واشنطن وطهران في فيينا.. مَن يرخي الحبل أولا؟
من المنتظر أن تنطلق، اليوم الثلاثاء، جولة جديدة من مفاوضات فيينا وسط تفاؤل إيراني روسي وحديث عن مرحلة الوصول لصياغة اتفاق.
التفاؤل الروسي الإيراني لم يمنع من إشارة المسؤولين في تصريحاتهم إلى "صعوبة المهمة"، حيث تفرض طهران وواشنطن شروطا متقابلة، ما يطرح التساؤل المشروع من يتنازل أولا؟
فخلال ما يزيد على أسبوعين من التفاوض بين إيران والقوى الدولية التي ترتبط مع طهران بالاتفاق النووي في العاصمة النمساوية فيينا، لا يزال الحديث عن توافق مبكرا.
الولايات المتحدة رغم تصريحات مسؤوليها عن الاستعداد لحل يعيد العمل باتفاق 2015، لا يبدو في الوارد تنازلها عن العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب 2018، بعد انسحابه من الاتفاق، كما أن إيران تضع يدا في التفاوض وأخرى في زيادة تخصيب اليورانيوم في انتهاك واضح لالتزاماتها.
وتعهدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، فعلا بالعودة إلى اتفاق 2015، وأنها مستعدة "لرفع كل العقوبات التي لا تتسق" معه.
وبينما تستمر مفاوضات فيينا أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الإثنين أنها دخلت في محادثات مع إيران للحصول على تفسيرات بشأن آثار يورانيوم عُثر عليها في موقع نووي.
تنازل واتفاق مؤقت؟
وتطالب الوكالة التابعة للأمم المتحدة إيران بتقديم تفسيرات حول منشأ آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في مواقع لم تعلن عنها إيران من قبل.
وفي طهران يتحدث مسؤولون إيرانيون عن احتمال عقد اتفاق مؤقت، في سعي منهم فيما يبدو لكسب الوقت للتوصل إلى تسوية دائمة.
أحد هؤلاء المسؤولين أشار إلى احتمال تنازل من جانب طهران بقوله إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن الخطوات الفنية لرفع جميع العقوبات، فقد تعلق طهران تخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء 20 بالمئة في مقابل الإفراج عن أموالها المحتجزة في دول أخرى.
وتقول إيران إن 20 مليار دولار من إيراداتها النفطية مجمدة في دول مثل كوريا الجنوبية والعراق والصين بموجب نظام العقوبات الأمريكي الساري منذ 2018.
وقال المسؤول الإيراني لوكالة رويترز أمس الاثنين إن "الموعد النهائي الذي يحل في مايو يقترب... ما يُناقش في فيينا بالنسبة للأجل القريب هو الخطوط العريضة الرئيسية لاتفاق مؤقت لمنح كل الأطراف مزيدا من الوقت لحل المشاكل الفنية المعقدة".
وكان المسؤول يشير إلى قانون أقره البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه غلاة المتشددين ويلزم الحكومة بتشديد موقفها النووي إذا لم تُرفع العقوبات.
المناورة الإيرانية لكسب الوقت مفهومة في سياق استحقاقات زمنية متعلقة بالبرنامج النووي وبالوضع السياسي الداخلي، إذ ينتظر أن يعقد مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر اجتماعه الحاسم لتقييم إيفاء طهران بالتزاماتها.
كما أن إيران ستكسب وقتا إضافيا في هذه المدة، لتجاوز انتخابات الرئاسة المقررة في 18 يونيو/ حزيران؛ أي بعد شهرين من الآن.
وساعد اتفاق تم التوصل إليه لعقد محادثات فيينا الجارية في إقناع القوى الأوروبية بتأجيل محاولات استصدار قرار ينتقد إيران في اجتماع مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة الشهر الماضي.
وأدى ذلك إلى تجنب تصعيد بين إيران والغرب من شأنه أن يلحق الضرر بجهود إعادة واشنطن وطهران للامتثال الكامل لاتفاق 2015 الذي وافقت إيران بموجبه على كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات.
وتجاوز الاتفاق النووي الإيراني بشكل فعلي ما تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووكالات المخابرات الأمريكية أنه برنامج سري منسق للأسلحة النووية أوقفته إيران في 2003، فيما تنفي إيران السعي قط لامتلاك أسلحة نووية.
واشنطن: لا تنازل
ويقول دبلوماسيون إن اتخاذ خطوات متزامنة من كل طرف قد يقدم حلا، لكن واشنطن، وعلى لسان مستشار البيت الأبيض للأمن القومي، جيك سوليفان، أكدت عدم نيتها تقديم أي تنازلات لطهران، ورفضها رفع العقوبات، قبل تطبيق إيران التزاماتها، التي تعهدت بها عام 2015.
واشنطن لم تشارك حتى الآن في مفاوضات فيينا بشكل مباشر رغم وجود فريق لها هناك.
غير أن متحدثا باسم الخارجية الأمريكية في تعليق له على المحادثات قال إن الفريق الأمريكي "يستكشف السبل الملموسة المتعلقة بالخطوات التي ينبغي أن تتخذها إيران والولايات المتحدة للعودة للالتزام المتبادل".
وبدا المسؤول نفسه متفائلا حين قال إن "المناقشات شاملة وعميقة حتى وإن كانت غير مباشرة... لم تحدث انفراجة، لكننا لم نكن نتوقع أن تكون هذه العملية سهلة أو سريعة".
وتوقع أن تعود الوفود لبلادها للتشاور في مرحلة ما، لكنه لم يحدد توقيتا ذلك.
الدفع الأوروبي والتفاؤل الروسي الإيراني، والإيحاءات الأمريكية غير المتشائمة، تشير إلى أن تقدما قد يحرز في محادثات فيينا خلال الأيام القادمة، لكن من الواضح أن ذلك سيكون على حساب طهران، بتنازل يكبح سعيها لامتلاك القنبلة النووية ولو مؤقتا.
aXA6IDE4LjE4OC4xODMuMjEg جزيرة ام اند امز