الخارجية الإيرانية أعلنت إغلاق معبر شلمجة الحدودي ودعوة الإيرانيين للعودة إلى إيران واستدعاء السفير العراقي بطهران.
النظام الإيراني يستنفر هذه الأيام ضد العراق بشكل واسع وملحوظ، ويظهر ذلك في الإعلام والبرلمان والمظاهرات وغيرها، وقد أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية إغلاق معبر شلمجة الحدودي ودعوة الإيرانيين للعودة إلى إيران، واستدعاء السفير العراقي بطهران، وتحميل المسؤولية كاملة على الجانب العراقي في حرق القنصلية الإيرانية بالبصرة واشتداد الأزمة بين البلدين.
مظاهرات البصرة قلبت المعادلة وانقلب السحر على الساحر، لأنها أدركت أن إيران هي محور الفساد وأساس الظلم ومنبع الإجرام وخطره، ووجّهت رسالة واضحة للجميع بأن شيعة العراق العرب لا يسمحون لإيران أن تعبث بالعراق بعد الآن، ولا أن تتكلم باسم الشيعة
كما يستدعي النظام الإيراني هذه الأيام الحرب العدوانية على العراق والتي استمرت ثماني سنوات ظالمة، بينما كان العراق يعلو في سماء التعليم والخدمات والازدهار قبل الحرب الإيرانية العدوانية عليه، وهي تذكر الإيرانيين بقتل العراقيين لأكثر من مليون قتيل، فضلا عن المعوقين والمرضى النفسيين في مستشفيات الأعصاب الإيرانية، متناسين جرائمهم ضد الشعب العراقي وأكثر من مليون شهيد.
وكان لانتفاضة شعب البصرة الجبارة بعد شهرين من المظاهرات السلمية المطالبة بأبسط حقوقهم المشروعة من الماء والكهرباء والصحة والتعليم، قد تحولت إلى ضرب الوجود الإيراني من القنصلية إلى المليشيات والأحزاب التابعة لها، والمتظاهرون والمتظاهرات يرددون شعار "إيران برة برة، البصرة تبقى حرة"، حتى هرب زعماء المليشيات من البصرة كالفئران بزي النساء كما اشتهر بين أهالي البصرة ومواقع التواصل الاجتماعي.
وقد كان لجلسة البرلمان العراقي حول البصرة جدالا حادا بين رئيس الوزراء ومحافظ البصرة وبعض النواب؛ حيث الفساد المستشري والمسؤولين الفاسدين لدرجة رشوة المسؤولين الكبار، وأن كلام المسؤولين ورئيس الوزراء مكرر مستهلك كأن لا شيء بالبصرة وهي تسويفات واهية بلا تطبيق، بل تكرار للأوراق القديمة نفسها مما جعل الجلسة فاشلة بامتياز.
النظام الإيراني بدأ يستنكر بشدة إحراق قنصليته بالبصرة التي كانت مركزا لكل الجرائم والظلم ضد العراق، ولكن تناست إيران أنه ينبغي عليها ألا تعترض على حرق قنصليتها فلها تاريخ طويل في حرق السفارات والقنصليات وآخرها ما قامت به في طهران ضد سفارة المملكة العربية السعودية وقنصليتها.
لقد بدأ النظام الإيراني بالتهديد والوعيد للعراق حتى أنها قصفت شمال العراق والحزب الكردستاني المعارض وأدى إلى مقتل أكثر من 22 كرديا هناك واعترف النظام بذلك كإنذار للجميع في استعماله مختلف الوسائل والتهديدات الإيرانية المعهودة دوما.
هذا النظام يستدعي هذه الأيام وعبر المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم الرئيس الإيراني حسن روحاني ذكريات الحرب الدامية بين إيران والعراق، في إطار مواجهة أزماته الداخلية الكثيرة لا سيما الاقتصادية، فضلا عن الضغوط الأمريكية والعقوبات الكبيرة عليه من وزارة الخزانة الأمريكية المهددة للنظام برمته، فقد قال روحاني في خطاب بثه التلفزيون الحكومي: "مررنا بأيام صعبة خلال الدفاع المقدس"، الاسم الرسمي الذي تستخدمه إيران لوصف حربها مع العراق التي استمرت بين 1980 و1988 وما خلفته من جرائم ومآسي
لا شك في الأثر البالغ للحرب الإيرانية-العراقية على الإيرانيين الذين لم يستطيعوا بعد ثماني سنوات دامية إلا الاستسلام والرضوخ لقرارات الأمم المتحدة، حتى عبّر الخميني عن تجرعه السم لذلك القرار الذي أدى فعلا إلى موته بعد أقل من عام فقط.
كما بدأ النظام الإيراني بالتحريض العنصري ضد العرب والعراقيين وتصويرهم كوحوش غير متحضرين أيام حرب السنوات الثماني، بينما الإيراني يصورونه كرؤوف رحيم متحضر في الإعلام الرسمي والصحافة والأفلام والمحاضرات والندوات، وعمل النظام هذه الأيام على استذكار أشعارهم وآدابهم في ذم العرب عامة والعراقيين خاصة.
كما دعا النظام الإيرانيين إلى الحذر الشديد من انتقام العراقيين، حتى إن أتباع طهران أخرجوا مظاهرات لمرتزقة يرفعون شعارات "العراقيين برة برة" وشعارات عنصرية ضد العرب والعراقيين.
النظام الإيراني يعتبر العراق مركزا رئيسيا ويستثمر العراق في مشروعه ومنها سياسة التجويع والترهيب المعروفة، وخلق مشاكل لشعب العراق في المياه والكهرباء فقد قطعت إيران 41 نهراً عن العراق، وقطعت نهري الكارون والكرخة عن شط العرب فزادت ملوحته، ورمت مياه البزل والجداول المالحة والقاذورات على البصرة وامتنعت عن تزويد الكهرباء للعراق.. وملأت وسط وجنوب العراق ومنه البصرة بالمخدرات القادمة من الحدود الإيرانية، وقد جعلت إيران من العراق منطلق صراعها مع الولايات المتحدة، وسعت لإشغال الولايات المتحدة بمشاكل العراق واستغراقها في المستنقع العراقي، كذلك سعت طهران إلى إعاقة تصدير النفط العراقي وارتفاع أسعاره مما يضغط على السوق الأمريكية والعالمية أملا في فتح المجال لتصدير النفط الإيراني كما قال روحاني عن غلقه مضيق هرمز: "إما يفتح للجميع أو يغلق للجميع"، فضلا عن إعاقتها تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان بعد الانتخابات التي لم تأت لصالحها، وإرسال رسالة للعراقيين والأمريكيين وغيرهم بدور إيران في العراق مما اتضح أيضا من تهديدات الحشد مثل هادي العامري رئيس مليشيات بدر التابعة لإيران بأنه "سيسقط أي حكومة خلال شهرين فقط" كتهديد سيده نوري المالكي أيام الانتخابات بـ"إشعال حرب أهلية إذا لم تفز كتلته بالرقم الأكبر انتخابيا".
لكن مظاهرات البصرة قلبت المعادلة وانقلب السحر على الساحر، لأنها أدركت أن إيران هي محور الفساد وأساس الظلم ومنبع الإجرام وخطره، ووجّهت رسالة واضحة للجميع بأن شيعة العراق العرب لا يسمحون لإيران أن تعبث بالعراق بعد الآن، ولا أن تتكلم باسم الشيعة، لأن النظام الإيراني قد اختطف التشيع وتاجر ظلما وعدوانا بالشيعة والتشيع وكلاهما بريئان من إيران وجرائمها، فالشيعة العرب يحبون السنة العرب وقد تزاوجوا وتعايشوا معا منذ مئات السنين لولا دخول النظام الإيراني وطائفيته ومليشياته منذ 2003، وها هم اليوم من البصرة الغراء وبغداد الصامدة يلقنون النظام الإيراني درساً لن ينسوه أبداً، كما يؤمل أن يكون بداية لنهاية الهيمنة الإيرانية على العراق.
وهنا يأتي دور العرب لمساعدة شعب العراق عامة والشيعة العرب خاصة في الخروج من الهيمنة الإيرانية المستحكمة التي سيطرت عليه في جميع مرافقه منذ تسليم أمريكا لإيران العراق على طبق من ذهب لتعيث فيه فسادا وظلما وطغيانا وكانت النتيجة تحويله إلى أسوا نموذج عالمي حسب الواقع والتقارير العالمية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة