تسمم سياسي.. ساحة جديدة لمواجهة إيران دوليا
تتوسع دائرة المواجهة بين إيران والعالم بدءاً من الملف النووي المثير للجدل، وصولاً إلى الاحتجاجات الشعبية التي واجهتها إيران بعنف.
وبدأت إيران في مواجهة الأحداث بخيار الأمن والقوة الحديدية حتى لو كانت تلك الأحداث تحمل مطالب مشروعة.
ودخلت الدول الغربية في ساحة مواجهة جديدة مع النظام الإيراني بعد تصاعد عمليات تسمم الطالبات في إيران في الأيام القليلة الماضية، حيث طالبت ألمانيا بإجراء تحقيق سريع بشأن هذه القضية.
فيما أعلنت الأمم المتحدة تأييدها للطلب الألماني، مشددة على ضرورة إجراء تحقيق شفاف ومستقل.
وعقب ردود الفعل الدولية على مسلسل تسميم الطالبات في بعض المدارس الإيرانية، أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن قلقها بهذا الصدد.
ووصفت وزيرة الخارجية الألمانية تقارير "الهجمات بالمواد السامة" على الفتيات في المدارس الإيرانية، بأنه "صادم"، مطالبة بالتحقيق في هذه القضية بشكل كامل.
وكتبت أنالينا بيربوك على "تويتر" يوم الجمعة، "يجب أن تتمكن الفتيات من الذهاب إلى المدرسة دون خوف.. ويجب التحقيق بدقة في جميع الحالات".
وسبق أن أعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي عن "قلقه العميق" من هذه القضية.
ووصفت "اليونيسيف" في بيان لها الإجراءات المتعلقة بالتسمم المتسلسل في مدارس الفتيات بأنها "مدمرة"، وأكدت أن هذه الإجراءات سيكون لها تأثير سلبي على الحق في التعليم، وخاصة حق المرأة في التعليم.
الأمم المتحدة
من جانبها، دعمت الأمم المتحدة، وزيرة الخارجية الألمانية التي دعت إلى إجراء تحقيق كامل وشفاف في تسميم الطالبات في إيران.
وصرحت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامداساني للصحفيين في جنيف: "نحن قلقون للغاية بشأن المزاعم بأن هؤلاء الفتيات يتم استهدافهن عمدا وفي ظروف غامضة"، داعية إلى تحقيق شفاف في هذه القضية، ويجب إعلان النتائج على الملأ وتقديم الجناة إلى العدالة.
وتستمر حالات التسمم في المدارس الإيرانية. حيث يتحدث المواطنون عن "جرائم القتل المتسلسلة" و "القنابل الكيماوية".
وحتى الآن، لم تقدم الحكومة إجابة واضحة ومقنعة حول دوافع وعوامل تسميم طالبات المدارس.
وشاركت الطالبات في مدن مختلفة من إيران بدور نشط في الانتفاضة الشعبية منذ منتصف سبتمبر/أيلول 2022 لأول مرة. وبدأت حالات التسمم بعد انضمام الطالبات إلى المتظاهرين.
ودعت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أدريان واتسون، إلى "تحقيقات موثوقة ومستقلة في هذه القضية ومحاسبة المسؤولين".
إيران تعلق
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تجمع لمؤيديه في محافظة بوشهر جنوب إيران، اليوم، إن "العدو يسعى لإحباط الناس بالخداع والبدء في قضية تسميم الطلاب".
وأضاف رئيسي أنه أصدر "أمرًا خاصًا" لوزارة الداخلية والاستخبارات للتعرف على عملاء هذه التسممات والتعامل معهم.
وفي أول رد فعل علني على قضية التسمم المتسلسل للطالبات في مختلف مدن إيران، قال إبراهيم رئيسي إنها "خدعة من العدو لتخييب أمل الناس".
وردت الحكومة الإيرانية على قلق المجتمع الدولي أيضا، حيث اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني، "رد الفعل المتسرع والغريب والدرامي لسلطات بعض الدول" بشأن التسمم في المدارس الإيرانية، استمرارًا لـ"مواقفها السياسية التدخلية".
وقال كنعاني "متابعة القضية ومعرفة جذورها في أسرع وقت ممكن والإعلان الموثق والمستمر للنتائج من أجل التخفيف من مخاوف العائلات ومحاسبة مرتكبي هذه الحادثة، هي إحدى الأولويات المباشرة للحكومة الإيرانية، وتقوم الأجهزة المسؤولة بالتحقيق وتكميل التحقيقات بجدية ودقة".
وأضاف كنعاني أن "الحكومة الإيرانية لن تتردد أو تتأخر في متابعة أسباب هذه الحادثة المشبوهة، وفي الوقت نفسه، نقيم رد الفعل المتسرع والغريب والاستعراضي لمسؤولي بعض الدول في هذا الصدد على أنه استمرار لمواقفهم السياسية التدخلية الهادفة إلى تحقيق مآرب سياسية".
"قمع"
بدوره، قال مولوي عبدالحميد، إمام أهل السنة بمدينة زاهدان، في خطبة صلاة الجمعة، "إن عمليات التسمم هذه هي شكل من أشكال قمع الاحتجاجات والانتقام من احتجاجات الطالبات".
وفي الأسابيع الماضية، تم تسميم طالبات من عشرات المدارس الخاصة بهن، بما في ذلك مدن قم وبروجرد وأردبيل وطهران وكرمانشاه وأصفهان وشاهنشهر وبرديس.
وفي سياق آخر، أفادت وكالة أنباء تسنيم المقربة من الحرس الثوري الإيراني، اليوم الجمعة، باكتشاف ناقلة وقود مشبوهة في الحرم الجامعي بمدينة برديس التابعة للعاصمة طهران.
وبحسب رضا كريمي، النائب السياسي والأمني لحاكم برديس، فإن "ناقلة الوقود هذه سافرت في محافظتي قم وبروجرد في الأيام الماضية".
وأضاف: "تم نقل الناقلة إلى ساحة انتظار السيارات وتسمم حراس الموقف أيضًا"، مؤكداً أن الرائحة الكريهة المنبعثة من المدرسة تشبه إلى حد بعيد رائحة الوقود داخل الصهريج، وتم ضبط سيارة الصهريج على الفور، كما تم اعتقال السائق.
من يقف وراء الأمر؟
وقال محمد علي محسني بندابي، عضو لجنة الصحة والعلاج بالبرلمان الإيراني، إن حالات التسمم كانت في البداية فقط في قم وبروجرد، لكنها وصلت الآن إلى ثماني مدن وأثارت قلق العائلات.
وقال بندابي: "هناك احتمال أن تكون الجماعات التي تخاف أو تعارض دخول المرأة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية هي التي تقف وراء هذه القضية"، دون ذكر تفاصيل أخرى.
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuNzcg جزيرة ام اند امز