تايم الأمريكية: الانتخابات الإيرانية لن تحدث أي تغيير للأفضل
سويعات قليلة وتبدأ الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. ولكن لا تهم؛ ففي النهاية المرشد الأعلى هو حاكم البلاد.
في 19 مايو/أيار الجاري يذهب الناخبون الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد.. ولكن هل لهذا الاختيار فائدة؟ وهل سيختلف دور الرئيس الإيراني باختلاف اسمه؟ يؤمن الخبراء أن هذا لن يحدث وأن الحاكم الرئيس لإيران هو المرشد علي خامنئي مهما كان الرئيس الجديد للبلاد.
وقال دينيس روس المستشار السابق للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في مقال مشترك مع جيسون برودسكي مدير السياسات في مجموعة "متحدون ضد إيران النووية"، إن الانتخابات الإيرانية لن تغير شيئًا محليًا أو دوليًا.
وأضاف الخبيران أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية تمتلك جميع صفات الديمقراطية الغربية، فهناك سلسلة من المناظرات التليفزيونية، وتأييد كبار الدولة ولافتات الحملات الجذابة، ولكن كل هذا مجرد مناظر خادعة.
أوضح الخبيران في مقالهما المنشور على مجلة "تايم" الأمريكية، أنه في إيران فالمرشد علي خامنئي يمتلك السلطة المطلقة وليس الرئيس، ومهما يكن الشخص الذي يُعلن أنه الفائز، لا يمكن أن يتوقع الشعب الإيراني حدوث أي تغيير حقيقي للأفضل سواء محليًا أو في سلوك بلادهم تجاه العالم الخارجي.
ويتحكم المرشد الإيراني في موضوع المرشحين منذ البداية، فهو يعين بنفسه نصف مجلس صيانة الدستور الذي يُعد ذراع الفحص في إيران، بينما يعين رئيس السلطة القضائية النصف الآخر، إلا أن المرشد هو الذي يختار رئيس السلطة القضائية.
وأشار الخبيران إلى أن المنافسة تتطور لتصبح استفتاءً على الاتفاق النووي مع هيمنة القضايا التي ستؤثر على الموارد المالية على الأجندة، وفي السنوات التي انقضت منذ إبرام الاتفاق لم يجنِ الإيرانيون المنافع الاقتصادية الموعودة للاتفاق النووي على الرغم من تخفيف العقوبات الممنوح لطهران بموجب شروط الاتفاق.
ويرى الخبيران أن هناك سببين يشرحان قلة التقدم، أولهما هو عدم وجود شفافية جادة في البنوك الإيرانية تطمئن المجتمع الدولي بتوقف عمليات غسيل الأموال ومساندة الجماعات الإرهابية ماليًا، وثانيهما أن المرشد والحرس الثوري يتحكمان في الكثير من الاقتصاد ويواصلان حظر الاتفاقات التي ربما تبني قوة القطاع الخاص في إيران.
وقال الخبيران إن هناك بالفعل ضخا للنقدية، ولكن تتبع الأموال يوضح أن التمويلات تدفقت إلى المرشد الأعلى والشركات التي يتحكم فيها والخدمات الأمنية وليس للإيرانيين، ومن هنا فإن الاتفاق النووي جيد للمرشد الأعلى والمؤسسة الدينية وليس الشعب الإيراني بالضرورة.
أضاف الخبيران أنه رغم كل ما يقوله خامنئي والحرس الثوري عن عدم إيفاء الولايات المتحدة الأمريكية بجانبها من الاتفاق – وهو أمر غير حقيقي – إلا أنه من المثير للاهتمام أنه من بين جميع المرشحين للرئاسة لم يطالب مرشح واحد علنًا بالانسحاب من الاتفاق النووي.
في الواقع، فإن المرشح إبراهيم رئيسي المنتقد بشدة للرئيس الإيراني حسن روحاني، صرح بأنه ينبغي على أي إدارة تصل إلى السلطة الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة، إلا أن الخبيرين يوضحان أن انتقاد روحاني بشأن الاتفاق بدون تأييد فسخها يعود إلى أن الرئيس الإيراني – أيّا كانت هويته - لا يمتلك الكلمة الأخيرة بشأن الاتفاق النووي في نهاية المطاف.
ففي النهاية يعتبر المرشد الأعلى الكيان السياسي الوحيد الذي بإمكانه الانسحاب من الاتفاق، وهو الأمر الذي من غير المرجح أن يقوم به؛ لأنه لا يزال يرى فائدة في عدم عزل طهران عن الأوروبيين وأعضاء دول ( 5 + 1 ) الموقعين على الاتفاق.
أشار الخبيران إلى أن هذا لا يعني أن إيران سوف تهدئ من سلوكها أو سياساتها غير النووية، فهي تسرع من حرب الوكالة التي تقوم بها في المنطقة، وتقوية التزامها بها بفعالية في جميع أنحاء الشرق الأوسط بعد توقيع الاتفاق.
قال الخبيران إنه بدءًا من تمويل الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان، وانتهاء بتوظيف عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة في سوريا والعراق وتسليح الحوثيين في اليمن، يرى الإيرانيون أن استخدام المليشيات الشيعية بمثابة أداتهم الأنسب في نشر قوتهم في المنطقة وزعزعة استقرار الأنظمة العربية أو اكتساب نفوذ عليها.
وأوضح الخبيران أن الرئيس الإيراني ليس له سيطرة تذكر على الحرس الثوري وذراع عملياته في نشر سلطة إيران في المنطقة، ولا يستجيب الحرس الثوري إلا للمرشد، ففي 2 مايو/أيار الجاري أعلن قضاء إيران –الذي يقدم تقاريره أيضًا لخامنئي– أنه سيتم محاكمة سياسي بارز لمجرد انتقاده للحضور الثقيل للحرس الثوري في سوريا أثناء حشد انتخابي لروحاني، ومن ثم يرى الخبيران أنه يمكن أن نتوقع الكثير من مثل هذه الأمور.
للتذكير بحدود الديمقراطية في هذه الانتخابات يجدر الإشارة إلى أن فبراير/شباط الماضي كان الذكرى السادسة لوضع لمرشحي الرئاسة في عام 2009 مير حسين موسوي ومهدي كروبي قيد الإقامة الجبرية.
وهزت انتخابات 2009 إيران بالاحتجاجات الجماهيرية والاضطرابات المدنية، وفي الانتخابات الأخيرة كانت حملة المرشح آنذاك روحاني الانتخابية قائمة على وعود بالإفراج عنهما، ووصولًا إلى 2017 لم يحدث أي تحرك.
في الحملة الانتخابية الحالية حذر روحاني من زيادة "التطرف" في إيران، قائلًا "لن نجعلهم يعيدون مناخ الأمن والشرطة إلى البلاد"، ولكن قال الخبيران إن إجراءات الدولة العميقة داخل النظام – الخدمات الأمنية والقضائية – تتحدث بصوت أعلى من الكلمات.
في مارس/آذار الماضي، لتمهيد الطريق قبل الانتخابات الرئاسية، اعتقل مسئولون مديري 12 قناة تيليجرام إصلاحية بتهم غير محددة، وأشار الخبيران إلى أن الرئيس الإيراني لا يمتلك تقريبًا أي ملاذ سياسي في النظام السياسي متعدد الرؤوس.
ضرب الخبيران المثل بالرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي الخاضع لحظر إعلامي محلي، وأوضحا أنه خلال الأسابيع القليلة المقبلة سنشاهد حفلًا رسميًا لانتخابات بالاسم فقط، وهذه ممارسة عامة، وحيلة للمجتمع العالمي.
وقال الخبيران إنه بينما من الممكن أن تؤثر هذه الانتخابات على مسائل الخلافة مع وجود شائعة إصابة المرشد بالسرطان، إلا أن إيران سوف تستمر تحت حكم خامنئي.
اختتم الخبيران مقالهما بالقول إنه يقع عبء المسئولية على قادة العالم أن يمتلكوا فهمًا ذكيًا للطبيعة الحقيقية للنظام الإيراني ومعالجة تدخله الإقليمي المزمن ودعمه للإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان.