الأوضاع الداخلية كارثية في الوقت الذي ينهار فيه الاقتصاد الإيراني والظروف الاجتماعية، والعقوبات المتزايدة يوما بعد يوم.
مضيق هرمز، ورقة إيران الأولى التي تلعب بها وعليها، وستحاول أن توظفها لتبيّن بعضا من القوّة فيه الكثير من الجبن لأن الهدف الأساسي منه هو التّهرب من المواجهة، إقليميا أو دوليّا. ورغم أن إيران عملت ولعشرات السنين على التّلويح بإغلاق مضيق هرمز، فإن ما قامت به في الأيام الأخيرة من هجومات على سفن تجارية، وناقلات نفط يعكس التخبّط السياسي وضعف النظام الإيراني، فالقوة ليست في التخريب العشوائي، والفعل وردّ الفعل، لكنها في بناء استراتيجيات تستند إلى الحكمة والمصالح المشتركة.
ما يقع اليوم من سلوكيات إيرانية هو حلقة إضافية لسلسلة من الحلقات التي حملت الألم والدّم لمنطقتنا. سلسلة يحاول النظام الإيراني إضافة حلقة قذرة عليها مما يخرج من تحت عمامته من مؤامرات، للتضييق على المنطقة وزعزعة استقرارها. كل ذلك بينما تحاول طهران إرسال بالونات اختبارها بحريّا، لتمتحن ردود الفعل الدّوليّة
لكن نظام الملالي ومنذ صعوده لم يهتم إلا بنقطة واحدة وظّف كل قواه لخدمتها، وهي أيديولوجيّة الكراهيّة والحقد نحو الغرب والشّرق على حدّ السّواء، من أجل ضمان السيطرة على شعبه وشعوب المنطقة. وما زال يمارس نفس السياسة، بالرّغم من أنّ السّحر انقلب على السّاحر، وأصبحت الأوضاع الداخلية كارثية في الوقت الذي ينهار فيه الاقتصاد الإيراني والظروف الاجتماعية، والعقوبات المتزايدة يوما بعد يوم من جهة أخرى والتي ستقضي على الشعب الإيراني، ونتوقع له سنوات سود عجاف، مالم يثنوا النّظام عن المنعرج الخطير الذي أدخل فيه بلاده.
وقد أكد الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، في تغريدة عبر تويتر، هذه النّقطة حيث كتب أن "العلاقات العامة ليست بديلا حقيقيا عن السياسات البناءة، ووقف التصعيد في الوضع الحالي يتطلب أفعالا تتسم بالحكمة وليس كلاما أجوف". وكان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أكد، في تغريدات سابقة، أن "الظروف التي تحيط بإيران من صنع يديها وأن الخروج من أزمتها يتطلب نهجا واقعيا". وأضاف أن التعامل مع الواقع بعقلانيّة هو العنصر الأهم، وهو العنصر الغائب في التّصرف الإيراني الذي وصفه قرقاش بـ"التّنمر" الذي اختارته إيران نهجا لها، وأغلقت به أبواب الحوار والدبلوماسيّة، وأحبطت الاتفاقية النوويّة التي استهلكت من شعبها والمجتمع الدّولي سنوات من الجهد.
لقد زرع قادة "الجمهوريّة الإسلاميّة" أبواقا بين العراق وإيران، ثم في سوريا والبحرين واليمن، ولم تثمر مشاريعهم غير الدمّ والدّمار. واليوم انتقلوا من البر إلى البحر ليشعلوا النيران، ويفزعوا الشّعوب، أولهم الشّعب الإيراني الذي وجد نفسه أمام طريق رمادي داكن شديد الغموض، لا أبواب للعودة فيه ونهايته هي "النّهاية" فعليّا.
وفي هذا الوقت العصيب الذي كان يحتاج الشّعب الإيراني إلى قائده المقدّس، لأن يقف على المنبر ويطمئنه ويتحدّث بنفس لهجة القوة التي يخاطب بها الخارج، خيّب النظام شعبه ليضع الرئيس الإيراني حسن روحاني أمام الشّعب، ويبثّ رسائل الخوف بدل الطمأنينة، وليحذّرهم من أنّ الأيّام المقبلة -سواء شهدت بلاده فيها الحرب أم لا- ستكون أيّاما أشد صعوبة من التي شهدتها إيران وقت حربها مع العراق في فترة الثمانينيات، لأنه وفي تلك الفترة لم تكن هناك عقوبات إلا على الأسلحة، لكن اليوم العقوبات شملت الاقتصاد وهذا ما يجعل الأوضاع أصعب.
وما يقع اليوم من سلوكيات إيرانية هو حلقة إضافية لسلسلة من الحلقات التي حملت الألم والدّم لمنطقتنا. سلسلة يحاول النظام الإيراني إضافة حلقة قذرة عليها مما يخرج من تحت عمامته من مؤامرات، للتضييق على المنطقة وزعزعة استقرارها. كل ذلك بينما تحاول طهران إرسال بالونات اختبارها بحريّا، لتمتحن ردود الفعل الدّوليّة، وتستعرض عضلاتها لنرى بشاعة ما تحت العباءة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة