لقد استغلت إيران تسهيلات إدارة أوباما وزادت من التدخل في دول المنطقة في استخفاف واضح بسيادة جيرانها وتجاهل المصالح الأمريكية في المنطقة
عندما وصل الخميني عام 1979 لسدة الحكم في إيران بدأ الصراع بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني، بعد أن كشفت طهران عن ثورتها التوسعية في المنطقة، هذا الصراع الطويل لم يفتر طيلة الأربعين عاماً الماضية إلا في فترة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي منح طهران قبلة الحياة وقدم الحوافز للتسوية معها، من توقيع الاتفاق النووي الذي يراعي مصالحها على حساب دول المنطقة، إلى رفع العقوبات عنها وتسهيل تجارتها النفطية مع العالم.
إيران تدرك جيدا أن أمريكا سترد بشكل رادع على أي اعتداء إيراني عليها أو على حلفائها في المنطقة، وتعلم أيضا أنه لا الاتحاد الأوروبي ولا الصين ولا روسيا على استعداد لدعمها في مواجهة واشنطن، لذلك ليس هناك خيار أمام طهران، رغم هوسها النووي وأيديولوجيتها المتشددة، سوى الرضوخ للشروط الأمريكية
لقد استغلت إيران الخميني -التي يعتبر هدفها الاستراتيجي الأهم هو تصدير الثورة، وليس رعاية مصالح شعبها، وتحسين علاقاتها مع جيرانها، والعيش بسلام في المنطقة- تسهيلات إدارة أوباما والاتحاد الأوروبي، ومضت في تطوير صورايخها الباليستية، وزادت من سياسات التدخل والتأثير في دول المنطقة المحيطة بها كما كانت من قبل، في استخفاف واضح بسيادة جيرانها، وتجاهل المصالح الأمريكية في المنطقة.
وكان وصول ترامب للبيت الأبيض أشبه بالكابوس على النظام الإيراني، فهو من أشد المعارضين للاتفاق النووي إلى جانب المخضرم جون بولتون، والذي يشغل الآن منصب مستشار ترامب للأمن القومي، وبالفعل أعلن ترامب عن عزمه مواجهة إيران وتغيير سلوكها، وبدأ بقرار انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ثم أعلن عن استراتيجية الضغط القصوى بفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على طهران، والتي تمثلت بحظر النفط الإيراني في السوق العالمية وعقوبات أخرى على واردات إيرانية غير نفطية، هذه الإجراءات الاقتصادية من إدارة ترامب كانت موجعة للاقتصاد الإيراني؛ حيث أدت إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى ما فوق 40% وركود اقتصادي بعد انهيار مبيعات النفط الإيراني. وكانت دول اقتصادية كبرى مثل الصين وروسيا أعلنت أنها تقف مع طهران لمساعدتها للخروج من عزلتها، ولكنها تراجعت مؤخرا خشية مواجهة العقوبات الأمريكية الأشد ضرراً على مصالحها.
ردة الفعل الإيرانية جاءت على لسان قادتها بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز، وهو تهديد أخذته الإدارة الأمريكية على محمل الجد، فأرسلت حاملة الطائرات أبراهام لينكولن إلى مياه الخليج، وعززت من قدرات سلاح الجو الأمريكي بقاذفات بي-52.
إيران تدرك جيدا أن أمريكا سترد بشكل رادع على أي اعتداء إيراني عليها أو على حلفائها في المنطقة، وتعلم أيضا أنه لا الاتحاد الأوروبي ولا الصين ولا روسيا على استعداد لدعمها في مواجهة واشنطن، لذلك ليس هناك خيار أمام طهران -رغم هوسها النووي وأيديولوجيتها المتشددة- سوى الرضوخ للشروط الأمريكية الـ12، وتقديم التنازلات والقبول بالتفاوض على اتفاق نووي جديد يضمن السلام والاستقرار في المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة