إيران "المنكوبة" تتحايل على العقوبات بالمقايضة والتهريب
النظام الإيراني أنشأ شبكة من التجار والشركات ومكاتب الصرافة ومحصلي الأموال في دول أخرى من أجل الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
انخفضت إيرادات إيران النفطية بشكل حاد تأثرا بسياسة واشنطن القائمة على ممارسة "أقصى الضغوط" على طهران من خلال العقوبات الواسعة.
ودفعت إجراءات واشنطن العقابية ضد إيران باقتصاد طهران إلى حالة شديدة من الركود وانهيار عملتها.
- إيران.. لعنة الأجور تلقي بـ800 ألف شخص خارج الدعم الحكومي
- اعترافات إيرانية "خطيرة".. الغموض والارتباك يحرقان النفط
وتسعى الولايات المتحدة من خلال العقوبات إلى إرغام إيران على قبول فرض قيود أكثر تشددا على برنامجها النووي وتقليص دعمها لحروب بالوكالة في الشرق الأوسط.
ويقول مسؤولون إيرانيون ورجال أعمال ومحللون إن طهران مازالت تحاول زيادة صادراتها من السلع غير النفطية وزيادة الإيرادات الضريبية، لكن أهم وسائلها يتمثل في اللجوء إلى صفقات المقايضة والتهريب وبعض الصفقات السرية.
ويقول هؤلاء إن النظام الإيراني أنشأ شبكة من التجار والشركات ومكاتب الصرافة ومحصلي الأموال في دول أخرى من أجل الالتفاف على العقوبات الأمريكية المصرفية والمالية.
ووفقا لرويترز، زعم مسؤول إيراني كبير -طلب عدم نشر اسمه- فإن "أمريكا لا يمكنها أن تعزل إيران.. إذا نجحوا في وقف مبيعاتنا النفطية، فسنصدر المنسوجات والأغذية والبتروكيماويات والخضراوات وكل ما يخطر على بالك".
تصريحات المسؤول الإيراني تتنافى بالطبع مع الأرقام والتقارير الدولية المعلنة والتي تؤكد أن اقتصاد إيران تلقى ضربات قاضية خلال الأشهر الأخيرة، وأن الأسوأ ينتظره خلال الفترة المقبلة.
عقوبات صارمة
سارعت الشركات الغربية للعودة إلى السوق الإيرانية وازداد دخلها من النفط بعد عام من إبرام الاتفاق النووي في 2015 مع القوى الكبرى الست، مما أنهى نظام العقوبات الذي فرض عليها في 2012 بسبب برنامجها النووي.
وكانت العقوبات الجديدة التي فرضت بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق في مايو/ أيار الماضي الأشد إيلاما من جانب واشنطن، واستهدفت تقريبا كل قطاعات الاقتصاد الإيراني بما في ذلك الوسائل التي تمول بها طهران تجارتها الدولية.
ومنذ العام الماضي انخفضت صادرات النفط الخام الإيرانية بأكثر من 80% مقارنة مع عام 2012 عندما هبطت الصادرات لأقل من 1.3 مليون برميل يوميا من حوالي 2.5 مليون برميل في اليوم.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الإيراني في 2019 بنسبة 3.6% بسبب انخفاض الإيرادات النفطية، كما يتوقع البنك الدولي أن يقفز التضخم إلى 31.2% في 2019-2020 من 23.8% في 2018-2019 ومن 9.6% في العام الذي سبقه.
ويعتقد بعض الاقتصاديين أن التضخم تجاوز بالفعل 40%.
ويصر المسؤولون الإيرانيون على أن بمقدور إيران اجتياز العاصفة غير أن الواقع على الأرض قاس.
وأدى الانخفاض الحاد في قيمة العملة الإيرانية وصعوبة سداد قيمة احتياجات استيرادية عاجلة إلى ارتفاعات في أسعار الخبز والأرز وغيرها من المواد الغذائية الأساسية.
وتهكم المدرس المتقاعد علي كمالي (63 عاما) في طهران قائلا: "من السهل على المسؤولين الحديث عن مقاومة الضغط الأمريكي. ليس عليهم أن يقلقوا على الإيجار أو أسعار السلع المتزايدة. الأسعار ترتفع كل يوم".
ولا تلوح في الأفق نهاية قريبة للعقوبات، إذ قال ترامب الثلاثاء، إن الضغوط ستشتد على إيران.
وقال تشاك فرايليتش الزميل بمركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية: "إيران ليس لها مصادر أخرى كثيرة من الدخل بخلاف النفط، ولذا فإن اقتصادها في حالة اختلال.. فلديهم احتياطيات كبيرة للميزانية لاجتياز الأشهر القليلة المقبلة.. لكن الوضع لا يمكن استمراره".
نضوب التمويل
كان للعقوبات المالية وطأتها الشديدة على البنوك والمؤسسات والأفراد وشركات الواجهة في عدد من الدول.
وقد استخدمت إيران نظام المقايضة للالتفاف على هذه العقوبات في الماضي لكن نطاق استخدامه زاد كثيرا هذه المرة.