خبراء لـ"العين الإخبارية": إيران تتهاوى والأمور ستزداد سوءا في نوفمبر
مراقبون قالوا لـ"العين الإخبارية"، إن حكومة طهران بدت أقل تماسكا أمام الغضب الشعبي العارم، الذي تزامن مع عقوبات أمريكية.
لم تنجح إجراءات النظام الإيراني حتى الآن في إخماد احتجاجات شعبية تزايدت وتيرتها بشكل لافت، وتصاعدت حدتها حتى وصلت لمطالبات بإسقاط الملالي.
- أسعار النفط ترتفع وسط توقعات بتأثر المعروض بعقوبات إيران
- عقوبات إيران ترتد في صدور عراقيين هرّبوا أموالهم إلى طهران
وقال مراقبون لـ"العين الإخبارية"، إن حكومة طهران بدت أقل تماسكا أمام الغضب الشعبي العارم، الذي تزامن مع عقوبات أمريكية، مر 20 يوما فقط على توقيعها، فيما تنتظرها عقوبات أشد في غضون شهرين، الأمر الذي بات ينذر بمزيد من التهاوي.
ويواجه النظام الإيراني ضغوطا كبيرة، تتعلق بالوضع الاقتصادي الداخلي واحتمالات تفاقمه مع تنفيذ العقوبات الأمريكية، بعد الانسحاب الأمريكي من اتفاق البرنامج النووي الإيراني الذي تم توقيعه عام 2015.
وأعادت واشنطن فرض عقوبات صارمة على إيران، في 7 أغسطس/أب الجاري، بسبب أنشطتها النووية، شملت مشتريات إيران من الدولار الأمريكي، وتجارتها في الذهب والمعادن الثمينة، وقطاع السيارات والسجاد.
وتسببت الأزمات الاقتصادية التي تشهدها إيران حاليا في الإطاحة بعدد من مسؤولي ملف الاقتصاد، أبرزهم وزير الشؤون الاقتصادية والمالية مسعود كرباسيان، ووزير العمل علي ربيعي، إضافة إلى رئيس منظمة التخطيط والموازنة، ومحافظ البنك المركزي الإيراني.
وتشير تلك التغييرات في أهم 4 مؤسسات اقتصادية ومصرفية في إيران، إلى الوضع المتأزم الذي تعيشه المؤسسة الرسمية في البلاد.
وتشهد مناطق متفرقة من إيران حتى اليوم، احتجاجات فئوية وعمالية في ظل تردي الأوضاع المعيشية، وتدهور الاقتصاد المحلي إلى أدنى مؤشراته، وسط حالة من الكساد تعم أسواق الذهب والسيارات وغيرها.
حالة غليان
الدكتورة نسرين مصطفى، الخبيرة في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية بالقاهرة، قالت لـ"العين الإخبارية"، إن إيران تعيش منذ أواخر العام الماضي حالة من الغليان، بدأت بمطالب إصلاحات اقتصادية ثم تطورت لاحتجاجات مناهضة للنظام، وزاد الأمر سوءا بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى وفرض عقوبات وحصار اقتصادي على طهران، ما نتج عنه موقف معقد داخليا وخارجيا، فارتفعت الأسعار 4 أضعاف، إلى جانب عدم استقرار في أسعار العملة والذهب، إضافة إلى انتشار الفساد في جميع قطاعات الدولة.
واعتبرت الخبيرة في الشأن الإيراني أن عزل وزير الاقتصاد في حكومة روحاني هو محاولة للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تعاني منه إيران من جهة، وحصر الموقف في سوء الإدارة فقط لإبعاد أذهان الشعب الإيراني عن الأسباب الحقيقية والتي تتمثل في طموحات إيران في فرض نفوذها في سوريا والعراق واليمن من جهة أخرى، ورغبتها في تطوير برنامجها النووي.
وأكدت أن النظام فرصته ضعيفة في تحقيق نجاحات اقتصادية على أرض الواقع؛ نظرا لاستمراره في تنفيذ مشروعه للتدخل في الدول العربية، مما سيؤدي لاشتعال الاحتجاجات مرة أخرى، فهو مجرد إجراء قد يؤخر اندلاع اضطرابات تضر بالاقتصاد الإيراني الذي يحتاج جهودا كبيرة للتعافي.
وأشارت إلى أن المعارضة الإيرانية سوف تزيد الضغط في الداخل والخارج، في ظل الدعم المقدم من الولايات المتحدة والغرب، خاصة أن الدستور الإيراني يسمح للرئيس مدة تصل لـ3 أشهر مهلة لتعيين وزير جديد وهي فترة قد تسمح للمعارضة بتشجيع إضرابات جديدة.
وواصلت العملة الإيرانية تدهورها أمام الدولار، أمس الأحد، وزاد سعر الدولار أمام العملة المحلية الإيرانية، بحسب موقع "بونابست" المتخصص برصد سوق الصرف الأجنبي، بعد أن سجلت العملة الخضراء 10570 تومان إيراني "التومان يساوي 10 ريالات إيرانية"، فيما توقفت حركة البيع والشراء بالصرافات الرسمية والبنوك أمام المتعاملين الراغبين في تدبير احتياجاتهم من العملة الصعبة التي باتت أزمة متفاقمة في طهران مؤخرا.
تغييرات غير مقنعة
بدورها، قالت الدكتورة نورهان أنور، الخبيرة في الشأن الإيراني، إن "قيام النظام الإيراني بإجراء تعديلات واسعة في رأس المنظومة الاقتصادية، أمر لم يقنع الإيرانيين، فالجميع يدرك أنه لن يؤدي إلى أي تغيرات ما لم تتغير سياسيات النظام الإيراني بالكامل"، وشبهت الاقتصاد الإيراني بـ"السيارة المحدد طريقها، فعند تبديل قائدها لن يتغير مسارها بالضرورة".
وأوضحت الخبيرة في الشأن الإيراني لـ"العين الإخبارية" أن الأزمة في إيران تتفاقم بشكل كبير، والكل يبحث عن ضحية يقدمها قربانا للشعب الغاضب، ولعل جلسة استجواب الرئيس حسن روحاني في البرلمان يوم الثلاثاء المقبل، تأتي في هذا الإطار، حيث يعتبر هذا الاستدعاء الأول للرئيس روحاني، الذي يتعرض لضغوط من خصوم محافظين لتغيير الحكومة.
وتوقعت أن تزيد الأمور سوءا في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مع تطبيق الولايات المتحدة الشق الثاني والأهم من العقوبات المتعلقة بالنفط، والتي تعد عصب الاقتصاد الإيراني، منوهة إلى أن مساعي إيران للالتفاف على تلك العقوبات من تغيير لعقود ملكية شركات النفط، كلها أمور تحايلية تدركها الإدارة الأمريكية جيدا وتعتزم التعامل معها.
وترى الدكتورة نورهان أن النظام الإيراني هو سبب الأزمة والاحتجاجات المتصاعدة هناك، بسبب تدخلاته الخارجية غير المبررة شعبيا في سوريا واليمن ولبنان، والتي تسببت في أزمة اقتصادية.
وأكدت أنه ليس أمام إيران، مع استمرار هذا الضغط، سوى الموافقة على التفاوض وفقا للشروط الأمريكية، إضافة إلى تقديم مزيد من التنازلات للشعب، مع تقليص دورها الخارجي وتدخلاتها العسكرية، مشددة على أن الدول الأوروبية لن تستطيع حمايتها أو الوقوف أمام الإصرار الأمريكي.
خيارات محدودة
ووفقا للدكتور محمد عباس ناجي، رئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية، فإنه لم يعد متاحا للرئيس الإيراني خيارات عديدة في التعامل مع تداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات الأمريكية مجددًا على إيران، مشيرا إلى أن المحافظين الأصوليين بدؤوا ضغوطهم على روحاني بالدعوة إلى إقالة الفريق الاقتصادي في الحكومة، بعد تدهور سعر صرف العملة الوطنية ووصوله إلى ضعف السعر الرسمي الذي أعلنته الحكومة، على نحو أدى إلى إغلاق البازار في العاصمة طهران وبعض المدن الأخرى.
وأشار الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، في دراسة له، إلى أن تلك الخطوة ربما تكون بمثابة إنذار مبكر للرئيس روحاني، إذ إن إصراره على المضي قدما في بعض الإجراءات التي لم تحظ بقبول من جانب خصومه السياسيين، على غرار محاولة تمرير مشروع لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي اعتبره المحافظون خطوة نحو تقليص الدعم الإيراني للتنظيمات الإرهابية والمسلحة الموجودة في بعض دول المنطقة.
وأكد أنه لا يمكن فصل تلك التحركات عن الدعوات التي ظهرت في وسائل الإعلام الإيرانية القريبة من المحافظين، والخاصة بتشكيل حكومة عسكرية يضطلع فيها الحرس الثوري بدور رئيسي في إدارة شؤون الدولة.
وأشار ناجي إلى أن الشركات الأوروبية التي سارعت إلى إبرام صفقات كبيرة مع الحكومة الإيرانية بعد توقيع الاتفاق النووي، استبقت تفعيل العقوبات الأمريكية الجديدة بإعلان الانسحاب من السوق الإيرانية مجددا، مثل شركات "توتال" و"ميرسك" و"جنرال إليكتريك" و"بيجو" وغيرها، مؤكدة أن مصالحها داخل الولايات المتحدة الأمريكية لها الأولوية، بعد أن هددت الإدارة الأمريكية باتخاذ إجراءات قاسية ضد الجهات التي تواصل استثماراتها وتعاملاتها المالية والتجارية داخل إيران.
aXA6IDE4LjIyMC4xMTIuMjEwIA== جزيرة ام اند امز