تدخلات مليشيات إيران تشعل الصراعات الداخلية في الموصل العراقية
انتخاب منصور المرعيد عضو حركة العطاء التي يتزعمها رئيس هيئة مليشيا الحشد الشعبي التابعة لإيران محافظا جديدا للموصل يثير الجدل في العراق
أثار انتخاب محافظ للموصل العراقية (شمال) مقربا من مليشيا الحشد الشعبي التابعة لإيران انتقادات كبيرة ليزيد من الصراعات الداخلية في البلاد.
وكشف سياسي عراقي بارز أن عملية تنصيب شخصية تابعة لمليشيات الحشد الشعبي محافظاً على الموصل (شمال)، جاءت بأوامر مباشرة من الإرهابي قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني، ضمن مشروعه للسيطرة على الموصل بالكامل.
وانتخب مجلس محافظة نينوى (شمالأ)، في ١٣مايو/أيار الجاري، منصور المرعيد، العضو في حركة العطاء التي يتزعمها فالح الفياض، رئيس هيئة مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران، محافظاً جديداً للموصل خلفاً لسابقه المقال، نوفل العاكوب، الذي صوّت مجلس النواب العراقي على إقالته ونائبيه في ٢٤ مارس/آذار الماضي، على خلفية فساد مالي وإداري، وإحالتهم إلى القضاء.
ولم يؤدِ انتخاب المرعيد محافظاً للموصل إلى إنهاء الأزمة بل عمقها، فإلى جانب المطالبات الشعبية الرافضة لتوليه المنصب، قدم 13 عضواً من أعضاء مجلس المحافظة طلباً إلى رئاسة مجلس النواب العراقية بحل مجلس المحافظة، وإدراج الطلب في برنامج الجلسة المقبلة لمجلس النواب للتصويت عليه.
وكشف سياسي عراقي بارز لـ"العين الإخبارية"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، عن تفاصيل تنصيب محافظ الموصل الجديد من قبل المليشيات الإيرانية.
وقال إنه تم "بأوامر مباشرة من قاسم سليماني الذي اجتمع مع هادي العامري زعيم تحالف الفتح (الجناح السياسي لمليشيات الحشد الشعبي) رئيس مليشيا بدر والإرهابي أبومهدي المهندس، الأمين العام لكتائب حزب الله العراق نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، مع عدد من أعضاء مجلس محافظة نينوى في بغداد، نهاية مارس الماضي، وأبلغوهم بأن منصور المرعيد هو محافظ الموصل القادم".
وأشار إلى أن وجود المرعيد على رأس الحكومة المحلية في الموصل سيضمن لإيران بقاء مليشياتها في المدينة والتمتع بدور أكبر.
وبدأت مليشيات الحشد الشعبي بالتوغل في الموصل منذ انطلاق عمليات تحريرها من إرهابيي داعش في أكتوبر/تشرين أول 2016، وبعد انتهاء المعارك وإعلان تحرير المدينة في 10 يوليو/تموز عام 2017 توسع انتشار المليشيات في أرجاء المحافظة كافة.
وهيمنت على غالبية مفاصلها وملفاتها خصوصاً الملفات الأمنية والاقتصادية، وفتحت أكثر من 60 مكتباً اقتصادياً مهمتها فرض الإتاوات على التجار وأصحاب المحلات التجارية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في الموصل وجبي الأموال وفرض الضرائب على المواطنين والاستيلاء على الأراضي والعقارات وتهريب النفط والآثار، وتنفيذ عمليات اغتيال في صفوف الأهالي وشن اعتقالات عشوائية.
وبحسب معلومات مجلس المحافظة، نفذت المليشيات هذه العمليات بمساعدة المحافظ السابق نوفل العاكوب الذي كان يرتبط هو الآخر بهذه المليشيات، واتضح دوره عقب حادث غرق العبارة في نهر دجلة في 21 مارس/آذار الماضي، التي أسفرت عن غرق أكثر من مئتي راكب من الركاب الذين كانوا على متنها بينما أنقذت السلطات العراقية نحو 60 منهم فقط.
وقال محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي إن "الصفقة التي أتت بالمحافظ المقال نوفل العاكوب هي نفسها التي نصبت منصور المرعيد محافظاً جديداً للموصل".
وأضاف النجيفي لـ"العين الإخبارية" أنه "منذ تنصيب العاكوب والمليشيات تسعى للسيطرة على الموصل، ولهذا السبب تتعامل بهذا الشكل مع نينوى، وقد ظهر هذا من طريقة تحريرها أيضاً، فقد كانت كما أرادتها المليشيات، ولم يعترض العاكوب عليها، لكن بعد حادثة العبارة ورفض الجماهير للعاكوب وكشفها ملفات الفساد كان لا بد من إيجاد البديل.
وتابع: "جاءوا بالمرعيد خلفاً له لأنه هو الآخر لن يخرج عن هذا السياق"، لافتاً إلى أن المليشيات تريد الهيمنة على نينوى لفتح الخط الاستراتيجي الممتد من إيران إلى سوريا عبر نينوى.
ولم يستبعد النجيفي أن تتجه الأمور باتجاه حل مجلس المحافظة الحالي، لكنه شدد على أن القوى التي تسعى إلى تعزيز النفوذ الإيراني في العراق، ستدعم المحافظ الجديد، في الوقت الذي ترفض فيه القوى المناهضة للنفوذ الإيراني المحافظ والمجلس أيضاً.
وأضاف: "لا يمكننا القول عمن ستكون له الكلمة الأعلى في بغداد، لأن مجلس النواب أيضاً منقسم، لكن هذا الصراع سينعكس سلباً على أهالي نينوى".
وعقب تنصيب منصور المرعيد محافظاً للموصل، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الرئاسات الثلاث إلى "إيقاف المهزلة وحل مجلس المحافظة".
وقال الصدر، في تغريدة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إنه يهيب بالرئاسات الثلاث، لا سيما رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، العمل الجاد والفوري من أجل رفع معاناة أهالي الموصل الكرام مما يقع عليهم من ظلم وحيف مما يسمى (مجلس المحافظة) وما يجري فيه خلف الكواليس من صراعات سياسية، من أجل المناصب والكراسي.
وأضاف أن أهل الموصل بحاجة إلى الخدمات والكلمة الطيبة لا إلى أحزاب سياسية أو مليشيات تجر النار إلى قرصها.
في غضون ذلك حذر المحلل السياسي، علي الأغوان، من تصاعد وتيرة الصراع السياسي في الموصل، خلال الفترة المقبلة.
وقال الأغوان لـ"العين الإخبارية" إن الصراع السياسي الحالي سيدخل المحافظة في مرحلة التسقيط والمواجهة السياسية بين مجموعة من الأطراف التي كانت تسعى للوصول إلى منصب المحافظ.
وأشار إلى أن قرب المحافظ الجديد من الحشد الشعبي سيمكن فصائل الحشد من اللعب على مساحات أوسع في محافظة نينوى مستقبلاً.
وبحسب مختصين بالشأن في الموصل، تسعى المليشيات الإيرانية في الموصل بعد استيلائها على منصب المحافظ إلى السيطرة على منصب قائد عمليات نينوى، فيما إذا نجحت في إبعاد اللواء نجم الجبوري الذي يتمتع بعلاقات قوية مع القوات الأمريكية، خصوصاً أن الجبوري في خلاف منذ أشهر مع عدد من قادة المليشيات، بسبب تدخلاتها في الملف الأمني وانتهاكاتها القوانين في الموصل.
aXA6IDMuMTYuODIuMjA4IA== جزيرة ام اند امز