عقدان من الزمن شهدا الكثير من التهديدات المتبادلة بين الطرفين، الإسرائيلي والإيراني.
كلما اقتربت طبول الحرب من القرع، يتراجع صداها، لتبقى الحروب ناعمة، غير مباشرة، يديرها النشطاء السياسيون ووكالات محدودة تسعى لتكثيف الخراب في المنطقة وجعلها غير مستقرة.
الأذرع الطويلة لإيران عبر المليشيات المدعومة منها، ظهرت خطورتها على إسرائيل في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. في ذلك الوقت، أصبحت إسرائيل مهددة بشكل مباشر، لتبدأ بسياسة الأرض المحروقة واقتلاع الجذور التي امتدت عليها من أكثر من جانب، فأصبحوا عليها مثل الأخطبوط: حماس، وحزب الله، وسوريا، والعراق، واليمن. كل تلك الدول أصبحت مصدر تهديد للكيان الإسرائيلي، فبدأت بفرض الحرب للقضاء عليهم.
القدرات العسكرية بين الطرفين ليست متكافئة أبدًا، ولكن هذه الحرب ربما ستكون طويلة، وستعيد موازين الثقل السياسي في المنطقة.
بالتأكيد، إسرائيل تريد إنهاء الحرب، وستحاول إضعاف قدرات إيران، خاصة أنها سيطرت على الأجواء الإيرانية. لكنها تفاجأت من ردة فعل الصواريخ الإيرانية التي تضرب قلب تل أبيب لأول مرة منذ عام 1991، عندما ضرب صدام حسين تل أبيب بـ21 صاروخًا.
دائمًا ما تنتهج إسرائيل سياسة الردع العسكري. القتال المحتدم بين إسرائيل وإيران بالغ الخطورة، ولا توجد حروب بلا أثر؛ فالحرب تُخلّف خرابًا يطول المنطقة أيضًا ويهدد استقرارها.
الحرب تجاوزت الخطوط الحمراء، وستتوسع دائرة القتال في حال لم يتوصل الطرفان إلى حل، وهذا لن يحدث حسب المشهد الحالي. إيران فقدت الكثير من قياداتها، وربما ستخسر أكثر، ولو وُجدت البدائل. وكل من الطرفين يهدد بحرق عواصم البلدين.
إن وصول الصواريخ إلى كبرى المدن مثل حيفا وتل أبيب، وصور الدمار المنتشر، وعدم تصدي القبة الحديدية الإسرائيلية للصواريخ الإيرانية، جعل إسرائيل في حالة ربكة وإعادة تموضع عسكري، ومحاولة للسيطرة على هذه الصواريخ الإيرانية.
الموقف الأمريكي من كل هذه الحرب لم يكن واضحًا، خاصة مع تصريحات الرئيس الأمريكي بنيته وقف هذه الحرب. فدائمًا ما كانت أمريكا بجانب إسرائيل في حروبها، إلا في هذه الحرب. لكن هناك تهديدًا مباشرًا في حال المساس بقواعدها، ولن ترحم إيران إن حدث ذلك.
الحرب لم تنتهِ بعد، لكن حجم الدمار داخل إسرائيل لم يكن متوقعًا أو حتى يُتصوَّر أن يصل إلى هذه الدرجة من الهشاشة. فهل كنا في خدعة تتعلق بقوة هذه الدولة المهيمنة فكريًا بأنها لا تُقهر؟
هذا الدمار سلب منها نشوة الانتصار، وصرخات البشر تعلو مع صوت الصواريخ التي تسقط على المدن الإسرائيلية.
لن تقف هذه الحرب حتى تتحرك الدبلوماسية التي تحمل الحكمة لإيقافها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة