إن نجاح التوافق العربي ضد إيران يحتاج إلى إجماع عربي كامل مرتبط بتحويل البيانات إلى سياسات ميدانية
لا شك في أن إيران عدو العرب والخطر المحدق بهم، فهي منذ قيام ثورة الخميني في عام 1979 وهي تُشكل تحديا استراتيجيا كبيرا لأمن العرب في المنطقة.
لقد كانت إيران وعلى مدى سنوات طويلة تذر الرماد في العيون عبر أذنابها كحزب الله وغيره، عبر شعارات “المقاومة” و“الموت لإسرائيل”، بينما تعمل في الكواليس لتكوين شبكة علاقات كبيرة في مختلف أنحاء العالم من الشرق الأوسط مرورا بأفريقيا إلى أميركا اللاتينية، لتنفيذ أجندة إيرانية تهدف إلى تطويق المنطقة العربية، من خلال حصار شبه الجزيرة العربية من اليمن إلى السعودية من جهة، وفتح طريق نحو البحر المتوسط عبر لبنان والعراق وسوريا من جهة أخرى.
إذا كان هناك من نتائج إيجابية حققتها ثورات الربيع العربي، فهي أنها كشفت ما كان يختبئ خلف شعارات المقاومة وكشفت عن كل تفاصيل المشروع الإيراني، والذي لئن بدا في ظاهره طائفيا إلا أنه يحمل أبعادا سياسية توسعية استوجبت قلب المعادلات الدفاعية في المنطقة، والتخلي عند الضرورة عن سياسة الحوار وحسن الجوار التي كانت إيران تفسرها على أنها ضعف عربي.
لم يحدث إجماع عربي ضد إيران ذلك الخصم غير العربي كما يحدث الآن ، لأن العرب من قبل اتفقوا جميعا على تناقضهم مع إيران، لا بل استخدموا العلاقة معها لتصفية حسابات فيما بينهم، واستغلت إيران تلك الحسابات لتعزز وجودها داخل العالم العربي.
إذا كان هناك من نتائج إيجابية حققتها ثورات الربيع العربي، فهي أنها كشفت ما كان يختبئ خلف شعارات المقاومة وكشفت عن كل تفاصيل المشروع الإيراني، والذي لئن بدا في ظاهره طائفيا إلا أنه يحمل أبعادا سياسية توسعية استوجبت قلب المعادلات الدفاعية في المنطقة.
لقد تطلب الأمر وقتا كثيرا واختراقا إيرانيا كبيرا، حتى يجمع العرب على الخطر الإيراني، لذا كانت قمة وزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية والتي خرجت ببيان يكاد يكون موحدا في سياسة التعامل مع إيران، ويكشف عن اكتساب النظام العربي لمناعة كافية لرد ما تطمح إليه طهران، حيث كلّف مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الأخير المجموعة العربية في نيويورك بمخاطبة رئيس مجلس الأمن لتوضيح ما قامت به إيران من انتهاكات لقرارات مجلس الأمن .
إن اجتماع وزراء الخارجية العرب وبيانهم ضد تدخلات إيران وحزب الله، يعكس مساعي عربية حثيثة ومتفقة على الدفاع عن أمن المنطقة القومي المستمد من أمن بلدانها، أما تصدر السعودية المشهد، فمردّه أولا إلى الخطر الذي تواجهه بارتباطها الجغرافي باليمن، ثم مكانتها في مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى رمزيتها تاريخيا ودينيا وسياسيا ومكانتها إقليميا ودوليا.
إن نجاح التوافق العربي ضد إيران يحتاج إلى إجماع عربي كامل ومرتبط بتحويل البيانات إلى سياسات ميدانية، ثم هناك تساؤل يطرح نفسه وهو: هل التصعيد عبر البيانات كاف لإرغام إيران على التهدئة أو الوصول إلى توافقات في أزمات المنطقة؟، وهل مشاكل المنطقة تُحَل بالبيانات؟، أم أن الحل يكمن عبر التصعيد الشامل ضد إيران، وضرورة العمل مع الحلفاء لمواجهة أنشطة حزب الله وإيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة؟.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة