عدد منهم المبنى وأنزلوا العلم البحريني".
وأشار إلى أن قوة أمنية عراقية أخرجت موظفي السفارة البحرينية من المقر قبل ساعة من بدء الاقتحام، كي لا يتعرضوا لأي اعتداءات من قبل المتظاهرين، فيما لا يزال الموظفون العراقيون العاملون في السفارة موجودين فيها.
وكانت مملكة البحرين حذرت في ١٨ مايو/أيار الماضي مواطنيها من السفر إلى العراق وإيران، إثر تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والنظام الإيراني.. وحينها، قالت الخارجية البحرينية في بيان لها: "نهيب بالمواطنين الكرام عدم السفر إلى كل من إيران والعراق في الوقت الراهن، وذلك ضماناً لأمنهم وحفاظاً على سلامتهم"، وطالبت مواطنيها بالعودة من البلدين فوراً حفاظاً على سلامتهم".
من جانبه قال مسؤول في الاستخبارات العراقية لـ"العين الإخبارية": "إن مخطط مليشيات الحشد الشعبي لمهاجمة السفارة البحرينية في بغداد يهدف لزعزعة الاستقرار في العراق خدمة للنظام الإيراني".
وأوضح المسؤول العراقي أن عناصر المليشيات الذين اقتحموا السفارة البحرينية ينتمون لمليشيات عصائب أهل الحق والنجباء وكتائب حزب الله وكتائب الإمام علي وكتائب الخراساني وبدر، بإشراف مباشر من فيلق القدس، جناح الحرس الثوري، والسفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي.
وأظهرت لقطات فيديو بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حشوداً متجمهرين حول السفارة، وبعضهم متسور جدران السفارة، وقال معلقون في الفيديو: "إنه تم إنزال العلم البحريني من فوق مبنى السفارة".. وانتقد معلقون كثرة وقائع الاقتحام، مشيرين بأصابع الاتهام لإيران ومليشيات الحشد الشعبي التي تتمتع بنفوذ واسع في العراق.
اعتداءات متكررة على المقار السعودية
في صيف عام 1987 هاجمت مجموعة كبيرة من الإيرانيين مقر سفارة المملكة العربية السعودية في طهران، وقامت باحتلالها واحتجاز الدبلوماسيين السعوديين بداخلها والاعتداء عليهم من قبل مليشيات الحرس الثوري الإيراني.
وقامت مجموعة كبيرة من المليشيات برشق السفارة بالحجارة والزجاجات الحارقة، وتمكنوا من الدخول إلى فناء السفارة، وأحرقوا ثلاث سيارات بعد تحطيمها بالكامل، واقتحموا بعد ذلك المكاتب، وأتلفوا غرفة الاتصالات وعبثوا بأوراقها وأضرموا النيران في أثاث السفارة، بعد تحطيم نوافذها وأبوابها، كما قاموا بالاعتداء على الدبلوماسيين الموجودين بداخلها، وقاموا بخطفهم إلى جهات مجهولة، قبل أن يتم إطلاق سراحهم وإغلاق السفارة السعودية في طهران.
حادث آخر شاهد على همجية النظام الإيراني ومليشياته، تمثل في الاعتداء على السفارة السعودية في طهران ومقر القنصلية في مدينة "مشهد" الإيرانية، ففي صباح 2 يناير/كانون الثاني 2016 قام مجموعة من المليشيات الإيرانية بالهجوم على السفارة السعودية في طهران، وتمكنوا من اقتحام مبنى السفارة وإحراقها وإنزال العلم السعودي وتهشيم وسرقة ما فيها، كما قام متظاهرون آخرون بالهجوم على القنصلية السعودية في "مشهد" وقاموا بتهشيم الأثاث وزجاج النوافذ، وقام بعضهم بنهب محتويات القنصلية، وتلقى الدبلوماسيون السعوديون تهديدات بالقتل من قبل مليشيات "الباسيج" الإيرانية قبل مغادرتهم إلى السعودية.
عقب ذلك قطعت المملكة العربية السعودية جميع علاقاتها مع إيران، وتبعتها عدد من الدول العربية، كما قامت دول أخرى بتخفيض تمثيلها الدبلوماسي في إيران إلى قائم بالأعمال، بالإضافة إلى استدعاء عدد من الدول السفراء الإيرانيين لديهم، للاحتجاج على حرق السفارة السعودية.
الحوثيون يهاجمون السفارة العراقية
وفي فبراير/شباط 2018 أقدمت مجموعة من مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران بالاعتداء على السفارة العراقية في صنعاء، والأرض التابعة لها، في تحدٍ سافر للمواثيق والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات الدبلوماسية بين الدول.
وأصدرت الخارجية اليمنية وقتها بياناً قالت فيه "إن الاعتداء على البعثات الدبلوماسية سياسة ممنهجة دأبت المليشيا الانقلابية على اتباعها ومؤشر للسقوط الأخلاقي والقيمي لتلك المليشيا التي لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى فهم القواعد والأعراف الدبلوماسية واحترامها والالتزام بها"، مضيفة: "إن مثل هذه الأفعال تثبت بأن الحل الوحيد لمشكلة اليمن هو في إنهاء الانقلاب وإنهاء تسلط المليشيا المدعومة من إيران واحتلالها للعاصمة ومؤسسات الدولة، وتظافر الجهود الدولية لتحقيق ذلك انتصاراً للقوانين والمواثيق الدولية، ورفضاً لاستمرار قانون الغاب الذي تتعامل به مليشيا الانقلاب".
احتجاز الرهائن بالسفارة الأمريكية
قبل نحو 40 عاماً وتحديداً فى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1979، مع بداية ثورة الخميني، نشبت أزمة سياسية حادة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، إثر اقتحام مجموعة من الطلاب الإيرانيين من أتباع الخميني، مقر السفارة الأمريكية بطهران، واحتجزوا 52 رهينة أمريكية من موظفي السفارة ودبلوماسيين أمريكيين لمدة 444 يوماً، وأطلق عليها أزمة "احتجاز الرهائن الأمريكية".
وانتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاق الجزائر يوم 19 يناير 1981، وأفرج عن الرهائن رسمياً فى اليوم التالى، بعد دقائق من أداء الرئيس الأمريكى الجديد رونالد ريجان اليمين، واحتفظت وكالة الاستخبارات الأمريكية بوثائق عن الحادث.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTkyIA== جزيرة ام اند امز