في شهر يونيو 2009 قام مئات الآلاف من الإيرانيين بالخروج للشوارع في ثورة شعبية ضد حكم الملالي
في شهر يونيو 2009 قام مئات الآلاف من الإيرانيين بالخروج للشوارع في ثورة شعبية ضد حكم الملالي، لقد توقع العالم من الرئيس الأمريكي الشاب الذي وصل إلى البيت الأبيض قبلها بعام أن ينحاز للشباب والشابات الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم، لكن أوباما خذل الثورة الخضراء والدماء التي سالت على الأسفلت الإيراني.
مع أن ذلك كله يبقي الأمر في حدود السياسة، لكن الأمر يبدو أكثر خطورة إلى مساحات الدفاع عن برنامج نووي في يد دولة ونظام متمرد، فهل يعقل أن أوباما وهيلاري وجون كيري إضافة للمستشارة الألمانية ميركل يهيمون كل ذلك الهيام لإيران ويبيعون أفكارها ويسوقون لها؟
بعد ذلك بعام وفي نهاية 2010 اندلعت احتجاجات مصنوعة في مصر، ارتمى أوباما ووزيرة خارجيته في أحضانها وألقيا بكل ثقلهما لإنجاحها، بل هددوا الدول التي وقفت مع مصر، إن ذلك الانحياز لاحتجاجات مصر كان يقابله انحياز فج للنظام الإيراني ضد ثورة طلاب الحرية من شبابه، فما سر الانحياز الأوبامي لطهران والذي أورثه إلى اليوم في كواليس الحزب الديمقراطي الأمريكي؟
لماذا لم يدعم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الثورة الخضراء التي اتقدت في شوارع طهران وبقية المدن الإيرانية عام 2009، وكادت أن تينع وتزهر، ولولا الصمت الأمريكي والرضا عن قمعها ووأدها لكان الإيرانيون يعيشون اليوم خارج أكبر معتقل ظالم مر على البشرية؟
وهو كذلك السؤال نفسه الذي يقود الجميع للدهشة.. ما الذي يجمع بين «نبي الليبراليين» الجدد السيد أوباما -كما يصفه أتباعه- وملالي طهران قادة أسوأ نظام رجعي أسطوري؟ ما ورائي يعتمد في شرعيته على ترويج خرافات لا يمكن لعقلية ليبرالية حداثية -كما العقلية الغربية- أن تتقبلها أو تتقاطع معها؟
لكي نفهم المسرح الذي وقف عليه وتقاطع معه باراك أوباما وملالي طهران، علينا أن نفهم أن «أوباما» ينتمي لثلة من الليبراليين الجدد الذين يمثلون رأس الحربة في تسويق الأفكار الليبرالية بمفهومها الحديث، مفهوم هو الأكثر تطرفاً وعنفاً منذ نشأة الليبرالية في المجتمع الغربي، بل يستخدمون مراكزهم الإعلامية والفنية والسياسية لفرضها بالقوة.
بالطبع أكثر من يمثلهم في أمريكا الحزب الديمقراطي الذي يدعمه ويحتضنه ويسوق أدبياته في العالم مجتمع أعلام اليسار والفنون وبالأخص في معاقلهم الرئيسية «نيويورك - هوليود»، مقدمين أنفسهم على أنهم رسل التحرر والحياة المدنية على المقاس الغربي الليبرالي، هذا التيار كان لديه «مقدسات» فرضها بسطوته على العالم منها إقرار المثلية وإعلاء مرتبتها، وبها ومنها يحكم على علاقاته مع الدول.
إذن.. ما الذي يجمع بين تيارين فكريين، أحدهما في أقصى اليمين والآخر في أقصى اليسار، متضادين لا يلتقيان أبداً ولا يمكن أن يتقاطعا في المستقبل؟ في المقابل دعونا نفهم مشكلة الحزب الديمقراطي مع الحكومات الملكية التي تبدو أكثر برغماتية، متطورة وحداثية وإن كان بعضها ضمن سياقاتها الاجتماعية والدينية.
فالديمقراطيون الذين يتقدمون بالأساس من معاقل اليسار المتمردين على القيم والمجتمع والسياسات كانوا وما زالوا يرون في الحكومات الملكية أفكار حكم رجعية ومتأخرة ولا تناسب نظرتهم لحكم الدول.
ومع أن ذلك كله يبقي الأمر في حدود السياسة، لكن الأمر يبدو أكثر خطورة إلى مساحات الدفاع عن برنامج نووي في يد دولة ونظام متمرد، فهل يعقل أن أوباما وهيلاري وجون كيري إضافة للمستشارة الألمانية ميركل يهيمون كل ذلك الهيام لإيران ويبيعون أفكارها ويسوقون لها، وفي المقابل يرفضون مشاريع التحضر والتمدن والبحث عن السلام التي تقوم بها دول كالسعودية.
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة