يبقى موضوع ترامب موضوعا داخليا للولايات المتحدة لن يقلب ويغير سياسات الدولة الرئيسية.
الابتهاج الذي يعكسه الإعلام المحسوب على إيران وحزب الله والجماعات الإسلامية الموالية لهم، وكذلك الإعلام القطري، بأن أيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتت معدودة ليست سوى قراءات رغبوية نتيجة الخوف منه والفشل في مواجهته.
ماذا عن أزمته الحالية؟ ليس هناك شيء يمكن الجزم به، والأرجح أن ترامب باق بقية رئاسته، وإن خرج سيخرج لأسباب، وفي ظروف أعظم مما نسمعه ونراه، الولايات المتحدة دولة مؤسسات لا يستطيع خصوم ترامب التخلص منه دون إجراءات طويلة
وهذا لا ينفي صحة وعمق الأزمة التي يمر بها الرئيس، إنما تقوم الكثير من التحليلات على التمني والتشفي، الأمر الذي سينعكس سلباً على هذه الحكومات، وعلى الوسائل من جمهورها إذا أخطأت توقعاتها، ولا ننسى أن هذا ما حدث لها بعد الانتخابات الأمريكية الماضية؛ فهذه الوسائل نفسها جزمت بأن هزيمة منافسته هيلاري كلينتون هزيمة لحلفاء واشنطن التقليديين في منطقتنا وفوز ترامب انتصار لهم، اعتماداً على أقواله في حملاته الانتخابية، النتيجة ظهرت عكس ذلك، سياسة ترامب هي أفضل ما حدث لدول الخليج في سنين، وكانت كابوساً مريعاً لإيران، أيضاً ضمن القراءات الرغبوية أن وسائل الإعلام في المعسكر المضاد راهنت على أن إدارة ترامب ستتراجع وتبيع مواقفها في قضايا اتفاق إيران النووي، وستفشل مقاطعة قطر، وستفرض حلاً وتنازلات في حرب اليمن، وكذلك ستنسحب من التعاطي في أزمتي سوريا والعراق، لكن النتيجة، وبعد نحو عامين، وحتى الآن خلاف ذلك تماماً.
ماذا عن أزمته الحالية؟ ليس هناك شيء يمكن الجزم به، والأرجح أن ترامب باق بقية رئاسته، وإن خرج سيخرج لأسباب، وفي ظروف أعظم مما نسمعه ونراه. الولايات المتحدة دولة مؤسسات لا يستطيع خصوم ترامب التخلص منه دون إجراءات طويلة، ونظامها رئاسي يختلف عن النظام الأوروبي البرلماني الذي يتولى عادة الحزب التخلص من رئيسه في حال تعقدت أوضاعه، كما حدث لمارغريت تاتشر التي كانت من أعظم من تولى رئاسة وزراء بريطانيا، ومع هذا عزلها حزبها قبل أن تكمل فترة رئاستها الثالثة نتيجة المظاهرات الضخمة ضد قرارات الضرائب غير الشعبية، الرئيس الأمريكي أعلى من حزبه ولا يخرج إلا بالعزل القانوني أو الموت. ولعزله لا بد من أغلبية ساحقة، ثلثي مجلس الشيوخ، تكون مقتنعة بإدانته.
ويبقى موضوع ترامب موضوعاً داخلياً للولايات المتحدة لن يقلب ويغير سياسات الدولة الرئيسية، نائب الرئيس، وغالبية الجمهوريين، تتبنى معظم طروحات ترامب الخارجية، بما فيها قضايا الشرق الأوسط. ومن ثم عهد ترامب يستمر به أو دونه حتى أواخر عام 2020، ستظل سياساته ملاحقة إيران والتضييق عليها بشكل لا سابقة له، وكذلك تأييد الشرعية في اليمن وحربها ضد المليشيات الانفصالية، وربما تكون أكثر تشدداً في العراق وسوريا ضد إيران ومن ينضوي تحت قيادتها.
ومن ثم سياسات ترامب باقية كل هذا العهد، والأرجح أن تستمر في العهد الذي يليه، على اعتبار أنها أعادت السياسة الخارجية على ما كانت عليه قبل رئاسة أوباما الثانية والتي كانت هي الشذوذ.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة