إيران في الشرق الأوسط.. معول خراب يزعزع الاستقرار ويهدم الأمن
تقرير يرصد أنشطة إيران التخريبية في المنطقة وسط الاتجاه إلى موقف أوروبي موحد لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي.
عام 2005، وضع النظام الإيراني وثيقة قومية وطنية تعتبر الأهم بعد الدستور، وتعرف باسم "الاستراتيجية الإيرانية العشرينية، إيران: 2025"، قدمت تصورا عن الدور المستقبلي لطهران خلال 20 عامًا.
الوثيقة تضع هدفا محوريا وهو أن تُصبح إيران قوة مركزية فاعلة ومهيمنة بالمنطقة العربية، وتحديدا في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وسيناء.
معول هدم
خارطة تفسر معالم الدور التخريبي الذي تلعبه إيران اليوم في الشرق الأوسط، وسياستها التوسعية المنضوية تحت مسمى مشروع الحكومة العالمية للإسلام من عباءة المذهبية الشيعية.
مشروع استند إلى نقاط الارتكاز المحورية بالمنطقة، ولأهم قضاياها وأقلياتها. ففي العراق، لعبت طهران على وتر الغالبية الشيعية وإقرار الولايات المتحدة بدورها هناك.
كما استخدمت ورقة القضية الفلسطينية في إثارة القلاقل بالمنطقة، والتلويح بها كلما أرادت توظيفها في مشروع ما، تماما كما استثمرت الاتفاق النووي قبل أن تفاجأ بصفعة الانسحاب الأمريكي منه.
أما في الخليج، فقد أرادت العزف على وتر الأقليات الشيعية، ومحاولة استخدامها فى البحرين والكويت للزج بهما فى صراعات داخلية، بالتزامن مع تصدير الإرهاب إلى كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن، عبر حروب تقودها بالوكالة سعيا نحو إحكام قبضتها على أجزاء من المنطقة.
"حزب الله".. مليشيات إرهابية تدار من إيران
"حزب الله"، أوجدته طهران لتنفيذ أجندتها بزعزعة استقرار الدول العربية، وعبر هذه المليشيات، تحكم قبضتها على لبنان، ومنه تمد لهيب تخريبها ليطال المنطقة بأسرها.
فمنذ تأسيسه عام 1982، واختراقه المعترك السياسي 3 أعوام بعد ذلك، انتقلت هذه المليشيا إلى تنفيذ الأجندة التي وجد من أجلها. ففي 1985 تعرض أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، لمحاولة اغتيال بتفجير سيارة مفخخة.
وتمكنت السلطات الكويتية من القبض على 17 متهما، بينهم لبناني عضو في "حزب الله".
وقد حاول"حزب الله" إطلاق سراحهم من السجن عبر اختطاف طائرة كويتية من قبل عماد مغنية مقابل تحرير رهائن الطائرة.
ومن الكويت إلى السعودية، حيث استيقظت المملكة في 13 نوفمبر/ تشرين ثان 1995، على وقع تفجير ارهابي هز مدينة الخبر شرقي البلاد، وأسفر عن مقتل 19 جنديا أمريكيا وإصابة نحو 500 شخص.
وأظهرت التحقيقات حينها، أن المهاجمين قاموا بتهريب المتفجرات إلى السعودية من لبنان.
بدورها، لم تسلم المنامة عاصمة البحرين هي الأخرى من إرهاب إيران، حيث ضبط أمن البلاد، في فبراير/ شباط 2011، شحنة من الذخائر والمتفجرات والأسلحة قبالة السواحل البحرينية.
جرى ذلك في وقت كانت البحرين تشهد فيه اضطرابات أمنية خطيرة، كما ضبطت المنامة خلية إرهابية كشفت التحقيقات ارتباطها بمليشيات الحرس الثوري الإيراني.
وفي أغسطس/ آب 2015، كشفت السلطات الكويتية عن "خلية العبدلي"، وذلك عقب ضبط مخزن للأسلحة والمتفجرات في مزرعة بمنطقة «العبدلي» الحدودية.
واستنادا للتحقيقات، تم التوصل إلى أسلحة ومعدات وأجهزة اتصال في 3 مواقع أخرى، وقدرت وزارة الداخلية، في بيان صدر في حينه، كمية الأسلحة بنحو 20 طنا.
أخطبوط إيراني باليمن والهدف السعودية
في اليمن، تقود إيران حربا بالوكالة عبر مليشيا الحوثي، وقد يكون هذا الاحتلال غير المباشر هو ما نبه بشكل لافت إلی التهديد الکبير المحدق بجميع بلدان الشرق الأوسط بدون استثناء، ما جعل هذه الدول تتحالف عسكريا لمواجهة المد الإيراني المستقوي ببعض الجيوب المتهاونة والخائنة بالمنطقة.
تحالف شكل نقطة انطلاق مرحلة جديدة و نوعية في مواجهة المشروع الإيراني المبيت ضد دول المنطقة، والذي کان وصوله إلى اليمن واحدا من أخطر مراحله.
وبانطلاق العمليات العسكرية، أطبق الارتباك على طهران، ما جعل تصريحات مسؤوليها تتواتر متضاربة بشكل فضح حقيقة نواياهم و أهدافهم المبيتة ضد اليمن والمنطقة، خصوصا بعد أن بدأت عمليات التحالف بقيادة السعودية تؤتي ثمارها.
ونهاية فبراير/ شباط 2015، أكدت المملكة والحكومة اليمنية ضلوع "حزب الله" اللبناني مباشرة في الحرب بين الحكومة الشرعية والانقلابيين من مليشيا الحوثي، وقوات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، والتخطيط لشن عمليات داخل الأراضي السعودية.
حيثيات سرعان ما أكدها الواقع، حيث استهدفت صواريخ الحوثيين المملكة بشكل شبه متواتر، معلنة عن أجندة إيران السوداء ومخططها الأخطبوطي لإعادة تقسيم المنطقة، وبسط نفوذها عليها.
نحو موقف أوروبي جديد
مؤتمر حول إيران ومصير الاتفاق النووي، يعقد، الثلاثاء، في مركز بروكسل للبحوث وحقوق الإنسان، بالعاصمة البلجيكية، تحت عنوان "دور إيران في شرق أوسط مضطرب: هيكلة استجابة جديدة من الاتحاد الأوروبي".
اجتماع من المنتظر أن يناقش انتهاكات طهران ودورها في الحروب بالوكالة لزعزعة استقرار الشرق الأوسط، علاوة على انتهاكاتها لحقوق الإنسان في الداخل الإيراني من قمع الناشطين وإخفاء قسري وإعدامات خارج القانون وغيره.
نقاط من المنتظر أن تشكل مخرجات موقف أوروبي جديد لهذه الأزمات، ولمنع طهران من امتلاك سلاح نووي يهدد الأمن العربي والدولي، وذلك في أعقاب التقرير البرلماني للاتحاد الأوروبي حول إستراتيجية المنظمة تجاه إيران.
ومن المرتقب أن يخرج المؤتمر بتوصيات قوية قد تسهم في تغيير الموقف الأوروبي الحالي تجاه القضايا ذات الصلة بالاتفاق النووي وانتهاكات طهران في الداخل والخارج، بواسطة دعم المليشيات والخارجين عن الشرعية.