جاءت الانتفاضتان العراقية واللبنانية بشكل فاجأ الإيرانيين، ما جعلهم ومعهم عملاؤهم يظهرون بهذا القدر المتخبط والمرتبك سواء في لبنان أو العراق
جاءت الانتفاضتان العراقية واللبنانية بشكل فاجأ الإيرانيين، ما جعلهم ومعهم عملاؤهم يظهرون بهذا القدر المتخبط والمرتبك سواء في لبنان أو العراق، لاسيما وأن الإيرانيين يمرون بحصار أمريكي خانق، واقتصاد مهترئ يتهاوى مع مرور كل يوم جديد.
نجاح الانتفاضة اللبنانية خلال الأيام الماضية أظهر عملاء إيران اللبنانيين في موقف أصعب مما يواجه العراقيون، فالمال الذي كان وسيلة حزب الله في السيطرة على قواعد اللعبة في لبنان، لم يعد متاحاً ومتوفراً كما هو في العراق، وقد كان عملاء إيران في لبنان ينفقون منه بسخاء على كوادرهم والمتحالفين معهم، بالشكل الذي جعله خاصة في السنوات الأخيرة بمثابة الوسيلة التي من شأنها إبقاء حلفائهم من غير الشيعة يستمرون في تنفيذ أجندتهم.
أما الخاسر الأكبر في الانتفاضتين -بكل تأكيد- فدولة الملالي بطهران، لاسيما وأن قدرات إيران لمواجهة الانتفاضتين في العراق ولبنان أصبحت محدودة بسبب الحصار الأمريكي
غير أن هذا المال بسبب حصار إيران وتتبع تمويل حزب الله يقل كثيرا وكثيرا جدا عما كان عليه قبل المقاطعة، وفي تقديري أن هذا هو السبب الأول وبالطبع غير الوحيد الذي أضعف قدرات حزب الله كثيراً حتى وصل إلى أن البيئة الحاضنة لحزب الله تُظهر بعضاً من التمرد، وتنضم إلى الحراك، بشكل لم يسبق له مثيل منذ إنشائه في بدايات الثمانينيات من القرن الماضي؛ أضف إلى ذلك أن المتابع للشأن اللبناني لا بد وأن يلحظ أن (النعرة الطائفية) التي كانت هي المعين الذي ينضح منها الحزب في تجنيد الأتباع قد أصابها الكثير من الوهن بسبب انتشار الوعي، ودخول إيران في مغامرات غير مقنعة ولا محسوبة العواقب، للكثير من كوادرها، لذلك يمكن القول وبعلمية إن انتفاضة اللبنانيين، وانتشارها على كامل الجغرافيا اللبنانية، أدخلا قيادة الحزب في مأزق، وقللا من الخيارات التي تمكنه من مواجهة هذه التطورات المتلاحقة بالشكل والمضمون الذي أظهره لأول مرة في تاريخه بهذا الشكل الضعيف.
العراق الذي سبق لبنان في الانتفاضة الشعبية عاد إلى التظاهر من جديد، خاصة أن نتائج التحقيقات التي أجرتها الحكومة نتيجة للمجزرة التي واكبت انتفاضة العراقيين لم تكن مقنعة، ولم يوجه اتهامات واضحة وجلية للجهة التي كانت وراء من قام بقنص المتظاهرين، الأمر الذي جعل الساحة العراقية مؤهلة لعودة الثورة واتساعها من جديد، وهذا ما حصل بالفعل.
أما الخاسر الأكبر في الانتفاضتين -بكل تأكيد- فدولة الملالي في طهران، لاسيما وأن قدرات إيران لمواجهة الانتفاضتين في العراق ولبنان أصبحت محدودة بسبب الحصار الأمريكي، أضف إلى ذلك أن الإيرانيين من الداخل يواجهون وضعاً اقتصادياً في غاية الصعوبة، وليس بإمكانهم مواجهة الانتفاضتين، وهي بهذا الزخم في آن واحد، وغني عن القول إن الإيرانيين يعتمدون في أجنداتهم التوسعية على أذرعتهم، ويتحاشون قدر الإمكان المواجهة المباشرة، الأمر الذي يجعل ضعف بنيتهم الميلاشوية في لبنان والعراق يصيب كل استثماراتهم السياسية في تلك الدول بمقتل.
ويمكن القول وبعلمية إن الخيار الوحيد المتبقي أمام أذرع إيران سواء في لبنان والعراق هو (التهدئة)، والرهان على الوقت، ريثما يتم إنهاء الحصار الأمريكي، غير أن الأمور كما يتضح للعيان لن تسعفهم، فالأزمتان في طريقهما للتفاقم أكثر، لاسيما وأن جميع المؤشرات التي بين أيدينا تشير إلى ذلك.
إلى اللقاء
نقلاً عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة