"ذراع إيران" الأزرق تحت سيف حكومة ألمانيا.. البتر الخيار الأول
تتزايد الأزمة الدبلوماسية والتجاذبات بين إيران وألمانيا على خلفية انتقادات الأخيرة لقمع الأولى لاحتجاجات شعبية مستمرة منذ شهرين.
ومع تزايد الأزمة وتسارع عجلة التوتر، برز اسم "المسجد الأزرق" أو المركز الإسلامي في هامبورج، كنقطة أساسية لعقاب السلطات الإيرانية، في ظل أدوار المركز المتشعبة، التي وصلت لحد وصفه بأنه أكبر تمثيل إيراني بالأراضي الألمانية بعد السفارة.
والأربعاء الماضي، ناقش البرلمان الألماني (البوندستاج)، ملف إيران، ومرر مشروع قرار قدمته أحزاب الائتلاف الحاكم؛ الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر "يسار وسط"، والحزب الديمقراطي الحر (ليبرالي)، في هذا الصدد.
وطالب مشروع القرار، الحكومة الاتحادية بدراسة إمكانية إغلاق المركز الإسلامي في هامبورغ، باعتباره محرك أنشطة النظام الإيراني في الأراضي الألمانية.
مشروع القرار لاقى تأييدا أيضا بين المعارضة الألمانية، بل أن البعض وصفه بأنه "جاء متأخرا جدا"، إذ قال النائب توماس إرندل، من الاتحاد المسيحي؛ تكتل المعارضة الرئيسي، "الأمر واضح، ولا يتوجب التحقق من أي شيء".
وتابع أن إغلاق المركز "سيرسل إشارة إلى الذين يمارسون خطاب الكراهية في بلدنا، لأنه يجب أن نوضح للنظام الإيراني موقفنا بكل وضوح".
ومن البرلمان إلى الحكومة الألمانية التي تعتزم، وفق تقارير صحفية، التحقيق فيما إذا كان المركز الإسلامي في هامبورغ يعتبر قاعدة دعاية للحكومة الإيرانية من عدمه، ودراسة إمكانية إغلاقه.
ووفق مراقبين، فإن الحكومة تعتزم إغلاق المركز في إطار عقابها لإيران على قمعها الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، لكن عملية الإغلاق معقدة وصعبة من الناحية القانونية وتتطلب وقتا.
تحقيق منتظر
وبما أن أي تحقيق حكومي سيتضمن دورا لهيئة حماية الدستور؛ هيئة الاستخبارات الداخلية المعنية بالأساس بجمع المعلومات في الداخل، إذ تضع الهيئة بالفعل المركز الإسلامي في هامبورغ، تحت الرقابة، وتصنفه متطرفا ويتبع إيران.
والمركز الإسلامي في هامبورغ يضم مسجد الإمام علي المعروف بـ"المسجد الأزرق"، ومبني على الطراز الفارسي. كما أنه يعد واحدا من أقدم المؤسسات الإسلامية في ألمانيا، وأهم مركز للشيعة على أراضيها.
لكن المركز رغم الشكوك والاتهامات التي تحوم حوله منذ سنوات، يعد شريكا للحكومة المحلية في هامبورغ بموجب اتفاق جرى توقيعه في عام 2012، لتأكيد القيم المشتركة التي تربط كل أطياف المجتمع في الولاية.
وتتضمن الاتفاقية الإدارة الذاتية للجمعيات الإسلامية، واحترام بعض العطلات الرسمية للمسلمين، وكفالة مشاركة الجمعيات والمراكز الإسلامية في التعليم الديني في المدارس.
شقاق سابق
ورغم هذه الشراكة الصعبة بين الحكومة والمركز الإسلامي بهامبورغ، بدأت تصدر علامات تصدع في العلاقة بين الطرفين، في 2020، مع شن حزب الخضر الشريك بحكومة الولاية، حملة ضد المركز.
وفي ذلك الوقت، قالت غوجروت شيتيك، النائبة عن حزب الخضر، إن المسجد الأزرق يعد "مركز الدعاية لنظام طهران"، في خضم خلافات وصفت بالجوهرية بين المركز وحكومة هامبورغ، لم يكشف عنها في وقتها.
وأضافت شيتيك، أن "حكومة إيران مسؤولة عن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، والحروب والتهجير القسري"، متابعة: "المركز الإسلامي لا يجب أن يكون شريكا لحكومة ولاية هامبورغ".
وكان توجه حزب الخضر في ذلك الوقت (٢٠٢٠)، هو استغلال المراجعة الدورية المقررة للاتفاق مع الجمعيات الإسلامية، والمقررة بنص الاتفاق في 2022، أي هذا العام، في مراجعة الموقف من المركز الإسلامي.
وكان ينظر للمركز الإسلامي في هامبورغ حتى وقت قريب، على أن مركز أنشطة النظام الإيراني ومركز دعاية رئيسي له في الأراضي الألمانية، لكن النشاط لم يتوقف عند ذلك.
إذ ذكرت تقارير ألمانية في السنوات القليلة الماضية، نقلا عن هيئة حماية الدستور، أن طهرات تستغل المسجد الأزرق، لتمرير معلومات استخباراتية من ألمانيا إلى إيران، لا تتوقف فقط عند تقييمات للأوضاع السياسية والاقتصادية في ألمانيا، بل تشمل أيضا معلومات أخرى حساسة.
بل أن هذه التقارير وصفت المركز الإسلامي في هامبورغ بأنه "نقطة التقاء عملاء النظام الإيراني في ألمانيا".
مركز شبكة إيرانية
وفي 2019، ذكرت هيئة حماية الدستور في تقرير دوري، أن "المركز الإسلامي في هامبورغ يقود شبكة واسعة في عموم الأراضي الألمانية، تمارس نفوذا ضخما على الجاليات الشيعية المنحدرة من جنسيات مختلفة"، مضيفة: "تضم الشبكة مساجد ومراكز ثقافية شيعية".
جاء ذلك بعد عامين فقط من إرسال الحكومة الألمانية مذكرة رسمية للبرلمان، تفيد بأن محتوى خطب المركز الإسلامي في هامبورغ، ينتج عن اتصالات بين المركز وإيران.
وتابعت الحكومة أن "محتوى خطب المركز الإسلامي في هامبورغ، تحاول طهران تصدير أفكارها، وهذا هدف أساسي للنظام الإيراني، لكنها أفكار لا تتوافق مع الدستور الألماني والنظام الديمقراطي الحر".
وانطلاقا من الأراضي الألمانية، وسعت إيران في الأعوام الماضية، شبكتها في عموم القارة الأوروبية، خاصة بعد تأسيس مسجد كوبنهاغن في الدنمارك في 2015.
ويخضع مسجد كوبنهاغن مباشرة للمركز الإسلامي بهامبورغ، وفق تصريحات صحفية سابقة للخبير الألماني في الشؤون الإيرانية، كريستيان اوستهولد، ما يعكس قوة مركز هامبورغ في الشبكة الإيرانية.
aXA6IDMuMTQ1LjU5LjI0NCA= جزيرة ام اند امز