العلاقة بين الرياض وطهران تنبئنا عن حجم الحرب التي قادتها إيران وكيف استطاعت الرياض الرد عليها والمناورة حولها
لم تكن علاقة الإيرانيين مع محيطها وجيرانها في صورة حسنة أبدا منذ بداية الاحتجاجات على الشاه التي قادها الملالي والانقلاب على الحكم عام 1979، لقد بدأ الملالي من فورهم حربا ضروسا لم تنطفئ نيرانها لليوم، كانت أولى حروبهم موجهة ضد الشعب الإيراني نفسه، فقد قام الحكام الجدد في طهران بتصفية وقتل وتشريد ملايين الإيرانيين من المحسوبين على النظام السابق أو من يشتبه في عدم ولائهم للثورة، حينها أقيمت المحاكمات السريعة في الشوارع وشنق عشرات الآلاف.
كان ذلك ملخصا سريعا لما يفعله رأس الشر في الخليج والعالم، وعلى دول العالم الإسلامي اتخاذ موقف صارم، فلا يوجد أكثر من الاعتداء على مكة المكرمة
ما إن انتهى الملالي من احتلال الشعب الإيراني والتمكن من رقبته، حتى التفتوا باتجاه المملكة والعراق، وتمكنوا من العراق بعد حرب طويلة وخيانات ومؤامرات انتهت بسقوط بغداد تحت أقدام الطغاة، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يتمكنوا من السعودية.
كان الحقد والطمع الإيراني هو المحرك الأساسي للعلاقة بين طهران وبغداد، للأسباب التالية..
أولا: العراق هو حاضن المراقد الشيعية، بما تحمله من نفوذ لدى متقلدي المذهب، وما تحمله في الذاكرة الشيعية ومحركة لوجدانهم.
ثانيا: لا يزال يحمل الملالي أحلام فارس القديمة باستعادة احتلال أرض الرافدين، والانتقام من هزيمة معركة القادسية المهينة التي كسرت تلك الإمبراطورية.
ثالثا: التحكم في الموارد المالية والنفطية الهائلة التي يملكها العراق.
أما السعودية.. فقد كانت خصومة الإيرانيين معها ممتدة ومتخذة أطوارا عديدة، أما الأسباب فيمكن تلخيص بعضها في التالي:
السعودية حاضنة الحرمين الشريفين، ما يعطيها تلك المكانة الرفيعة في عالمها ومحيطها، ورأس العالم الإسلامي وبوابته الكبيرة، وتراجع الدور السعودي أو انشغاله سيتيح للإيرانيين قضم العالم العربي والإسلامي بسهولة.
العلاقة بين الرياض وطهران تنبئنا عن حجم الحرب التي قادتها إيران، وكيف استطاعت الرياض الرد عليها والمناورة حولها، بما أفشل كل المشاريع الإرهابية العابرة لملالي قم.
وقفت الرياض بصلابة مع العراق لمقاومة الحرب الظالمة التي قادتها إيران ضده، كان واجبا عروبيا وإسلاميا خالصا، ولولا ذلك الوقوف لكان الإيرانيون اليوم يحتلون نصف العالم العربي على الأقل.
لم تتوقف طهران عن أعمالها الحربية العبثية، بل تمددت لمحاولة زعزعة الداخل السعودي عبر مجموعة من الأعمال العدائية والخطيرة.
بدأت في عام 1984 بمحاولات اختراق المجال الجوي السعودي، وإغراق السفن الناقلة للنفط ودخول المياه الإقليمية، بالطبع أسفرت تلك المحاولات عن رد سعودي صاعق بإسقاط الطائرات الإيرانية وردعها، وإرسال رسالة عن عزم السعودية قصف ميناء بوشهر في حال لم تتوقف طهران عن أعمالها العدائية.
في عام 1986 أعلنت وزارة الداخلية السعودية ضبط كمية هائلة من متفجرات السي فور شديدة التأثير في حقائب أفراد من الحرس الثوري كانوا ضمن بعثة الحج الإيرانية، كان الإيرانيون يعتزمون تشريكها وتفجير المشاعر وإحداث أضرار هائلة في أهم مناسك المسلمين، كان من الممكن أن تسفر عن مقتل مئات الآلاف من الحجاج الأبرياء.
في عام 1987 قام الإيرانيون باجتياح أحياء وشوارع مكة والاعتداء على رجال الأمن والمواطنين والحجاج، وقتل كل من يقف في طريقهم في محاولتهم لاحتلال الحرم المكي الشريف، أسفر ذلك عن مقتل وجرح المئات، استخدم فيها الإيرانيون السيوف والسكاكين والسواطير وكل ما يمكن أن يسبب قتلا وإيذاء لغيرهم، استطاعت السلطات الأمنية السعودية إيقافهم بعد اشتباكات طويلة.
لم تكتفِ إيران بذلك بل قامت جماعة حزب الله الحجاز التابعة لطهران بعدة تفجيرات في السعودية، مثل تفجير الجعيمة 1987 وتفجير الجبيل 1988، كما قامت مجموعة حزب الله الكويتي في 1989 بتفجير أنفاق المعيصم في مكة المكرمة وخلال مشعر الحج، دون مراعة لذمة المناسك ولا قدسية المكان.
1996 نفذت إيران اعتداء غاشما بتفجير أبراج الخبر، مستخدمة حزب الله اللبناني وبعض الخونة من الداخل.
من عام 2009 وحتى اليوم نفذت إيران مخططات إضافية عبر مقاولين من الباطن، من أهمهم مليشيات الحوثيين الذين اعتدوا على الحدود السعودية، وأطلقوا مئتي صاروخ ضد المدن السعودية على رأسها مكة المكرمة في تعدٍّ على أقدس أقداس المسلمين.
كان ذلك ملخصا سريعا لما يفعله رأس الشر في الخليج والعالم، وعلى دول العالم الإسلامي اتخاذ موقف صارم، فلا يوجد أكثر من الاعتداء على مكة المكرمة.
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة