انطلقت الأزمات العربية في العام 2010م، وللمرة الثانية بعد خمسة عقود من موجات ثورات وانقلابات عسكرية سادت الكثير من دول العالم العربي
انطلقت الأزمات العربية في العام 2010م، وللمرة الثانية بعد خمسة عقود من موجات ثورات وانقلابات عسكرية سادت الكثير من دول العالم العربي، ولكن هذه المرة أي بعد العام 2010م، تغيرت الكثير من المعادلات السياسية، وأنتجت الكثير من الحسابات المتداخلة لطبيعة التفاعل بين مكونات منطقة الشرق الأوسط، وهي مكونات شديدة التعقيد وشديدة الحساسية وشديدة الاشتعال، فيما لو أضرمت فيها النيران، هذا المثلث العربي والإسرائيلي والإيراني يمكنه إحراق المنطقة وفي الوقت ذاته يمكنه تغيير معادلة التنمية في منطقة الشرق الأوسط.
تاريخ الصراع بين أركان هذا المثلث ليست بالحديثة، فكلها غائرة في عمق التاريخ، ومن يفكر أن الحلول سوف تكون وفق معطيات تاريخية فتلك لن تتحقق قبل نهاية العالم وقيام الساعة؛ لأن قوة التاريخ تكمن في أنه يتحول إلى جبال صلبة في عقول الشعوب
المشكلة الحسابية في هذا المثلث هي أن أحد أضلاعه يتكون من متغيرات عديدة ألا وهو الضلع العربي الذي يتكون من دول متعددة، بينما متغيرات المثلث الأخرى هي دول بكيانات محددة -دولة إسرائيل، ودولة إيران- وهنا تكمن المشكلة!!، فالمكون العربي ليس كله في الاتجاه ذاته، حيث دول كثيرة لها ذات المشاركة في القضايا المشتركة بين العرب وإسرائيل وإيران، فمثلا نجد من يثير الفتنة في وسط هذا المثلث في محاولة خلط الأوراق واللعب على العواطف العربية، فهناك قناة فضائية تبث من دولة خليجية وتقيم تلك الدولة علاقات مباشرة مع إسرائيل وإيران، ولكن هذه القناة اختارت أن تذهب بالقضية إلى خلط الأوراق وتكريس المشكلات.
المثلث العربي الإيراني الإسرائيلي هو حقيقة حتمية وراسخة في المنطقة، ولن نصحو غدا صباحا لنجد أن إيران مسحت من الخارطة، كما لن نصحو صباح اليوم التالي لنجد أن إسرائيل أزيلت من الوجود، ولن نصحو صباحا لنجد العام العربي وقد اختفى من الخريطة الدولية، كل هذه المعطيات لن تحدث من أجل إيجاد حل للأزمة الحالية.
فهل أصبح خيار التعايش ممكناً؟ وهل هناك خيارات للتنازل يمكن فرضها في مساحات هذا المثلث؟ وهل يمكن إيجاد سيناريوهات سياسية قادرة على تفكيك تعقيدات هذه الأزمة؟ كلها أسئلة صعبة ولكنها قابلة لأن تكون حلما للشعوب التي أنهكت تنمويا وحضاريا، حيث يضرم الإعلام المعادي والجاهل والسلبي النيران في طموحاتها ويشعل المشاعر السلبية في تاريخها؛ لكي تظل هذه الشعوب في موقف متحجر ومتأخر عن أي خطوة يمكنها أن تسهم في حياة مستقرة لمنطقة يهتم العالم كله بأمرها.
تاريخ الصراع بين أركان هذا المثلث ليست بالحديثة فكلها غائرة في عمق التاريخ، ومن يفكر أن الحلول سوف تكون وفق معطيات تاريخية فتلك لن تتحقق قبل نهاية العالم وقيام الساعة؛ لأن قوة التاريخ تكمن في أنه يتحول إلى جبال صلبة في عقول الشعوب إذا ما تركت تلك الشعوب لتجتره في معدة من المؤامرات، ولن يستطيع العرب كبح جماح إسرائيل إلا عبر اتفاقات محكمة لا تديرها الأمم المتحدة بل تكون خيارات واضحة في اتفاق محكم قابل للنقض في حال خرق أي شرط من شروط التوافق والشراكة بين أضلاع المثلث: العرب- إيران- إسرائيل، وأخيرا أطلب ممن يقرأ هذا المقال أن يضع تصورا في مخيلته لهذا المثلث ويحرك العلاقات الثنائية في المثلث، وسوف يكتشف أن أي علاقات ثناية بين طرفي هذا المثلث يمكنها أن تخلق كارثة في المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة