مقتل قاسم سليماني كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير الإيراني، وخلطت أوراقه، وكشفت هشاشة قوته العسكرية التي نفخ فيها إعلامه
يُجْمِع المراقبون المتابعون للشؤون الإيرانية أن إيران اليوم تمر بأسوأ حالاتها منذ قيام ثورة الخميني وحتى اليوم. ولم يعد لديها أملٌ في الخروج من مأزقها الذي تعيش فيه الآن إلا أن يسقط الرئيس ترامب ولا يفوز بفترة حكم ثانية، وإذا لم يتحقق ذلك فهي راغمة للرضوخ والجلوس على طاولة المفاوضات، وإبرام اتفافية بشروط جديدة ستكون على الأقل بالنسبة للإيرانيين أسوأ من اتفاقية أوباما الملغاة، التي أعطت للملالي كل ما يحلمون به من قوة ونفوذ على حساب الدول العربية، وبالذات على حساب دول الخليج.
في تقديري أن أسوأ رئيس أمريكي مرَّ على تاريخ العرب هو الرئيس ذو الأصول الأفريقية، والأب المسلم باراك أوباما، وكان الرئيس ترامب بالنسبة لنا بمثابة الرحمة التي خلصتنا من هذا الغول الكهنوتي الإيراني، الذي لا يحد طموحاته، ولا يكبح جماح شهوته التوسعية أي كابح.
من غير المعقول أن نظاماً يُعاني من حصار اقتصادي خانق.. ويظهر إلى الشوارع من يصفق لمن كانوا السبب في فقره وجوعه وتدني الخدمات إلى هذه الدرجة المزرية!
مقتل قاسم سليماني كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير الإيراني، وخلطت أوراقه، وكشفت هشاشة قوته العسكرية التي نفخ فيها إعلامه، فإذا هو أضعف وأجبن وأوهن مما كان يتوقعه مناصروه قبل مناوئيه، فليس ثمة إلا جعجعة، وعندما أتى الطحن، فإذا هو فعلا ديك ورقي ليس إلا.
وهو في الداخل اليوم، وبعد انكشافه، أضعف وبكثير مما هو في الخارج، وتلك الحشود التي يقول الملالي وأتباعهم إنها "شيَّعت" سليماني هي - كما يعلم الإيرانيون "حشود تابعة لجهاز في إيران يُسمى (الباسيج) وأفرادها تابعون للحشد الشعبي الذين يتقاضون أجراً مقابل مظاهراتهم"، أي أنهم بلغة أدق "مرتزقة"، ولا يمكن التعويل عليهم في قياس شعبية النظام. وإلا فمن غير المعقول أن نظاماً يُعاني من حصار اقتصادي خانق ويظهر إلى الشوارع من يصفق لمن كانوا السبب في فقره وجوعه وتدني الخدمات إلى هذه الدرجة المزرية.
تقهقر نفوذ وسطوة نظام الملالي أصبح حقيقة لا يمكن إخفاؤها، وربما تتفاقم أوضاع إيران أسرع مما كنا نتوقع، وحتى قبل أن يفوز الرئيس ترامب بولاية ثانية، في حالة هلاك المرشد الحالي علي خامنئي، فعلى ما يبدو أن مسألة خلافته ما زالت لم تحسم بعد، وكل الأوراق في يد ضباط الحرس الثوري، الذين لن يسمحوا أن يأتي خليفة من خارج التوجه المتشدد، مهما كانت قوة المعتدلين، وهذا يعني أن إيران في طريقها إلى التضعضع، فقد ثبت من خلال قراءة تاريخ إيران في عهد الملالي أن المتشددين هم أصحاب الكلمة الفصل.
في نهاية المطاف؛ التجربة الإيرانية تسعى بخطى حثيثة للانهيار، في حين من يطلقون عليهم تيار المنفتحين هم أكثر عقلانية وبراغماتية، وربما يدفعون بإيران للانتقال من مرحلة الثورة إلى الدولة، ويلتفتون إلى إصلاح أوضاعهم الاقتصادية والخدماتية المهترئة.
إيران هي الآن أمام مفترق طرق، إما التعامل مع الواقع بموضوعية، أو أن الانهيار في انتظارهم.
نقلاً عن " الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة